دائرة "جنوب لبنان" الثالثة.. التغيير يبدأ بـ"قائمة موحدة"
تحظى الانتخابات البرلمانية في دائرة جنوب لبنان الثالثة، معقل حزب الله، باهتمام كبير، بعد نجاح القوى المعارضة في التوحد بقائمة واحدة.
ومع إغلاق باب تسجيل القوائم المتنافسة في الانتخابات المقررة 15 مايو/أيار المقبل، شهدت أغلب الدوائر الانتخابية تسجيل عدد كبير من القوائم وصل إلى 10 قوائم في بعض المناطق.
لكن دائرة جنوب لبنان الثالثة شهدت تسجيل 3 قوائم فقط، بواقع قائمة لحزب الله، وأخرى لقوى المعارضة والمجتمع المدني في بادرة وحدة نادرة، وقائمة ثالثة جانبية لا تأثير حقيقيا لها في الاقتراع.
وتُعتبر هذه الدائرة الأكبر من حيث عدد الناخبين، إذ يبلغ عدد ناخبيها 497 ألفا و531 ناخبا، 80% منهم من الشيعة، ومخصص لها 11 مقعداً نيابياً، 8 منهم للشيعة، ومقعد واحد للسنّة، ومقعد للدروز ومقعد للمسيحيين الأرثوذكس.
خطوة نادرة
وقائمة المعارضة والمجتمع المدني الموحدة في دائرة جنوب لبنان الثالثة هي اللائحة الوحيدة في لبنان التي تضم جميع المكونات المعارضة في البلاد.
وتضم القائمة الموحدة مجموعات 17 تشرين (الحراك الشعبي) وشخصيات مستقلة وأحزاباً من مختلف المشارب السياسية في الجنوب، ما يخلق إرباكاً جدياً لـ"حزب الله" الذي يتباهى مسؤوليه عادة بالسيطرة على دوائرهم الانتخابية وصعوبة اختراقها.
ونتيجة للخطر الحقيقي الذي تمثله القائمة الموحدة، تحرك مناصرو حزب الله، في محاولة للتضييق على المرشحين الخصوم، بشن حملات تخوين وتهديد، وشن حملات اغتيال معنوي ضد القائمة المعارضة على مواقع التواصل الاجتماعي،
وشكا بعض مرشحي القائمة الموحدة في الفترة الأخيرة من تهديدات جسدية، وبدأت تؤثر على التحركات الانتخابية، خصوصا أن حزب الله يملك سوابق في الاعتداء الجسدي على الخصوم.
ففي انتخابت عام 2009 أحرق مناصرو حزب الله سيارات رئيس اللائحة المنافسة أحمد الأسعد، كما تعرضوا لمناصري الأسعد وطردوهم من قراهم.
وتعرض الناشط والصحفي علي الأمين الذي ترشح ضد حزب الله في عام 2019، للضرب المبرح.
الرهان على المغتربين
ورغم التهديدات، يبدو القائمون على القائمة الموحدة واثقون من إمكانية تحقيق إنجاز انتخابي، استنادا إلى أصوات المغتربين المتحررين من الضغوط في الداخل، إذ يبلغ عدد الناخبين المغتربين 8584 ناخباً.
كما أن قائمة "حزب الله" تضم أحد المصرفيين المثيرين للجدل في لبنان وهو مروان خير الدين، وسط نقمة الناس على المصارف، ما يمكن أن يفقد قائمة الحزب أصواتا في الداخل أيضا، وفق مراقبين.
وفي هذا السياق، قال الخبير في الانتخابات، كمال فغالي، "تستطيع هذه اللائحة الموحدة، تحقيق خرق ضد لوائح حزب الله".
وقال فغالي لـ"العين الاخبارية"، "الفرص كبيرة أمام هذه القائمة، وربما تستطيع أن تفوز بمقعدين إذا أدارت معركتها بشكل جيد".
لكنه يستبعد أن تحقق هذه القائمة نجاخها في المقاعد الشيعية، لأنه عادة ما يوزع حزب الله الأصوات على مرشحيه بشكل متكافئ يصعب أي اختراق، مضيفا "هذا يرجح أن يحدث الاختراق في المقعد السني أو الاورثذكسي أو الدرزي".
صمود ضد التخوين
ويقول المرشحان المعارضان، فراس حمدان وعلي خليفة، إنهما يتعرضان لحملات تخوين وشائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لكنهما يؤكدان المضي قدما في معركتهما، متحدثين عن ردود فعل إيجابية من قبل الناخبين.
ويقول حمدان، أحد أعضاء القائمة الموحدة، لـ"العين الإخبارية"، "مشروعنا هو إعادة بناء الدولة المسؤولة عن الدفاع عن حدودها البرية والبحرية، والتي تكون من مسؤوليتها أيضا حماية المواطن وليس أي طرف أو جهة أخرى" .
وعن آمال الفوز، قال "نعتبر أننا ربحنا نصف المعركة عبر التوحد بلائحة واحدة، والكلمة الفصل تبقى لصناديق الاقتراع".
من جهته، يقول علي خليفة لـ"العين الإخبارية"، "المواجهة مسؤولية وطنية وأكبر من حسابات الفوز والخسارة، ونحن اخترنا المواجهة ضد من يحتكرون المقاومة عبر فصيل مسلح (في إشارة إلى حزب الله) وضد ثنائي (حزب الله وحركة أمل) يحتكر الطائفة الشيعية وقرارها، لذلك قررنا خوض هذه المعركة".
ويتحدث خليفة عن تضييق وترهيب يتعرض له مرشحو القائمة الموحدة، حيث سبق أن تعرض المرشح لحملة عبر الجيش الإلكتروني التابع لحزب الله، مشيرا كذلك إلى ضغوط متزايدة يتعرض لها من يجاهر بتأييد معارضي الحزب.
وحول النتيجة المتوقعة للانتخابات، يؤكد خليفة "نعتبر أن المعركة التي نخوضها هي معركة تأسيسية نحو التغيير الذي قد لا يتحقق في هذا الاستحقاق الانتخابي وإنما في المراحل المقبلة، والانتخابات هي محطة واحدة، والمواجهة ستبقى مستمرة".