وثائق تظهر للعلن لأول مرة.. هل امتلك صدام حسين سلاحا نوويا؟
كشفت وثائق مسربة حقيقة امتلاك النظام العراقي السابق صدام حسين لأسلحة نووية والدور الذي لعبته فرنسا في هذا الشأن، مرجحة أن يكون تدمير إسرائيل للمفاعل النووي العراقي "أوزيراك" عام 1981 أجج طموحات الرئيس الراحل.
ومنذ أربعة عقود، انطلق سرب من الطائرات المقاتلة الإسرائيلية في مهمة سرية لتدمير موقع مفاعل نووي عراقي كان يبنيه مهندسون فرنسيون وإيطاليون على مشارف العاصمة بغداد، طبقًا لصحيفة "الإندبندنت" البريطانية.
وترجح وثائق أمريكية سرية نشرتها، مؤسسة "أرشيف الأمن القومي" في واشنطن، أن الطموح النووي للعراق احتواه سرا الأوروبيون الذين كانوا يبنون المفاعل في "أوزيراك".
وبالإضافة إلى ذلك، ربما يكون هجوم السابع من يونيو/حزيران لعام 1981، في العملية المسماة "أوبرا"، شجع في الواقع صدام على زيادة سعيه وراء الحصول على أسلحة الدمار الشامل، بحسب المصدر نفسه.
وتضمنت الوثائق، التي حصل عليها "أرشيف الأمن القومي"، ومقره واشنطن، بموجب قانون حرية تداول المعلومات بالولايات المتحدة، برقيات من البيت الأبيض ووزارة الخارجية ووكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، التي تلخص التفاعلات الدبلوماسية والسياسية المهمة التي سبقت الهجوم، كما توضح محاولات المسؤولين الأمريكيين للتعامل مع التداعيات.
ولطالما أصرت فرنسا على أنه من الصعب إعادة تهيئة تصميم المفاعل النووي لإنتاج المواد الانشطارية من أجل قنبلة. لكن كشفت وثيقة حساسة للغاية أن باريس ذهبت لأبعد من ذلك.
وتحدثت الوثيقة، لأول مرة، عن اجتماع عقد بباريس في 25 يوليو/تموز عام 1980 بين دبلوماسيين أمريكيين ومسؤول فرنسي رفيع المستوى في مجال حظر الانتشار النووي، أصر على السرية التامة بشأن شحنات اليورانيوم المتجهة للعراق.
وقال المسؤول إن المواد جرى تعديلها كيميائيا بشكل سري لجعلها غير صالحة للاستخدام بالأسلحة.
وأفادت برقية وزارة الخارجية بأن "المسؤول شدد على الاحتياطات التي اتخذوها ويتخذونها. لكنهم يجدون أنفسهم في مأزق، لأنهم غير قادرين على وصف بعض الاحتياطات، بالنظر لحقيقة أن العراقيين أنفسهم لم يكونوا على دراية ببعض الإجراءات الوقائية التي يتخذها الفرنسيون".
وتضمنت الإجراءات الاحتياطية الأخرى الأقل إثارة للجدل السماح بدخول شحنة واحدة من اليورانيوم إلى المفاعل في كل مرة، مما يحافظ على الوجود الفرنسي بمفاعل "أوزيراك" طول الوقت، والتأكد من أن الفنيين الفرنسيين يراقبون اليورانيوم المخصب أثناء نقله.
لكن رجحت وثيقة سرية أنه كانت هناك مخاوف بشأن تنافس المتعاقدين الإيطاليين والفرنسيين لبيع الأسلحة للعراق.
وكانوا قلقين من أن إيطاليا تحديدًا ستحاول تجميل أي اتفاق من خلال تضمين تكنولوجيا نووية متطورة كجزء من العرض.
وبعد أيام على بدء الحرب العراقية الإيرانية، توغلت القوات المسلحة العراقية إلى موقع "أوزيراك"، مما زاد من المخاوف بشأن المقصد النهائي لبغداد.
وتوضح الوثائق كيف أن المسؤولين الأمريكيين حينها لم يكونوا قلقين بشأن سعي العراق وراء الأسلحة فحسب، بل أيضًا احتمال أن إسرائيل قد تشعل حربًا أوسع نطاقا من خلال مهاجمة أوزيراك.
وطبقًا لـ"الإندبندنت"، كانت الولايات المتحدة تعتبر آنذاك حكمًا حياديًا بين إسرائيل والدول العربية أكثر مما هي عليه الآن.
وطالبت واشنطن إسرائيل بأجوبة عن معلومات استخباراتية محددة بشأن الأعمال المرتبطة بالأسلحة في أوزيراك، لكن لم ترد إسرائيل سوى بسيناريوهات غامضة لأسوأ الأحوال، طبقًا لوثيقة لمجلس الأمن القومي.
وفي وقت مبكر من يوليو/ تموز عام 1980، حذر السفير الأمريكي في إسرائيل، سام لويس، وزير الخارجية إدموند موسكي، والرئيس جيمي كارتر، في برقية، من أن اجتماعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي في هذا الوقت مناحم بيجن قاده إلى استنتاج أن الإسرائيليين قد يشنون "ضربات استباقية بالأسلحة التقليدية، بغض النظر عن العواقب الوخيمة لمثل هذا العمل".
وأفادت مؤسسة "أرشيف الأمن القومي" بأنه من غير الواضح ما إذا كان قد تم إخبار الإسرائيليين بالإجراءات الفرنسية السرية لمنع برنامج أسلحة عراقي"، لكنها حذرت من أن "اتخاذ إجراءات متسارعة ضد المنشآت النووية العراقية سيكون بمثابة انتكاسة شديدة لآفاق السلام في الشرق الأوسط".
وبحسب المصدر نفسه، لم يتمكن المسؤولون الأمريكيون من العثور على أدلة بشأن مزاعم وجود "مخبأ سري" أسفل أوزيراك كان يستخدم لتصنيع الأسلحة.