بالصور.. تعرف على أقدم مدينة للحج لدى المصريين القدماء
افتتاح شونة الزبيب بأبيدوس الأثرية عاصمة مصر الأولى
شونة الزبيب بمنطقة أبيدوس بمحافظة سوهاج، تفتح لأول مرة، أمام حركة الزيارة، إثر اكتشاف أثري جديد في المنطقة.. تعرف عليها أكثر
شونة الزبيب بمنطقة أبيدوس بمحافظة سوهاج، التي تفتتح لأول مرة للزيارة المحلية والعالمية، لها أهمية تاريخية وأثرية خاصة.. فالمنطقة التي بناها الملك"خع سخموي" أحد ملوك الأسرة الثانية تعتبر أول مبنى ضخم مبني من الطوب اللبن استوحى منه الملك زوسر مؤسس الأسرة الثالثة تصميم مجموعته الهرمية بسقارة.
وأعلن محمود عفيفي رئيس قطاع الآثار المصرية، أن تعليمات الوزير بافتتاح منطقة شونة الزبيب ضمن الجولة الأثرية التي شملت منطقة أبيدوس، وأتريبس، وأخميم، والدير الأحمر، ومتحف سوهاج القومي.
أعمال الترميم بمعبد "سيتي الأول" بدأت في أكتوبر/تشرين الأول 2016 عن طريق فريق عمل مصري أمريكي، بتمويل من منحة صندوق السفراء للحفاظ على التراث، وأيضا أعمال الترميم بمعبدي "رمسيس الثاني" و"الأوزريون"، ومنطقة الشيخ حمد "أتريبس"؛ حيث يتم بها العديد من أعمال الترميم ودراسة النقوش لمعبد الملك بطليموس الثاني عشر "الزمار" الموجود بها.
وكان عفيفي قد أعلن الخميس عن اكتشاف جبانة ومدينة سكنية تعود لعصر بداية الأسرات (5316 ق.م) تقع على بعد 400م جنوب معبد الملك سيتي الأول بأبيدوس محافظة سوهاج، وذلك أثناء أعمال الحفائر التي تجريها البعثة الأثرية المصرية التابعة لوزارة الآثار والعاملة بالموقع.
وأوضح عفيفي، أنه من المرجح أن تكون تلك الجبانة والمدينة السكنية تتبع كبار الموظفين والمسئولين عن بناء المقابر والأسوار الملكية الجنائزية الخاصة بملوك الأسرة الأولى بأبيدوس، إذ عثر داخلها على مجموعة من الأكواخ وأدوات الحياة اليومية، منها بقايا أوان فخارية وأدوات حجرية، الأمر الذي يشير إلى وجود مدينة سكنية خاصة بالعمال المسؤولين عن إمداد العمالة المكلفة ببناء المقابر الملكية بالطعام والشراب.
وقال هاني أبوالعزم، رئيس الإدارة المركزية لآثار مصر العليا، أن البعثة تمكنت حتى الآن من الكشف عن 15 مقبرة ضخمة من الطوب اللبن، يصل طول بعضها إلى 14x 5 متر، تباينت تصميماتها وطرزها المعمارية.
وأشار أبوالعزم، إلى أن حجم المقابر المكتشفة داخل الجبانة يفوق في بعض الأحيان المقابر الملكية بأبيدوس، التي تعود لعصر الأسرة الأولى، الأمر الذي يؤكد أهمية أصحابها ونفوذهم ومكانتهم الاجتماعية خلال تلك الفترة المبكرة من التاريخ المصري القديم.
منطقة أبيدوس الأثرية
تعد مدينة أبيدوس بمحافظة سوهاج بصعيد مصر أحد أهم المدن القديمة بمصر، وعاصمة مصر الأولى في عصر ما قبل الأسرات قبل توحيد مصر منذ 5000 عام حتى نهاية الأسرة الرابعة في عصر الدولة القديمة. وظلت أبيدوس جبانة لملوك مصر القدماء من قبل الأسرات حتى عهد الملك زوسر مؤسس الأسرة الثالثة وصاحب هرم زوسر الشهير، كما ضمت مقابر عدد كبير من كبار رجال الدولة في الدولة القديمة حتى الأسرة السادسة.
وترجع أهمية أبيدوس الأثرية إلى وجود أقدم القوارب في التاريخ غرب معبد سيتي الأول ابن رمسيس الأول، ويرجع تاريخها إلى نحو 3000 عام ق.م، عصر الأسرة الثانية، وقد تم اكتشاف عدد 14 قاربا كانت مدفونة تحت الرمال عام 2000، ويتراوح طولها بين 20 و30 متراً.
ومن أهم الآثار التي تم اكتشافها في مدينة أبيدوس ما يعرف بـ"قائمة أبيدوس"، وهي عبارة عن قائمة تضم ملوك مصر القديمة، وتعتبر من أهم مصادر التاريخ؛ حيث يعتمد عليها الكثير من علماء الآثار فى ترتيب الملوك المصريين، وتبدأ القائمة بالملك مينا وتنتهي بالملك سيتى الأول.
الحج في أبيدوس
اكتسبت مدينة أبيدوس مكانة مقدسة لدى المصريين القدماء حيث كان يحج إليها المصريون باعتبارها المركز الرئيسي لعبادة الإله "أوزير" حارس "الحياة الأبدية"، ويعتقد أن روح أوزير تعيش في أرض قرب أبيدوس، ففيها بيت "الكا" أي الجسد و بيت"البا" بمعنى الروح الخاص بأوزير، وقد حرص المصري القديم على زيارة الـ"كا-با"، وهي تقابل "الكعبة" الخاصة بأوزير أثناء حياتهم في رحلات يستخدمون فيها المراكب.
ومن أهم المشاهد التي حرص عليها المصري القديم لتصوير رحلتي الذهاب والإياب من وإلى أبيدوس محفورة على جدران مقابر بني حسن وطيبة بمحافظة المنيا، حيث يوجد أكثر من 2000 لوحة لتصوير موائد القرابين التي كانت تقدم كنذور تقدم على امتداد طريق موكب أوزير في أبيدوس.
أصبح الدفن في أبيدوس أو رحلة المتوفى إلى أبيدوس أمنية كبير لدى المصريين، وأن ينقش اسمه قرب أوزير حتى يضمن لنفسه مكاناً بين المتميزين من الموتى وحتى يتمكن من المشاركة في أعياده واستقبال السفينة الإلهية التي ينتقل فيها؛ حيث كان الميت يوضع على سفينة مطرزة يصحبها الكهنة. أما الأقارب، والأصدقاء فيصحبونها في سفينة أخرى، فإذا وصل إلى أبيدوس حيا الآلهة بالكلمات:
"السلام عليك أيها الإله العظيم.. يا سيد تاور العظيم في أبيدوس.. لقد أتيت إليك فأنت صاحب العطف.. استمع لندائي ولب ما أقوله.. فإني أنا واحد من عابديك".
بعد عبور مركب المتوفى النيل يقوم الكاهن بتقديم القرابين وحرق البخور أمام جثمان الميت، وفي رحلة العودة يتحرك الموكب نفسه، وعندما تصل القوارب إلى الشاطئ الغربي يبدأ الاحتفال بتشييع الجنازة بوضع التابوت على زحافة يجرها 4 ثيران.
وكان يتم الاحتفال بالدفن ويتم فتح فم المتوفى وصب المياه أمامه ويتخلل هذه الطقوس نحيب الزوجة، التي تكرر وهي تحتضن المومياء "إني أنا أختك مريت أمون - أيها العظيم لا تتركني كيف يحدث أن أكون الآن بعيدة عنك؟ إني ذاهب الآن وحدي - أنت يا من كان يحلو لك الكلام معي أصبحت صامتاً “.
ومثلما كانت نقوش المقابر المصرية القديمة تحتوي على مشاهد الحياة اليومية من زراعة وحرف يدوية وفنون وموسيقى ورقص، كانت تحتوي أيضا على مشهد يسجل رحلة الحج التي قام بها صاحب المقبرة إلى أبيدوس.