طفرات مؤثرة رسمت ملامح الأدب العماني
طوال ما يقرب من نصف قرن مضت، عرف الأدب العماني مجموعة من الطفرات المؤثرة، وبعد 1970 بدأت حركة نشطة في تأسيس المدارس في ربوع السلطنة.
نال الأدب العماني اهتماما كبيرا هذا العام على الصعيدين العربي والعالمي بعد فوز الروائية العمانية جوخة الحارثي بجائزة البوكر البريطانية العريقة عن روايتها "سيدات القمر"، وفي العام نفسه حصل الشاعر العماني حسن المطروشي جائزة "توليولا" الإيطالية للشعر العالمي وهي واحدة من الجوائز المهمة عالميا.
- أدباء عمانيون: فوز جوخة الحارثي بـ"مان بوكر" إنجاز عربي
- إنفوجراف.. العمانية جوخة الحارثي أول عربية تحصد "مان بوكر"
وطوال ما يقرب من نصف قرن مضت، عرف الأدب العماني مجموعة من الطفرات المؤثرة، وبعد 1970 بدأت حركة نشطة في تأسيس المدارس في ربوع السلطنة أحدثت تحولات اجتماعية التقطتها جوخة الحارثي في روايتها ساعدت على تغيير البنية التقليدية ودعم خطوات انفتاح المجتمع على أنماط من الحداثة الوافدة.
وفي السياق ذاته نجحت الصحافة العمانية في دفع عجلات التغيير واستقطاب عدة أسماء أدبية للكتابة، خاصة من المبتعثين الذين طافوا عواصم عربية وعالمية عدة وتعددت المراكز الأدبية الثقافية في عمان، في ربوع السلطنة إلى جانب ازدهار مسقط وصلالة.
وكان ظهور المجلات الثقافية الأدبية مثل "الغدير" و"السراج" حدثا مؤثرا وبدأ القراء التواصل مع إنتاج أدبي كان في مقدمته أعمال الروائي عبدالله الطائي.
وشهدت سنوات التسعينيات من القرن الماضي الطفرة الأكبر في الإنتاج الأدبي العماني مع عودة المبعوثين التي تزامنت وصعود عربي لحركة المجلات الثقافية، حيث تنامت فرص تواصل الأدباء العمانيين مع المجلات والمؤسسات العربية.
وبرزت أسماء شعرية مهمة في مقدمتها الشاعر سيف الرحبي والشاعر زاهر الغافري وأدى الأول دورا مؤثرا في الثقافة العمانية عبر مجلة "نزوى" التي رأس تحريرها وتولت مهمة التعريف بأصوات التجديد الأدبي عربيا وعالميا وبفضل امتلاكه معرفة عميقة بأدباء العالم العربي، حيث عاش في عدة عواصم منها القاهرة ودمشق وبيروت وأمستردام، نجح الرحبي في جعل مجلة "نزوى" نقطة مركزية للحداثة الأدبية في عمان، بالإضافة إلى مؤلفاته التي كانت متزامنة مع أصوات الحداثة الشعرية في العالم العربي.
ويفسر ذلك الطفرة التي يعيشها الأدب العماني المعتمد بشكل رئيسي على نزعة غرائبية يوفرها المكان العماني وطبيعته الجغرافية وإرث من الحكايات تقاوم التغييرات المتلاحقة.
ولأن تاريخ تشكل الأعمال النثرية وتطورها في عمان قصير نسبيا، مقارنة بالتقاليد الشعرية، التي تمتد إلى قرون طويلة، فإن التحولات الاقتصادية السياسية الكبيرة في سبعينيات القرن الماضي، وما تبعها من متغيرات، أغرت الأدباء العمانيين للتعبير عن تلك التحولات نثرا عبر سرديات روائية وقصصية.
وهنا ظهرت موجة من كتاب القصة القصيرة في مقدمتهم سليمان المعمري وعبدالله حبيب ومحمد المعمري ومحمد الرحبي وأحمد الرحبي ومحمود الرحبي الذي وصل هذا العام للقائمة القصيرة لجائزة الملتقى للقصة القصيرة في الكويت وهو أحد أبرز المتنافسين عليها.
ويلفت النظر أيضا الطفرة التي نتجت عن وجود مترجمين عمانيين سواء درسوا خارج السلطنة أو خارجها منهم أحمد المعيني وطالب المعمري.
وتلاحظ الناقدة العمانية الدكتورة آسية البوعلي في واحدة من دراساتها حول الأدب العماني أنه إلى جانب الإبداع الذي ينتج داخل سلطنة عمان هناك أدب ينتج في السواحل الأفريقية المجاورة ومنها "زنجبار" ويوثق لتجربة العمانيين الطويلة هناك، ومن المثير أن كثيرا منه يكتب وينشر بلغات أجنبية وينتمي لفن السيرة الذاتية، فقد نشرت العمانية سالمة بنت سعيد بن سلطـان في ستينيات القرن الماضي من ألمانيا كتابا بعنوان: "مذكرات أميرة عربية" (1844-1924م) يتضح منه أن زنجبار في هذه السيرة كانت ماضيًا يُسترجع من قِبَل صاحبة السيرة، ويعكس الشعور بالغربة وتمزق الهوية، كما يوثق للوجود العُماني في زنجبار.
كما كتب سعود بن أحمد البوسعيدي المولود في زنجبار سنة 1914م، الذي يعيش في عمان منذ 1972م كتاب "مذكرات رجل عُماني من زنجبار" -باللغة الإنجليزية- جامعًا في سيرته بين الذاتي (الشخصي) والموضوعي (التاريخي).
كما كتبت نائلة البرواني المولودة في زنجبار رواية بعنوان "أمس الذي مضى" باللغة السواحيلية من داخل سلطنة عُمان، وثقت من خلالها للوجود العُماني في زنجبار.
ومن أبرز مشاهد الأدبي المعاصر في سلطنة عمان الوجود المؤثر للمبدعات العمانيات، فبخلاف جوخة الحارثي التي حققت إنجازا عالميا هناك أيضا عدد من الكاتبات منهن عزيزة الطائي وليلى حمد وليلى عبدالله وسعيدة الفارسي وبشرى خلفان.