انهيار تاريخي في أسعار الشحن البحري.. التجارة العالمية على أعتاب ركود صامت

تشهد حركة الشحن البحري العالمية اضطرابات ملحوظة، إذ انخفضت أسعار الشحن من الصين إلى الساحل الغربي للولايات المتحدة بنسبة 68% عن أعلى مستوياتها في يونيو/حزيران الماضي.
ويعكس هذا التراجع أن موسم ذروة الشحن لهذا العام جاء أبكر وأقصر من المعتاد، وسط حذر ملحوظ من تجار التجزئة والمصنعين الأمريكيين في ظل أجواء اقتصادية وتجارية متقلبة.
ويرجع هذا الحذر إلى حالة عدم اليقين بشأن التعريفات الجمركية والسياسات التجارية الأمريكية، إضافة إلى مخاوف تتعلق بضعف إنفاق المستهلكين. وقد زادت الشكوك مع قرار محكمة الاستئناف الفيدرالية يوم الجمعة، الذي ألغى العديد من الرسوم الجمركية التي فرضتها الإدارة الأمريكية، مع الإبقاء عليها حتى منتصف أكتوبر/تشرين الأول لمنح الإدارة فرصة للاستئناف أمام المحكمة العليا.
وفي هذا السياق، قال مايكل ألدويل، نائب الرئيس التنفيذي للخدمات اللوجستية البحرية في شركة Kuehne + Nagel International، إحدى كبرى شركات الشحن العالمية: "يخبرنا العملاء بأن التخطيط أصبح صعبًا للغاية في ظل هذه الظروف."
وأضاف ألدويل أن بعض المستوردين خفّضوا مستويات المخزون بسبب حالة عدم اليقين الاقتصادي، بينما لا يزال آخرون يعتمدون على مخزونات ضخمة تم تحصيلها مسبقًا لتفادي الرسوم الجمركية.
وبحسب بيانات Drewry Shipping Consultants في لندن، انخفض متوسط تكلفة شحن الحاويات (40 قدمًا) عالميًا للأسبوع الحادي عشر على التوالي ليصل إلى 2119 دولارًا، بانخفاض 40% عن ذروته في منتصف يونيو/حزيران.
أما أسعار الشحن من الصين إلى الساحل الغربي الأمريكي، وفقًا لشركة Xeneta، فقد بلغت في الأول من سبتمبر/أيلول نحو 1802 دولار مقارنة بـ5553 دولارا في يونيو/حزيران، وهو أدنى مستوى منذ ديسمبر/كانون الأول 2023.
ويأتي هذا الانخفاض بعد أن أجبرت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر شركات النقل على تحويل مسار السفن بعيدًا عن قناة السويس نحو مسارات أطول عبر القرن الأفريقي، ما رفع الأسعار لفترة قصيرة.
وأوضح بيتر ساند، كبير المحللين في "زينيتا"، أن تحويلات قناة السويس ما زالت تدعم أسعار بعض الخطوط، لكن الطلب العام على مساحات الشحن ليس قويًا: "لا يبدو أن أيًا من الشاحنين في حاجة ماسة للاستيراد."
من جانب آخر، عانى قطاع التجزئة من تقلبات حادة نتيجة سياسات التعريفات الجمركية المتغيرة، بدءًا من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أبريل/نيسان عن رسوم على معظم الشركاء التجاريين، وصولًا إلى تعديلات متكررة ورسوم مستهدفة جديدة.
وفي موانئ لوس أنجلوس ولونغ بيتش، البوابتين الرئيسيتين للواردات من الصين، انخفضت حركة الشحن في مايو/أيار بنسبة 24% مقارنة بالشهر السابق، قبل أن يسجل المجمع في يوليو/تموز رقمًا قياسيًا بتجاوز مليون حاوية استيراد لأول مرة.
ويتوقع الاتحاد الوطني لتجارة التجزئة أن تبلغ الواردات الأمريكية في سبتمبر/أيلول 1.83 مليون حاوية (مكافئ 20 قدمًا)، أي أقل بنحو 20% عن العام الماضي. كما يتوقع مؤشر الموانئ العالمي انخفاضًا شهريًا في الواردات بنسبة تتراوح بين 19% و21% حتى نهاية العام.