إن المسلمين وغير المسلمين يتفقون على ضرورة منع الاستفزازات التي يستغلها المتاجرون بالدين.لتوسيع دائرة انتشارهم.
قد تكون الكتابة عن الأحداث التي جرت خلال الأسبوع المنصرم؛ من مقتل المدرس الفرنسي على يد لاجئ بطريقة مروعة، حتى تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمراً بالغ الحساسية، لاسيما في ضوء ما تعيشه منطقتنا اليوم من أحداث متلاحقة يختلط فيها العقائدي بالسياسي والحزبي، ويتم فيه عن قصد تزوير الحقائق وطمسها، والاتهام بالخذلان والتبعية.
ومنذ اليوم الأول خرجت الأخبار المزيفة من قبل تيارات إسلامية لشحن مشاعر المسلمين، ما أنتج حادثة طعن أخرى في مدينة نيس بعدها بأيام، لتضع الجاليات المسلمة في فرنسا -ودول غربية أخرى- في موقف لا يحسدون عليه، حيث بدأت مشاعر الغضب أو ربما الكراهية تلاحقهم في كل اتجاه.
إن ما جرى من تعليقات عبر وسائل التواصل الاجتماعي تصف حالة من الارتباك التي يعاني منها الرأي العام العربي، تتساوق مع الحالة العاطفية التي تغرق فيها الجماهير حين تجد من يعبث بها مستغلاً الموجة ليلفت النظر تجاهه، وليحشد أكبر قدر من المتعاطفين مع قضاياه الخاصة والتي لا تمت إلى الإسلام بصلة.
لا يختلف عاقلان على أن الإساءة الحقيقية للإسلام وللنبي محمد صلى الله عليه وسلم تصدر من دعاة الإرهاب ومرتكبي الجرائم الوحشية وأصحاب الفتاوى القروسطية الذين يسهلون على أصحاب الهجمات الشرسة على الإسلام والمسلمين التشهير بالدين الحنيف واتهامه بالعنف والتسلط، إضافة إلى استغلال الأحداث الإرهابية والتصرفات التي تنتشر بسهولة على وسائل التواصل، للغاية ذاتها.
وقد أكد الرئيس الفرنسي موجِّهاً رسالته باللغة العربية أنَّ "البعض نسب إليه دعم الرسومات الكاريكاتورية، وأنه رأى الكثير من الأكاذيب، مشدداً على أنه يكافح الإرهاب الذي يرتكب باسم الإسلام، وليس الإسلام بحدِّ ذاته"، لكن هناك مَن أرادوا خلط الأوراق، والاصطياد في الماء العكر من أجل مآرب أخرى.
ورغم الاختلاف العميق في الرؤى بين حدود حرية التعبير فيما يخص التعرض إلى الرموز الدينية، فإن المسلمين وغير المسلمين يتفقون على ضرورة منع الاستفزازات التي يستغلها المتاجرون بالدين لتوسيع دائرة انتشارهم، ما يزيد من مشاعر الكراهية التي لا يحتاج العالم إلى مزيد منها، في المقابل فإن كل مسلم يرفض بشكل قاطع أفعال الإرهابيين القتلة، الذين لا يفرقون بين دين وآخر في جرائمهم.
لقد حاربت دول عربية كبرى الإرهاب في وقت مبكر، وحذرت منه جميع الدول، وفصلته بشكل واضح عن الإسلام السمح وأغلقت بؤره التي انتقل كثير منها إلى أوروبا للأسف؛ لأن هؤلاء لا يمثلون الإسلام، ولا المسلمين، وآن الأوان لتكثيف الحملات الإعلامية لإيصال صورة الإسلام الحق إلى العالم، لاسيما أولئك الذين يجهلون حقيقة هذا الدين العظيم المتسامح والذي يحمل قيماً عليا وأخلاقاً راقية، وإن لم يلتزم بها قلة قليلة جدًّا من أتباعه.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة