هل اقترب "ولد الشيخ" من مصير "بن عمر"؟
ثقة طرفي الأزمة، هي أداة الوسيط لممارسة مهمته، فإن فقدها، لن يكون قادرا على القيام بها، فهل وصل ولد الشيخ لهذه المرحلة؟
في لغة العلوم السياسية يعرف "الوسيط الدولي"، بأنه ذلك الشخص الذي ينحاز للطرفين المتخاصمين، فيقدم مسانَدتَه لكليهما ويهب لمساعدتهما معًا، فيلتزم إلى جانب الأول، ثم إلى جانب الآخر، أي أنه يلتزم مرتين، ينخرط مرتين، ينحاز مرتين، والهدف من ذلك، كسب ثقة الطرفين.
وهذه الثقة التي يتحصل عليها الوسيط هي أداته في ممارسة مهمته، والتي إن فقدها، فلن يكون قادرا على القيام بها، ومن ثم بات عليه الاعتذار عن الاستمرار بها.
وقبل نحو عام وثمانية أشهر وتحديدا في إبريل 2015، شعر المبعوث الأممي للأزمة اليمنية جمال بن عمر أنه بات فاقدا لأداة استمراره في مهمته بعد أن فقد ثقة الحكومة اليمنية، التي كالت له الاتهامات في أكثر من مناسبة بأنه يتبنى مخطط الانقلاب الحوثي.
وحمّله الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، مسؤولية فرض الحوثيين للدخول في مؤتمر الحوار الوطني، مع أنهم لم يكونوا طرفا في المبادرة الخليجية، ولم يعترفوا بالقرارات الأممية؛ مضيفا أنه "أعطاهم أكثر من أي حزب موجود في الحوار".
واتهمه السفير اليمني في الأمم المتحدة خالد اليماني بأنه يشرعن الأمر الواقع والانقلاب الذي فرضه الحوثيون بقوة السلاح، عبر تهميش السلطة الشرعية اليمنية المعترف بها محليا وعربيا ودوليا، من خلال اتفاق السلم والشراكة الذي طرحه.
ويعيش المبعوث الأممي الحالي إسماعيل ولد الشيخ الذي جاء خلفا لبن عمر نفس الأجواء، بعد طرحه لخارطة طريق لحل الأزمة اتهمتها الحكومة اليمنية بنفس الاتهامات التي وجهتها لاتفاق بن عمر.
وسلمت البعثة اليمنية لدى الأمم المتحدة رسالة إلى مجلس الأمن مساء أمس الأول (الثلاثاء)، وصفت فيها خطة المبعوث الأممي بأنها تمثل حافزا مجانيا للانقلابيين، يضفي الشرعية على تمردهم وأجندتهم.
إنفوجراف.. 10 مطالب.. الرئاسة اليمنية ترد على ولد الشيخ
وشددت البعثة في رسالتها على أن تتضمن الحلول السياسية للأزمة اليمنية عدة بنود، أهمها إشراك المخلوع صالح وزعيم ميليشيات الحوثي عبدالملك الحوثي في الحياة السياسية، وضرورة مغادرتهما وأسرهما البلاد.
وهاجم وزير الخارجية اليمني "عبد الملك المخلافي"، خارطة ولد الشيخ، وقال في 6 نوفمبر الماضي، خلال لقاء جمعه مع " أوميت يالتشين"، نائب وزير الخارجية التركي، على هامش اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التعاون الإسلامي الطارئ، في مدينة جدة السعودية: "إن خارطة الطريق التي تقدم بها ولد الشيخ لا يمكن أن تصنع سلاما، وإنما ستزيد من الصراعات والاقتتال الداخلي".
ووصل الخلاف بين ولد الشيخ والسلطة الشرعية في اليمن إلى حد أنه عجز عن لقاء الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، وباقي المسؤولين اليمنيين، خلال زيارته للرياض في أوائل نوفمبر الجاري، بعد رفضهم لقاءه، لشعورهم بتبنّيه وجه النظر الحوثية.
ولد الشيخ يغادر السعودية بعد تعذر لقائه بالرئيس هادي ونائبه
فهل يكتب هذا المشهد النهاية لمهمة ولد الشيخ في اليمن على خطى سلفه بن عمر؟ الأيام القادمة ستكشف إلى أي مدى سيكون قادرا على أداء مهمته.
aXA6IDMuMTM4LjEzNS4yMDEg جزيرة ام اند امز