من هو "إيلا" مرشح البشير لخلافته في حكم السودان؟
انتخابات عام 2020 في السودان تنتظر وجها جديدا لحكم البلاد خلفا للبشير الذي يحكم منذ عام 1989
فاجأ الرئيس السوداني عمر البشير الأوساط السياسية بإعلان تأييده ترشح والي ولاية الجزيرة محمد طاهر إيلا لرئاسة البلاد في انتخابات 2020 خلفا له.
وأعلن البشير ذلك خلال لقاء جماهيري بمدينة "ود مدني" عاصمة ولاية الجزيرة وسط السودان الخميس الماضي، خلال إعلانه تنحيه عن السلطة في 2020.
فقد قال الرئيس السوداني الذي جاء للسلطة عام 1989 إنه سيتنحى عن السلطة 2020، وسيدعم إيلا، عضو حزب المؤتمر الوطني الحاكم، إذا قرر الترشح، ورغب السودانيون في ذلك.
ومنذ ذلك اليوم والسؤال عن إيلا لا يهدأ.. فمن هو؟
تعرف الأوساط السياسية السودانية إيلا بكاريزما سياسية كبيرة، وساعده التنقل في المناصب الدستورية والتنفيذية على ابتداع أسلوب خاص به في قيادة الشأن العام، يمزج بين الاستئثار بالقرار وخلق دوائر ضيقة من المقربين.
تلك الميزة -وفقا لمراقبين- أكسبته أعداء كثر، بالقدر الذي جلبت له محبة آخرين، ولكن يبقى إشعال الخلافات والصراعات مع أعضاء حكومته الذين ينتمون لنفس حزبه "المؤتمر الوطني الحاكم"-، القاسم المشترك في شخصيته.
ففي ولاية البحر الأحمر، شرقي البلاد، والتي ينحدر منها، تصارع مع أبناء جلدته وحزبه حد الخصام، ولولا تدخل البشير في الأمر لانزلقت الأوضاع في منعطف خطير.
وتكرر ذات السيناريو في ولاية الجزيرة التي تولى حكمها قبل 3 أعوام قضاها في حالة شد وجذب مع المجلس التشريعي الذي كان عصيا على التطويع؛ الأمر الذي دفع البشير للتدخل وفرض حالة الطوارئ بالولاية وحل المجلس المنتخب.
مسيرة المناصب
ولد محمد طاهر إيلا عام 1951 بمدينة جبيت في ولاية البحر الأحمر شرقي السودان، وينحدر من جهة الوالد إلى قبيلة الميراب "الموس حسيني" ومن الوالدة إلى قبيلة القرعيب "الاب قسماب" فكلاهما تمثلان الهدندوة كبرى قبائل قومية البيجا.
وخرج من أسرة ميسورة الحال حيث كان والده طاهر من كبار التجار في المنطقة واشتهر بتنفيذ المشاريع الخدمية من خلال ما يعرف "بالعون الذاتي".
ودرس إيلا- وفقا لسيرته الذاتية التي اطلعت عليها "بوابة العين الإخبارية"- بجامعة الخرطوم وتخرج في كلية اقتصاد.
وكان محظوظا في الولوج لسوق العمل العام، فعقب 3 أشهر فقط من تخرجه تم استيعابه في هيئة الموانئ البحرية ببورتسودان، قبل أن يتم ابتعاثه لإنجلترا لدراسة الماجستير.
وفي 1988 -قبل وصول البشير إلى السلطة بعام واحد- بزغ نجم إيلا، وقفز إلى تولى مهام تنفيذية كبرى، حيث تم تعيينه في فترة الديمقراطية الثالثة "حكم الصادق المهدي" وزيرا إقليميا في الإقليم الشرقي، ليعود مجددا مديرا لهيئة الموانئ البحرية سنة 1989 ويستمر بالمنصب لـ أعوام متتالية.
وبعدها انتقل إلى الخرطوم وقضى فيها نحو 10 سنوات شغل خلالها منصب وزير اتحادي، لوزارات التجارة الخارجية، النقل، الاتصالات.
وفي 2005، آثر محمد طاهر إيلا العودة إلى دياره واليا لولاية البحر الأحمر ليقضى في المنصب نحو 10 أعوام حتى عام 2015.
وشهدت تلك الفترة خلافات حادة؛ حيث دخل في صراع عنيف مع معارضيه في السلطة، استدعت نقله وتعيينه واليا على ولاية الجزيرة وسط البلاد.
مستبد أم متواضع
واختلفت الآراء حول إيلا بين الحكم عليه بالاستبداد والفساد أو بالتواضع والنجاح.
فالمحلل السياسي الدكتور محمد عبد الله يصفه بأنه "دكتاتور ومستبد يتفرد بالقرارات ويقصي منتقديه، وأدمن الفشل والفساد معا".
ويقول لبوابة العين الإخبارية: "تجربتا إيلا في ولايتي البحر الأحمر والجزيرة كشفت حقيقته، حيث شهدتا عمليات فساد كبيرة وتدني في الخدمات العامة، ولا ينبغي أن يكون شخصا مثله في كابينة القيادة، ولكن تعاطف مؤسسة الرئاسة معه شفع له بالبقاء".
واستدل على ذلك بأنه " قضى بولاية الجزيرة 3 سنوات وما تزال أجزاء كبيرة منها تفقد أبسط مقومات الحياة؛ حيث يشرب الإنسان والحيوان سويا من المياه الراكدة المتعفنة، بينما أغلقت بعض المدارس لفشله في توفير كادر تعليمي، هذا فضلا عن وصول معدلات البطالة وسط الخريجين لنسب خرافية".
ويتفق عضو المجلس التشريعي لولاية الجزيرة، التهامي عبد الباقي التهامي مع عبد الله في رأيه تجاه محمد إيلا، ويشير إلى أن الرجل "جسد أسوأ أنماط الاستبداد؛ حيث يتعمد تعطيل الدستور والقوانين وإدارة الشأن العام من خلال أبراج عاجية".
كما قال إنه في تجربتين وثق له المراجع القومي في ولاية الجزيزة تجاوزات بأكثر من 72 مليار جنيه سوداني، فضلا عن فساد مماثل في عطاءات المشاريع التنموية حيث قام بترسيتها لشركاته الخاصة".
وعلى النقيض تماما يجزم مناصرو إيلا بأنه رجل "متواضع ومجتهد، جذبت له نجاحاته التنموية النقد والمواجهة من قبل أعداد النجاح".
ويستدلون على ذلك بـ"اللوحة الزاهية" التي اكتست بها ولايتا الجزيرة والبحر الأحمر في عهده.
ومن بين أصحاب هذا الرأي نائب رئيس القطاع السياسي للمؤتمر الوطني بالجزيرة، السر الطاهر، الذي يعتقد أن انضباط إيلا في إدارة الشأن العام ومتابعته لسير المشروعات بنفسه، جعل أصحاب المصالح يناصبونه العداء، وينتقدونه باستمرار للنيل منه.
ويؤكد الطاهر في حديث لبوابة العين الإخبارية أن ما يثار بشأن تورط إيلا في عمليات فساد ليس له أساس من الصحة "وقصد مروجو هذا الحديث تعطيل ما يقوم به من مشاريع تنموية".
ويذهب القيادي بالمؤتمر الوطني الحاكم، تاي الله عثمان في ذات الاتجاه، فيجزم بأن طاهر إيلا "قائد ذو حنكة سياسية وتنفيذية عالية، ويعرف طرق التنمية والازدهار، وإن كان في زمن الشدة وضيق اليد".
ويتوقع عثمان أنه يستطيع حكم السودان بأثره دون ولاية واحدة محدودة السكان والإمكانات.
aXA6IDE4LjExNi44NS4yMDQg جزيرة ام اند امز