المسحراتي.. مبادرة شبابية لإيقاظ سكان غزة في سحور رمضان
الفريق الشبابي أحيا فكرة المسحراتي بمبادرة حملت الاسم نفسه، وانطلق في موعد السحور بطريقة غير تقليدية ليضفي أجواء من البهجة
بقرع الطبول وهتاف "اصحى يا نايم وحد الدايم" جاب فريق شبابي بزي مهرجين شوارع غزة لإيقاظ السكان في أول سحور بشهر رمضان.
وأحيا الفريق الشبابي فكرة المسحراتي بمبادرة حملت الاسم نفسه، وانطلق في موعد السحور بطريقة غير تقليدية ليضفي أجواء من البهجة على شهر رمضان الذي يأتي وسط ظروف غير تقليدية بسبب تفشي فيروس كورونا.
وارتدى اثنان من أعضاء الفريق زي المهرجين، والثالث ارتدى زي أرنب كبير الحجم، فيما حمل الرابع بالزي التراثي الطبلة ليقرعها بألحان جميلة، ليجوبوا الشوارع والأزقة لإيقاظ السكان لتناول طعام السحور.
وشق صوت "اصحى يا نايم وحد الدايم.. رمضان كريم.. قوموا إلى سحوركم تسحروا فإن في السحور بركة" سكون ما قبل الفجر، وخرج بعض الأهالي للترحيب بالفريق الشبابي المتطوع.
وقال فايز أبوعكر، منسق فريق ألوان الترفيهي القائم على مبادرة مسحراتي لـ"العين الإخبارية": "الفريق مكون من 5 شبان متطوعين، اختاروا أن يبادروا لإضفاء أجواء البهجة وإحياء الأجواء الرمضانية، خاصة في ظل أزمة كورونا".
وأوضح أن هذه المبادرة الجديدة جزء من سلسلة مبادرات تطوعية ترفيهية انطلقت في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع غزة المحاصر، بالتزامن مع الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي فيروس كورونا.
وذكر أن الفريق قام مؤخرا بجولات في المخيمات لتقديم الدعم النفسي للأطفال عبر أنشطة ترفيهية لفريق البهلوانيين وتقديم الألعاب المختلفة؛ للتخفيف من الضغط النفسي في ظل الحجر المنزلي، وذلك عبر مبادرة خليك في البيت.
المهرج فايز محارب، 25 عاما، أحد أعضاء الفريق، عبر عن سعادته للمشاركة في مبادرة المسحراتي لإحياء أجواء رمضان وإدخال البهجة لدى الأهالي خاصة مع القيود التي غيرت الشكل التقليدي لأجواء رمضان في قطاع غزة.
ووضعت الجهات الحكومية في غزة قيودا على حركة الأسواق الشعبية خلال شهر رمضان، وهي الأسواق التي كانت إحدى سمات الشهر الفضيل، فيما أعلن عن إغلاق المساجد.
وقال محارب لـ"العين الإخبارية": "فريقنا التطوعي يهدف لإحياء المناسبات المختلفة والتخفيف عن أبناء شعبنا، والتأكيد على أننا قادرون أن نتجاوز الأزمات المختلفة، ونعيش الحياة رغم قسوتها لنرسم الأمل ونحلم بالمستقبل الجميل".
والمسحراتي هو تقليد قديم في الدول العربية بحيث يأخذ شخص أو مجموعة أشخاص على عاتقهم إيقاظ سكان حيهم في ليالي شهر رمضان لتناول وجبة السحور.
ورغم تراجع دور المسحراتي في الكثير من الدول العربية بسبب تطور وسائل التكنولوجيا، فإنه حافظ على حضوره بنسب متفاوتة كشكل تراثي جميل يضفي أجواء البهجة في شهر رمضان، خاصة أن بعض مبادرات المسحراتية وظفت بعض الأصوات الجميلة لتقديم الوشائح والأناشيد وإيقاظ الناس بأشكال جميلة.
ووفقًا للعديد من المصادر التاريخية، فإن الصحابي الجليل بلال بن رباح يعد أول مسحراتي في التاريخ، حيث طلب منه الرسول صلى الله عليه وسلم، أن يجوب الطرقات ليلا لإيقاظ الناس للسحور، وذلك لجمال صوته العذب.
وظهر دور "المسحراتي" مرة أخرى في العصر الفاطمي بأمر رسمي من الحاكم بأمر الله، ولكن بشكل آخر، حيث أمر جنوده بالذهاب إلى المنازل وإيقاظ الناس، وذلك بعدما أمرهم بالنوم مبكرا بعد صلاة التراويح.
وفي عصر الدولة العباسية، يعد عتبة بن إسحاق أول الولاة، وكان واليا على مصر، أول من كانوا يسحرون الناس، فكان يخرج بنفسه سيرا على قدميه لإيقاظ الناس مرددا: "يا عباد الله تسحروا، فإن في السحور بركة"، ويخبط على أبوابهم بالعصا، بينما كان أهل الشام يطوفون المنازل ويعزفون الأناشيد الخاصة برمضان لإيقاظ الناس.