مصر .. حسابات مكشوفة بـ7 مليارات دولار تهدد شركات بالإفلاس
تعود الحسابات المكشوفة إلى فتح اعتمادات للاستيراد على أساس سعر الصرف قبل تحرير الجنيه، والمطلوب تغطيتها الآن بناءً على السعر الجديد
تواجه الشركات المصرية أزمة جديدة تهدد عددًا منها بالإفلاس ضمن تداعيات أزمة الدولار بحسب بيان إغاثة نشرته 9 جمعيات للمستثمرين في مصر، تشمل مستثمري مناطق العاشر من رمضان، والسادات، و6 أكتوبر، والعبور، وبني سويف، وأسيوط، وعتاقة الصناعية، وأسوان، وسوهاج.
وتأتي الأزمة في ظل وجود اعتمادات مستندية مفتوحة تم بموجبها استيراد منتجات ومعدات ومواد خام ومواد غذائية من الخارج بالدولار- أي أن قيمة العمليات لم تسدد للموردين حتى الآن - قبل تحرير سعر الصرف، ثم طالبت البنوك الشركات بسداد قيمة هذه الاعتمادات المفتوحة وفقاُ لسعر الدولار اليومي بعد التحرير، والذي يتجاوز الآن حاجز 19 جنيها مقارنة بحوالي 8.8 جنيه قبل التعويم.
وتسبب ذلك الارتباك في وجود حسابات مكشوفة للشركات بالبنوك بحوالي 7 مليارات دولار، وهو ما اعتبره المستثمرون وضعا مأساويا يهدف إلى إفلاس شركات نتيجة تجاوز خسائرها لأكثر من 100% من رؤوس أموالها.
ويبدو أن المشهد سيزداد صعوبة في ظل عدم استقرار سعر الدولار، ونقص العملة الصعبة داخل الجهاز المصرفي المصري، فضلاً عن أن الشركات تفتقد موردًا لتدبير العملة الصعبة نظرًا لأن العديد منها يعتمد على الاستيراد سواء منتجات تامة الصنع أو مواد خام، ولا يوجه منتجاته للتصدير.
من جانبه، قال هاني توفيق، الرئيس السابق لجمعية الاستثمار المباشر المصرية، إن حجم الحسابات المكشوفة تقدر بنحو 7 مليارات دولار، وهي نتيجة غياب الرقابة الداخلية بالبنوك وكذلك الرقابة الخارجية من البنك المركزي.
وأوضح أنه كان ينبغي على كل بنك متابعة سعر الدولار بالسوق يوميًا ومطالبة الشركات المستوردة بزيادة الغطاء النقدي مع تحرك سعر الدولار، لأن البضاعة كان يتم تسعيرها وبيعها في السوق بالسعر الجديد وليس بسعر فتح الاعتماد.
وبناءً على ذلك، يرى توفيق أنه ينبغي على الشركات سداد فروق الغطاء النقدي للاعتمادات المستندية قبل وبعد تحرير العملة المحلية، ولكن ينبغي استثناء عمليات الاستيراد بغرض التوريد طبقاً لعقود سابقة.
ولفت إلى أن المستوردين بهدف التجارة كانوا يحصلون على البضائع بسعر الصرف الرسمي عند 8.88 جنيه وليس السوق السوداء قبل تعويم الجنيه، ومن ثم يحققون هامش ربح ناتجا عن فرق العملة بين السوقين الرسمية والموازية.
فيما أكد توفيق أن هناك مديونية بالدولار وهي حسابات مكشوف ستتحملها البنوك والدولة عبر حصول البنوك على قرض معاون أو زيادة رأسمالها بواسطة البنك الأم، وتخص هذه المديونية غطاءات نقدية بالجنيه مديونية على العملاء المستوردين.
وتابع الرئيس السابق لجمعية الاستثمار المباشر المصرية: كما يمكن تدبير المبالغ بقرض من المركزي يسدد بالتدريج مع توفر موارد تمويل دولارية لكل بنك، أو تقوم الدولة بالمساهمة في زيادة رؤوس أموال هذه البنوك مع التخارج منها ثم التخارج منها لاحقًا مثلما ساندت الولايات المتحدة الأمريكية مجموعة سيتي جروپ في الأزمة المالية العالمية في 2008.
من جانبها، أكدت سحر الدماطي، نائب العضو المنتدب ببنك الإمارات دبي الوطني – مصر، أن البنوك لم تتقاعس عن مساندة الشركات؛ إذ عرض عدد من البنوك في يونيو/ حزيران الماضي على شركات تحويل المديونية الدولارية إلى العملة المحلية عن طريق توفير تسهيل ائتماني بالجنيه عندما كان سعر السوق السوداء للدولار يتحرك بين 10 -11 جنيها، ولكنه هذه الشركات رفضت.
وأضافت أن البنوك كانت تضطر إلى تدبير عملة صعبة لشركات لا تملك موارد بالنقد الأجنبي بهدف الحصول على المواد الخام حتى تستمر الصناعة تحت ما يعرف بـ "التمويل الاضطراري"، وكان يتم تغطية هذه الاعتمادات من العطاءات الدولارية التي كان ينظمها البنك المركزي قبل تحرير سعر الصرف، ولكن الآن توقفت هذه العطاءات.
وعلى الجانب الآخر، اعتبر الخبير الاقتصادي رضا علام، أن الشركات والعملاء تضرروا من القرار المفاجئ بتعويم سعر الصرف دون تدرج في التنفيذ، وتزامن ذلك مع تباطؤ البنوك في تدبير العملة الصعبة اللازمة لتغطية الحسابات المكشوفة، مما أربك موقف البنوك والشركات التي تضاعفت مديونياتها.
ولفت إلى أن البنوك اعتبرت أن هذه الحسابات المكشوفة تعد تجاوزًا على الأرصدة المديونية فيما تحولت العمليات الجارية للشركات للخسارة دون إرادتها، خاصة أن كثيرا من هذه الشركات ترتبط بعقود توريد للحكومة، والتي رفضت تسوية تبعات هذا القرار.