السودان.. احتجاجات على مشروع لتعديل قانون الصحافة
التعديلات المقترحة على قانون الصحافة في السودان تتضمن عقوبات مشددة ضد الصحفيين تصل للإيقاف عن الكتابة.
تصاعدت وتيرة الاحتجاجات والرفض التي بدأها الصحفيون السودانيون منذ أسبوع على مشروع تعديلات على قانون الصحافة والمطبوعات يُوقع عقوبات قاسية على الصحف والصحفيين تصل إلى تعليق الصدور وسحب رخصة ممارسة المهنة.
وسادت حالة إجماع غير مسبوقة وسط الصحفيين، بما في ذلك النقابة المحسوبة على الحكومة تجاه رفض التعديلات باعتبارها "معيبة" وتصيب حرية الصحافة في مقتل بعد أن شهدت تقدماً نسبياً خلال السنوات القليلة الماضية، حسب توصيف مهتمين تحدثوا لبوابة "العين الإخبارية".
ونفذ عشرات الصحفيين بدعوة من "شبكة الصحفيين السودانيين" وقفة احتجاجية، الأربعاء الماضي، أمام مجلس الصحافة والمطبوعات في العاصمة الخرطوم تندد بالتعديلات وتطالب بوقفها فورا "لأنها لا تعبر عنهم".
وجرت الوقفة بالتزامن مع نشاط إسفيري منقطع النظير، أفضى إلى جمع قائمة توقيعات وتقديمها لمجلس الوزراء لتعطيل مسودة القانون.
مشروع التعديلات
وتضمنت التعديلات المقترحة على قانون الصحافة لسنة 2009م عقوبات مشددة، بينها منح المجلس القومي للصحافة -الجهة المنظمة للمهنة- صلاحية تعليق صدور الصحيفة إلى فترة لا تتجاوز خمسة عشر يوماً، بدلا عن 3 أيام في القانون القديم.
كما كفلت للمجلس سلطة إيقاف الصحفي عن الكتابة "للمدة التي يراها مناسبة"، بجانب سحب الترخيص مؤقتاً لمدة لا تتجاوز الـ3 أشهر.
وأعطت التعديلات المقترحة مجلس الصحافة كذلك سُلطة الترخيص لمزاولة النشر الإلكتروني، وتشكيل لجنة سجل تختص بعدد من الاختصاصات أبرزها شطب الصحفي من السجل بناء على قرار المحكمة أو أي جهة مختصة بمحاسبته.
رفض قاطع
وأبدى الصادق الرزيقي، رئيس اتحاد الصحفيين، رفضه القاطع للتعديلات في القانون، "لأنها حملت مسائل شبيهة بالبدع كحق سحب ترخيص الصحيفة".
وتوعد في تعليق لـ"بوابة العين الإخبارية"، بتصعيد حملات المقاومة والمناهضة للتعديلات التي يتبناها مجلس الصحافة.
وقال الرزيقي، إنهم سيقومون بصياغة مذكرة حول القانون بواسطة لجنة تمثل الصحفيين وتحمل رؤيتهم حول التعديلات ليتم تسليمها لرئيس الوزراء.
ويكون ذلك حسب رئيس اتحاد الصحفيين بالتزامن مع عقد لقاءات بنقابة المحاميين لأخذ الرأي القانوني حول التعديلات ومدى مؤامتها مع وثيقة الحقوق بالدستور الانتقالي للبلاد.
وقطع الرزيقي بأن العقوبات القاسية التي أقرتها التعديلات المقترحة تتعارض مع حرية الصحافة.
وقال: "كل ما يخالف عملنا والمعايير الدولية للصحافة سنقف ضده ونطالب بإسقاطه من القانون..، لن نتنازل عن حقنا لأننا أصحاب المصلحة الحقيقية".
بدوره، يؤكد د. خالد التجاني، رئيس تحرير صحيفة "إيلاف" الاقتصادية، أن التعديلات المقترحة في مجملها تتعارض مع وثيقة الحقوق ما جعلهم يرفضونها بشدة، مشيرا إلى أن القانون ينبغي ألا يسلب حقوقا دستورية.
وانتقد التجاني تأخر اتحاد الصحفيين في مناهضة المشروع حيث لم يلتفت إليه إلا عقب سحبه من مجلس الوزراء لمزيد من الدراسة.
وحرض الصحفيين على تكثيف حملات المناهضة بغرض إسقاط التعديلات قبل وصولها إلى البرلمان.
تلويح بالإضراب
وبدأ الصحفيون أكثر حماساً في مناهضة تعديلات قانون الصحافة لدرجة جعلتهم يلوحون بالإضراب عن العمل والامتناع عن ممارسة المهنة حال أصرت الحكومة على تمرير المشروع.
ويصف الصحفي خالد أحمد، أحد أعضاء شبكة الصحفيين السودانيين، مشروع التعديلات بأنه معيب ويصب في صالح مزيد من التضييق على حرية الصحافة "فهي بذلك تعارض وثيقة الحقوق بالدستور، والمواثيق الدولية التي صادقت عليها الحكومة السودانية".
وبرأيه فإن منح مجلس الصحافة سلطة إصدار الإحكام أمر خطير "لأنه قد يستخدمها لتصفية حسابات سياسية، فهو كيان حكومي وغير محايد".
وشدد أحمد على ضرورة أن يترك إصدار الجزاءات للقضاء وحده، وتوعد بتصعيد المقاومة عبر مزيد من الندوات والوقفات الاحتجاجية أمام البرلمان إلى حين سقوط التعديلات.
وقال أحمد: "إذا أصرت الحكومة عليها سنضرب عن العمل".
دفاع مستميت
ولكن المجلس القومي للصحافة والمطبوعات، دافع بشدة عن مشروع التعديلات التي وصفها بأنها عمل دولة وينبغي أن تتم إجازتها في مجلس الوزراء والبرلمان.
وهاجم عبدالعظيم صالح، الأمين العام للمجلس، اتحاد الصحفيين ومناهضته للتعديلات القانونية على الرغم من مشاركته في صياغتها عبر لجنة خاصة شكلتها وزارة العدل.
واعتبر صالح أن التعديلات لم تأت نتيجة لهوى شخص، إنما تمثل عمل دولة جاء بناء على توصيات مؤتمر الإعلام لسنة 2014م، والذي أقر تضمين النشر الإلكتروني في قانون الصحافة، مشدداً على ضرورة تمرير التعديلات بهيئتها الحالية وإجازتها نهائياً في البرلمان.