أما في حال فوز دونالد ترامب، فسيكون أول رجل أعمال يصل إلى قمة ساري السياسة الزلق في أميركا، وينجح فيما فشل فيه عمالقة مثل هنري فورد، وتشارلز لندبيرغ.
سوف يتوجه ملايين الأميركيين لمراكز الاقتراع اليوم من أجل انتخاب الرئيس الخامس والأربعين لأميركا بعد حملة ساحقة على نحو غير معتاد. رغم أن الكثيرين قد صوتوا بالفعل، يظل السؤال قائمًا: كم عدد الذين سيذهبون إلى مراكز الاقتراع اليوم؟ يقدر عددهم بـ250 مليون شخص تقريبًا. وتتسم نسبة مشاركة الناخبين هذه المرة بأهمية خاصة، لأن أيًا كان من سيفوز فسيحتاج إلى قاعدة شعبية قوية يحاول من خلالها علاج الجروح التي تسببت فيها هذه الحملة.
يتم وصف أكثر الانتخابات بالتاريخية، حتى لو لم تكن كذلك. مع ذلك هذه المرة لا يعد هذا الوصف بعيدًا. في حال فوز هيلاري كلينتون، سوف تصنع التاريخ لكونها أول امرأة تصل إلى البيت الأبيض كرئيسة، وهو أمر رائع لم تكن لتحلم به إنسانة ذكية مثل إليانور روزفلت.
وسوف تضيف هيلاري أيضًا أسرة رئاسية جديدة، وهي آل كلينتون، إلى الأسر السابقة وهي أسر آدامز، وهاريسون، وروزفلت، وبوش. الأهم من ذلك هو أنها ستكون أول من تحصل للديمقراطيين على فترة رئاسية ثالثة متواصلة منذ الحرب العالمية الثانية. كذلك ستكون أول من يفوز بالرئاسة في ظل الحديث عن تحقيقات مكتب التحقيقات الفيدرالي، وإن كانت معلقة، بشأن قضية جنائية، وإن كان هذا أمرًا غير محبب.
أما في حال فوز دونالد ترامب، فسيكون أول رجل أعمال يصل إلى قمة ساري السياسة الزلق في أميركا، وينجح فيما فشل فيه عمالقة مثل هنري فورد، وتشارلز لندبيرغ. كذلك سيكون أول من يدخل البيت الأبيض دون أي خبرة سياسية أو عسكرية؛ فحتى باراك أوباما كان عضوًا في مجلس الشيوخ لمدة عامين.
على مستوى شخصي، سيكون ترامب أول مدمن للطلاق يصل إلى البيت الأبيض، وأول من يتخذ زوجة أجنبية. الأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو أنه سيكون أول من أكمل الحملة الانتخابية في مواجهة رفض حزبه. كذلك سيكون أول رئيس أميركي يكون هناك قاسم مشترك بينه وبين آل كابوني يتمثل في عدم دفع الضرائب لعقود، وإن كان هذا أمرًا غير محبب.
ظل رجال الثقافة والفن، ورجال المال والثروة لأشهر يحتقرون الحملة الرئاسية الأميركية، التي كانت مليئة هذه المرة بالمنعطفات، والتي تحولت إلى مسلسل درامي مبتذل. مع ذلك أوضح المرشحان، حتى لو كان ذلك بنشر الغسيل القذر، مدى قوة وصمود النظام الديمقراطي الأميركي الذي يسمح بالصدق الوحشي، والمبالغة الكاذبة.
في بلدان أخرى يتم الاحتفاظ بالهياكل العظمية داخل خزانات مغلقة، ويتولى حمايتها حرس ملتزمون بحفظ الأسرار. وأظن أن أميركا سوف تخرج من هذه التجربة المزعجة، الغريبة، المربكة المحيرة، أقوى وأكثر اتحادًا مما كانت عليه، وبالتالي ستتمتع بقدرة أكبر على استئناف دورها كدولة كبرى مساهمة في نشر السلام والاستقرار حول العالم.
أيًا كان من سيفوز بالانتخابات، سوف يكون غد أميركا أفضل.
أما بالنسبة إلى الأخطاء، التي تم ارتكابها في السنوات الثماني الماضية، فالرسالة العقلانية سيكون مفادها: «عودي يا أميركا، وسنصفح عن كل شيء».
*نقلا عن جريدة الشرق الأوسط
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة