شبكات إجرامية لـ"مافيا داعش".. تمويل عابر للحدود
بعد عامين من خسارة آخر مناطقه شرقي سوريا، يبدو أن "داعش" تحول نحو الاستثمار في الشبكات الإجرامية لتمويل أنشطته العابرة للحدود.
ووفق موقع "صوت أمريكا"، حذر مسؤولون وخبراء عسكريون من أن النشاط الإرهابي المتنامي لـ"داعش" في سوريا والعراق، بالأشهر الأخيرة، وقع إلى حد بعيد بسبب أن التنظيم لا يزال قادرًا على توليد الأموال من الشبكات الإجرامية.
وخلال آخر هجوم على مسلحي داعش في دير الزور، اكتشفت "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) المدعومة أمريكيا، مخبأ يضم كميات هائلة من الأسلحة والذخيرة والأموال.
ونقل الموقع عن مسؤول بـ"قسد"، قوله: "كلما نفذنا عملية ضد إرهابيي داعش، نجد الكثير من الأسلحة والأموال".
وأضاف المسؤول، مفضلا عدم كشف هويته لأنه غير مخول له مناقشة المسألة، أنه "من الواضح أنهم يملكون الكثير من المال لتمويل الإرهاب في المنطقة".
وطبقًا لوزارة الخزانة الأمريكية، يملك داعش ما يقدر بـ100 مليون دولار في الاحتياطيات النقدية.
ويعتقد خبراء أن جزءا كبيرا من تلك الأموال قد تكون من الفترة التي سيطر فيها داعش على مساحات كبيرة من الأراضي بالعراق وسوريا، لا سيما عندما قدم عملته الخاصة.
وقال أيمن جواد التميمي، الباحث بجامعة "سوانسي" في بريطانيا: "خلال عامي 2017 و2018، بينما كان التنظيم ينهار، فرضوا عملة الدينار الخاصة بهم، وجعلوا السكان يتعاملون بها".
وأضاف التميمي، في تصريح لموقع "صوت أمريكا"، أنه لم يكن مسموحًا للسكان باسخدام عملات أخرى، موضحًا أن "ما كان مسلحو داعش يحاولون فعله بفرض (استخدام دينارهم) هو أخذ أكبر قدر ممكن من العملات الأجنبية من السكان لتمويل مرحلة ما بعد سيطرتهم على الأراضي".
وقال مسؤولون عسكريون محليون في سوريا إنه بدون وجود أراض يسيطر عليها، لم يعد لدى داعش المسؤوليات الإدارية التي تتطلب إنفاقا إضافيا.
وأوضح المسؤول بقوات سوريا الديمقراطية أن "الافتقار إلى السيطرة المباشرة على المناطق التي كان التنظيم يحتلها في وقت ما، مكنه من إضفاء اللامركزية لنشاطه الإرهابي في سوريا والعراق".
وتابع: "تركز خلاياه النائمة على مهاجمة مناطقنا، فيما تركز عناصره بالمناطق التي يسيطر عليها النظام على شن هجمات هناك، وينطبق نفس الأمر على العراق، ما يعني أنه يمكنه إلحاق ضرر كبير بالقليل من الأموال والموارد".
ومؤخرًا، قالت وزارة الخزانة الأمريكية إن أنصار داعش كانوا يعتمدون بشكل متزايد على العملات المشفرة لتمويل عملياتهم.
فيما أشار المسؤول بـ"قوات سوريا الديمقراطية"، إلى أن العديد من مسلحي داعش المعتقلين خلال غارات حديثة شرقي سوريا، أقروا بتلقي تبرعات من أنصار لهم في أوروبا عبر تركيا.
كما أوضح خبراء أنه منذ انهيار الخلافة المزعومة، أصبح تهريب البضائع بين العراق وسوريا أكبر مصدر إيرادات بالنسبة لداعش.
وقال نيكولاس هيراس، الباحث المتخصص بشؤون الشرق الأوسط بمعهد دراسات الحرب في واشنطن، إنه مع التهريب يأتي "استخدام الابتزاز لفرض الضرائب على بعض المجتمعات المحلية بالمناطق المضطربة بين إقليم كردستان (شمالي العراق) وبقية مناطق هذا البلد".
وأضاف لـ"صوت أمريكا"، أن في سوريا "قيل إن داعش ما زال ينخرط في عمليات تهريب المخدرات التي تمرر لاحقا إلى أوروبا".
كما لجأ مسلحو داعش إلى أخذ رهائن لطلب فدية باعتبارها وسيلة أخرى لتمويل عودتهم.
والأسبوع الماضي، أفادت تقارير بأن عباس خضر جمعة، تاجر سيارات كردي من شمال شرقي سوريا، اختطف وقتل على يد عناصر يشتبه بانتمائهم لـ"داعش" في الحسكة.
وبعد مقتله مباشرة، تواصل المسلحون مع عائلة عباس وطلبوا 100 ألف دولار مقابل جثمانه، بحسب "صوت أمريكا".
وللقضاء على شبكات داعش المالية، طالب خبراء بضرورة أن يتعامل التحالف الدولي وشركاؤه المحليون في سوريا والعراق، مع التنظيم على أنه "مافيا".