ميناء أوديسا بأوكرانيا.. "رئة العالم البحرية" تحت القصف

أعاد القصف الروسي لميناء أوديسا الأوكراني تلك البوابة البحرية الاستراتيجية لدائرة الضوء، خاصة مع مخاوف دولية من "غرق" اتفاق الحبوب.

ورغم الاتهامات الأوكرانية لروسيا ونفي موسكو لها في اتصالات مع الوسيط "تركيا" حول التورط في هذه الضربات، أكدت المتحدثة باسم الخارجية الروسية الأحد تدمير بنى تحتية عسكرية في ميناء أوديسا الحيوي لتصدير الحبوب.

وردا على بيان للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قال فيه إن هذه الضربات قوضت إمكانية الحوار أو التفاهم مع موسكو، قالت ماريا زاخاروفا على "تلجرام" إن "صواريخ كاليبر دمرت بنى تحتية عسكرية في ميناء أوديسا بضربة عالية الدقة".

تلك الضربات على أوديسا، جاءت بعد يوم من اتفاق توصلت إليه موسكو وكييف للسماح بشحن ملايين الأطنان من الحبوب المحتجزة وتخفيف أزمة الغذاء العالمية، مما أثار إدانات غربية.

وينص أبرز بند تضمّنه الاتّفاق الموقع الجمعة، على إقامة "ممرّات آمنة" من شأنها السماح بعبور السفن التجاريّة في البحر الأسود، وقد تعهّدت موسكو وكييف "عدم مهاجمتها"، حسب مسؤول أممي.

ويسمح الاتّفاق بتصدير بين 20 و25 مليون طنّ من الحبوب المحاصرة في أوكرانيا، معظمها ستخرج من أوديسا، مما يقلل من مخاطر حدوث أزمة غذاء عالمية.. إذن فما قصة هذا الميناء؟ 

الأكبر بأوكرانيا

ميناء أوديسا يعد واحدًا من أكبر وأكثر موانئ البحر الأسود ازدحامًا، وتتملكه هيئة الموانئ البحرية الأوكرانية، وافتتح في عام 1974، حيث يعتبر أكبر ميناء بحري في البلد الأوراسي.

ويقع ميناء أوديسا على الساحل الشمالي الغربي للبحر الأسود، في الطرف الجنوبي الغربي من خليج أوديسا، على بعد حوالي 150 كيلومترًا من الحدود الرومانية. ويضم 54 رصيفًا، مقسمة بين العديد من مرافق مناولة البضائع المتخصصة والموانئ، والتي يتم عزلها من البحر المفتوح بواسطة عدد قليل من حواجز الأمواج الطويلة.

ومع أعماق تتراوح من 7 أمتار إلى 11.5 مترًا، وخط رسو 9000 متر ، يمكن لميناء أوديسا أن يستوعب سفنًا بحد أقصى يبلغ 330 مترًا وعرض 40 مترًا وغاطسًا يبلغ 13 مترًا.

كسر الجليد

يعمل الميناء على مدار العام، لكن هناك حاجة إلى المساعدة في كسر الجليد خلال أشهر الشتاء الباردة. وعلى الرغم من أنه يحتوي على ميناء محمي جيدًا، إلا أنه يواجه أقوى رياح تهب من الشمال، بحسب موقع "مارين إنسايت".

• واشنطن تندد بـ"هجوم أوديسا".. وقوات أوكرانية تتوغل في خيرسون

وتبلغ طاقة شحن ميناء أوديسا السنوية 40 مليون طن بما في ذلك 15 مليون طن من البضائع الجافة و25 مليون طن من المواد السائلة، وعلى الرغم من أنه ميناء متعدد الوظائف يتعامل مع مجموعة متنوعة من سلع التصدير والاستيراد، إلا أنه يُعرف بأنه مرفق تصدير مكاسب رئيسي في منطقة البحر الأبيض المتوسط.

ويرتبط الميناء مباشرة بشبكة السكك الحديدية الوطنية في البلاد والطريق السريع الرئيسي، مما يساعد على نقل البضائع بشكل أسرع من منطقة الميناء إلى المدن الرئيسية في المنطقة.

تم تجهيز محطة الحاويات في أوديسا بأحدث نظام تتبع يوفر تتبعًا للحاويات في الوقت الفعلي ونظام مسح آلي بالكامل مما يتيح معالجة أسرع.

ويمكن أن تتعامل مع أكثر من 900 ألف حاوية نمطية سنويًا على أرصفتها الخمسة المخصصة القادرة على استقبال أكبر سفن الحاويات في العالم.

وبجوار محطة الحاويات توجد منطقة اقتصادية خاصة مبنية على رصيف الحجر الصحي بالميناء، وتغطي ثلاثة كيلومترات. ويُعرف أيضًا باسم الميناء الحر، وقد بدأ تشغيله في عام 2003، لجذب الشركات الأجنبية والاستثمارات الخارجية، وخلق وظائف جديدة، وإقامة علاقات اقتصادية خارجية قوية، والمساعدة في تطوير البنية التحتية والتكنولوجية الإضافية لميناء أوديسا.

• روسيا تكشف سبب قصفها ميناء أوديسا بأوكرانيا

ويحتوي ميناء أوديسا على أحد أقدم أحواض بناء السفن في أوكرانيا، والذي تم تأسيسه من المتاجر الأميرالية لأسطول البحر الأسود قبل سنوات قليلة من إنشاء المدينة الساحلية، ويغطي 75.524 مترًا مربعًا ويمكن أن يستوعب السفن التي يصل حجم إزاحتها القصوى إلى 30000 طن، بحسب موقع "مارين إنسايت".

في الوقت الحاضر، يتم الترحيب بالسفن البحرية التجارية من جميع الدول في حوض بناء السفن هذا، ويبلغ طول رصيفها الإجمالي 1230 مترًا بينما تمتد 5 أرصفة لإصلاح السفن على أكثر من 600 متر وأعماق تصل إلى 7.2 مترًا.

أكبر محطة للوقود

يشار إلى ميناء أوديسا أحيانًا باسم منطقة النفط، والتي تقع في الجزء الشرقي من منطقة الميناء الرئيسية التي تتعامل مع 15000 طن من النفط الخام، و6200000 طن من زيت الوقود، و2500000 طن من الديزل، و800000 طن من البنزين وزيت الغاز، وهي مجهزة بنظام أمان عالي لمنع أي حوادث كبيرة أو تسرب النفط.

وتتألف من ستة أرصفة بسعة تخزين إجمالية تزيد عن 61000 متر مكعب، وهي تخدم العديد من شركات النفط والغاز، ويمكن لها أن تستوعب ناقلات النفط بسعات حمولة تتراوح من 1000 طن إلى 100000 طن.

وتقع محطة أوديسا للركاب في قلب المقاطعة التاريخية بالمدينة، وهي منشأة فاخرة إلى حد ما توفر الراحة القصوى، وتقع الواجهة البحرية الجميلة على بعد أربعة كيلومترات فقط من محطة السكة الحديد المركزية والمطار الدولي.

وتعد المحطة مركزًا ترفيهيًا في حد ذاته، وتحتوي على معرض فني بحري، ومجمع فندقي من فئة الأربع نجوم، وقاعة للحفلات الموسيقية والمعارض، ومكاتب لوكالات السفر البارزة، ومجمع لليخوت.

وكان حوالي 4 ملايين سائح يصلون إلى المحطة كل عام من الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج وألمانيا وإيطاليا، وهي قادرة على إرساء حتى أكبر سفن الرحلات البحرية، ويمكن لمحطة الركاب أن تستوعب خمس سفن بحرية في وقت واحد على أرصفة الركاب السبعة التي تمتد على مسافة 1370 مترًا وبأعماق تتراوح من 10 إلى 11.5 مترًا على التوالي.

وتوجد داخل المبنى غرف انتظار وصالات مكيفة ومقاهي وبارات وقاعة طعام ومكتب مساعدة وما إلى ذلك. وتتوفر أيضًا خدمات البنوك والسكك الحديدية وحجز التذاكر لراحة الركاب.

قوارب ميناء أوديسا

مكان آخر مثير للاهتمام في ميناء أوديسا، وهو مركز الغوص الذي يقدم رحلات استكشافية مثيرة تحت الماء لأكثر من 50 سفينة. ويمكن استئجار المعدات بالساعة وحتى يمكن استئجار مدرب شخصي.

ويغطي المعرض الفني البحري مساحة 1070 مترًا مربعًا ويقيم معارض شيقة تحت عنوان الحياة المائية. ويحتوي على لوحات ورسومات نحتية وفنون تصويرية أنشأها فنانون من أوكرانيا ودول أخرى.

وتضم المحطة أيضًا كنيسة القديس نيكولاس، التي بنيت عام 1801 للبحارة الذين يصلون إلى ميناء أوديسا. وتم تجديدها في عام 1993 وتقع بالقرب من مجمع اليخوت.

وأوديسا هي رابع أكبر مدينة في أوكرانيا وموطن لقطاع صناعي متنوع، وتشتهر بصناعاتها الكيماوية المنتجة للدهانات والأصباغ الطبيعية والاصطناعية والأسمدة.

كما توجد العديد من مصافي النفط ومصانع تشغيل المعادن ووحدات تصنيع الأغذية في الجزء الغربي من المدينة. ويتم تصدير المنتجات النهائية لهذه الشركات عن طريق ميناء أوديسا.

وتوجد بعض مصانع المعالجة بالقرب من الواجهة البحرية ويمكن العثور على المصانع المشيدة حديثًا بالقرب من مباني المحطة.

سوق لأوروبا 

سوق الكيلومتر السابع مصنوع من حاويات فارغة تركتها شركة شحن ألمانية. ويُعرف باسم أكبر سوق أوروبي لمنتجات الجملة والتجزئة. ومن المثير للاهتمام أن حاويات الشحن الفارغة تستخدم عادة كأكشاك في السوق ومستودعات في دول الاتحاد السوفيتي السابق.

وهي أيضًا واحدة من أكبر الأسواق المفتوحة في أوروبا، حيث تغطي حوالي 170 هكتارًا. وتضم جميع أنواع المنتجات، بدءًا من الإلكترونيات وحتى القطع الرائعة من الأواني الفخارية أو المنسوجات والأحذية والساعات والملابس العصرية وغير ذلك الكثير.

وتصل تلك المنتجات إلى ميناء أوديسا ثم يتم نقلها إلى هذا السوق. وتباع العناصر المستوردة بشكل أساسي من الصين وتايلاند وإندونيسيا وسنغافورة ودول آسيوية أخرى في معظم المتاجر.

وتضم مدينة أوديسا الساحلية العديد من الشواطئ الهادئة مثل أركاديا وهو أشهر شواطئ أوكرانيا بالقرب من وسط المدينة. وتحتوي على منتجع صحي ومطاعم المأكولات البحرية التي تقدم الطعام في الهواء الطلق.