قمم المناخ والتنوع الحيوي والتصحر... محطات مفصلية في سباق العالم لإنقاذ الكوكب
يرمز مصطلح COP إلى Conference of the Parties أي «مؤتمر الأطراف»، وهو تجمع دولي رفيع المستوى تشارك فيه الحكومات إلى جانب مؤسسات المجتمع المدني، بما يشمل القطاع الخاص والجامعات والمنظمات غير الحكومية والهيئات الدولية.
وتعود جذور هذه المؤتمرات إلى قمة الأرض التي استضافتها مدينة ريو دي جانيرو عام 1992، وشكّلت نقطة انطلاق لمسار التنمية المستدامة على المستوى الدولي. وقد أسفرت القمة عن ثلاث اتفاقيات رئيسية لمواجهة أبرز التحديات البيئية: تغيّر المناخ، وتراجع التنوع البيولوجي، وزحف التصحر.
منذ ذلك الحين، أصبحت مؤتمرات الأطراف منصة عالمية لتقييم الجهود الدولية واعتماد سياسات واتفاقيات جديدة. وتختلف أرقام المؤتمرات وفق تخصصها؛ فمثلًا عُقد مؤتمر المناخ COP27 في عام 2022، بالتوازي مع مؤتمر التنوع البيولوجي COP15 ومؤتمر مكافحة التصحر COP15، رغم اختلاف مجالاتها وتسلسلها الزمني.
وتكمن أهمية هذه الاجتماعات في قدرتها على صياغة استراتيجيات دولية موحدة للحد من التدهور البيئي، وتعزيز التعاون بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني نحو مستقبل أكثر استدامة.
منذ أوائل التسعينيات، تحولت مؤتمرات الأطراف إلى المنصة الأبرز لصياغة السياسات المناخية العالمية. ففي عام 1992، تم اعتماد اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ (UNFCCC) خلال قمة ريو، لتؤسس الإطار القانوني للتعاون الدولي في مواجهة تحديات البيئة.
وبعد دخول الاتفاقية حيّز التنفيذ في عام 1994، انطلق أول مؤتمر رسمي للأطراف في برلين عام 1995 (COP1)، إيذانًا ببدء مرحلة جديدة من العمل المناخي المنظم.
وفي عام 1997، أُقرّ بروتوكول كيوتو (COP3) كأول اتفاق قانوني يُلزم الدول الصناعية بخفض انبعاثاتها من الغازات الدفيئة بنسبة لا تقل عن 5% مقارنة بمستويات عام 1990. لكن الصعوبات السياسية والاقتصادية أعاقت تنفيذه الكامل، ما دفع العالم إلى البحث عن إطار أكثر شمولًا وعدالة.
وفي قمة باريس (COP21) عام 2015، تحقق اختراق تاريخي باعتماد اتفاق باريس للمناخ، الذي يهدف إلى حصر ارتفاع درجة حرارة الأرض «دون درجتين مئويتين»، مع السعي لعدم تجاوز 1.5 درجة. ومنذ ذلك الحين، أصبح تنفيذ الاتفاق محورًا رئيسيًا لكل مؤتمر لاحق.
وفي غلاسكو (COP26) عام 2021، أُطلق اتفاق غلاسكو للمناخ الداعي إلى تسريع التحول نحو الطاقة النظيفة وتقليص الاعتماد على الفحم. أما مؤتمر شرم الشيخ (COP27) عام 2022، فقد شكّل محطة تاريخية باعتماده صندوق الخسائر والأضرار المخصص لدعم الدول النامية الأكثر تأثرًا بتغيّر المناخ.
وفي دبي (COP28) عام 2023، دشّنت الأمم المتحدة أول تقييم عالمي شامل لتنفيذ اتفاق باريس، فيما أطلقت ما عُرف بـ«توافق الإمارات» الذي دعا إلى مضاعفة كفاءة الطاقة وزيادة قدرة الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول 2030.
أما قمة باكو (COP29) عام 2024، فحملت عنوان «قمة التمويل»، حيث توصلت الدول إلى اتفاق جديد يقضي بتوفير 300 مليار دولار سنويًا بحلول 2035 لدعم الدول النامية في جهود التخفيف والتكيّف، إضافة إلى حسم ملف أسواق الكربون بعد مفاوضات طويلة.
ويُتوقع أن تمثل قمة بليم البرازيلية (COP30) والتي انطلقت الإثنين محطة مفصلية في تاريخ العمل المناخي الدولي، مع تركيزها على تنفيذ التعهدات السابقة وتحويل الالتزامات إلى أفعال ملموسة.
وفي موازاة قمم المناخ، تُعقد قمم الأطراف المعنية بالتنوع البيولوجي كل عامين، بموجب اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي الموقّعة عام 1992، والتي تهدف إلى حماية التنوع البيولوجي وضمان الاستخدام العادل لموارده.
وقد شهدت قمة مونتريال (COP15) عام 2022 اعتماد الإطار العالمي لما بعد 2020، الذي يستهدف حماية 30% من اليابسة والمياه والبحار واستعادة 20% من النظم البيئية المتدهورة.
أما قمة مكافحة التصحر، وهي ثالث أضلاع الاتفاقيات البيئية المنبثقة عن قمة ريو، فتعقد أيضًا كل عامين استنادًا إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (UNCCD) المعتمدة في باريس عام 1994.
وتركز على مكافحة التصحر والتخفيف من آثار الجفاف، خصوصًا في الدول الأكثر تضررًا في أفريقيا، من خلال التعاون الدولي والشراكات التنموية. وقد استضافت روما أول مؤتمر للأطراف في هذا المجال عام 1997، لتتواصل بعدها الجهود لحماية الأراضي الهشة وصون الموارد الطبيعية من التدهور.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNTIg جزيرة ام اند امز