في ذكرى الاستقلال.. الليبيون يواجهون احتلالا تركيا
قاوموا استعمارا استمر لأكثر من قرن، وحصلوا على استقلالهم قبل أن يواجهوا اليوم احتلالا تركيا يرنو لاستنزاف بلادهم وسرقة ثرواتها.
69 عاما مرت على استقلال ليبيا في 24 ديسمبر/ كانون أول 1951، بنى خلالها الليبيون دولتهم الحديثة، قبل أن تبعثر الأزمة المستمرة منذ سنوات أمنهم، وتعيدهم إلى مربع الاحتلال، لكن هذه المرة من البوابة التركية.
احتفاء يأتي هذا العام بطعم أزمة لم تضع أوزارها بسبب مساعي أنقرة لإطالة أمدها، وتأجيجها، بحثا عن أرضية غير مستقرة تؤمن لها إمدادات الثروات الطبيعية، وحصة مهمة من كعكة إعادة الإعمار.
وفي الوقت الذي يحتفي فيه الليبيون بذكرى استقلالهم عن الاستعمار، تدفع حكومة الوفاق غير الشرعية في العاصمة طرابلس بالمليشيات الموالية لها باتجاه خطوط التماس، في خطوة استباقية وتصعيد خطير وانتهاك واضح لكل المبادرات المطروحة بجميع المحافل الدولية.
والأربعاء، رصد الجيش الوطني الليبي حشدًا لمليشيات حكومة الوفاق الموالية لتركيا، جنوب غربي مدينة سرت الساحلية، ظهرت عليها جاهزية عالية في وضعية الاستعداد القتالي.
وحذرت القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية المليشيات من اتخاذ أي خطوة تصعيدية واستفزازية في المنطقة، مؤكدة أنها تتابع كافة الخطوات عن كثب.
الغزو التركي
أنقرة التي تنعش خزانتها العامة بأموال الشعب الليبي، سارعت إلى تعزيز وجودها في البلد الغني بالنفط، عبر قرار برلماني يجيز تمديد مهام القوات التركية في ليبيا، تلبية لرغبة الرئيس رجب طيب أردوغان.
قرار يمنح أردوغان "رخصة" وغطاء يبرر به وجوده في ليبيا، ويستكمل عبره أجندته الرامية إلى تعزيز موطئ قدمه في بلد بات يعتبره تابعا لإمبراطوريته الوهمية.
وعلى مدى الأشهر الثلاثة الماضية، دفعت تركيا بتعزيزات ضخمة باتجاه القواعد التي تسيطر عليها غربي ليبيا، وفي مقدمتها قاعدتا "الوطية وامعيتيقة" الجويتان.
وانتقد الليبيون سكوت البعثة الأممية على التصعيد التركي المتواصل على حواف المنطقة الحمراء جنوب غربي سرت، وقرب منطقة الجفرة العسكرية.
انتقادات تأتي في وقت تتفاقم فيه مخاوف الشعب من الأطماع التركية الواضحة في بلادهم، وتحسبا لتكرار سيناريو الاستعمار الذي خاض فيه أجدادهم نضالات، وقدموا أرواحهم من أجل سيادة وطنية بعيدا عن الوصاية الأجنبية.
ونص القرار رقم 289 الصادر في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 1949 من الجمعية العامة للأمم المتحدة، على أن ليبيا التي تشمل برقه وطرابلس وفزان ستكون دولة مستقلة وذات سيادة في مدة أقصاها الأول من يناير/كانون الثاني 1952.
وكافح الليبيون لنيل استقلالهم سنوات عديدة بعد أن سلمت تركيا بلادهم للاستعمار الإيطالي مقابل جزيرة في بحر ايجة.
ويعيش الليبيون واقعا مماثلا لتلك الظروف العصيبة في مواجهة الأطماع التركية في خيرات بلادهم، خصوصًا في ثرواتهم النفطية والبحرية ومخزونهم من الذهب والفضة.
مرتزقة تركيا
عضو مجلس النواب الليبي جبريل أوحيدة قال إن حلفاء أنقرة في حكومة الوفاق غير الشرعية لا يريدون حلا سياسيا إلا وفق مصلحتهم هم والأتراك.
وأضاف أوحيدة، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن قرار البرلمان التركي القاضي بتمديد فترة بقاء المرتزقة والمستشارين الأتراك في ليبيا، يعتبر تصعيدا خطيرا بالإضافة إلى أن تحركات المليشيات التي توحي بعدم قبولها الحل السياسي.
وأكد النائب أن المليشيات والإخوان يسعون لإفشال مقررات اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) لتنفيذ مشروعهم الأيديولوجي في ليبيا.
واختتم أوحيدة مشيرا إلى أن "اليوم يصادف ذكرى استقلال ليبيا، ونحن نفتقد الحرص ونزاهة الآباء والمؤسسين الأولين، فالبلاد اليوم تعاني من أسوء أنواع الفساد والانقسام السياسي".
من جانبه، قال عضو مجلس النواب الليبي علي السعيدي، إن أول شروط نجاح المسارات السياسية والعسكرية يكمن في إخراج المرتزقة الموالين لتركيا.
ومستدركا: "غير أنه لم يتم -حتى اليوم- تنفيذ أي شي، بل على العكس تركيا لا تزال تحشد و تدفع بالمزيد" من قواتها.
وطالب السعيدي الجيش الوطني الليبي بالاستعداد ورفع درجة التأهب استعدادا لأي طارئ، محذرا من أن "كل المعطيات توحي بأن المليشيات غير راضية عن أداء اللجنة العسكرية، وقد تلجأ إلى نسف الجهود عن طريق إشعال حرب بالمنطقة الوسطى".
المصلحة الوطنية
أما المؤرخ الليبي الدكتور وليد شعيب فقال إن الليبيين انتزعوا استقلالهم في ظروف عصيبة، في ظل وجود دول كبرى منتصرة في الحرب العالمية الثانية.
وأضاف، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أنها "ذكرى تمر بمرارة على الليبيين مع مؤامرات تنسج في الخفاء، فضلا عن أطماع إقليمية وخلافات داخلية لا حدود لها".
وأوضح المؤرخ الليبي أن الطريق كانت شاقة نحو الاستقلال، لكن الأجداد نجحوا بتغليب المصلحة الوطنية.
وأشار إلى أن "الملك إدريس السنوسي تمكن، رفقة بعض المناضلين، من إعداد دستور وشكلوا نظام الحكم الاتحادي أي الفيدرالي، وانتزعوا الحكم من الإدارة البريطانية والفرنسية بواسطة لجنة تنسيق".
aXA6IDMuMTQ1LjY4LjE2NyA= جزيرة ام اند امز