في هذه الحرب الاستنزافية الطويلة التي نقف فيها مع الشرعية اليمنية يبرز في ذهن المخيال المجتمعي سؤالان أساسيان
في هذه الحرب الاستنزافية الطويلة التي نقف فيها مع الشرعية اليمنية يبرز في ذهن المخيال المجتمعي سؤالان أساسيان: الأول، نحن نحارب من؟ وما هي القوة الأبرز التي اختطفت قرار الأمة اليمنية وصادرت ثورتها السلمية التاريخية؟ الثاني، كيف عاد المخلوع صالح إلى الواجهة والمواجهة بعد أن وقع بيده مختاراً قرار الانسحاب من المشهد السياسي اليمني؟ والجواب على السؤالين قد يبدو واحداً متداخلاً ومتشابكا.
نحن والشرعية اليمنية والمجتمع الدولي نحارب الهيكل المتماسك لمنظومة الجيش اليمني السابق، الذي بناه المخلوع وفق عقيدة عسكرية واجتماعية تختلف جذرياً عما نظنه أو ألفناه في بناء الجيوش، بما فيها الجيش السعودي، وعلامة الاستفهام هنا هي...... كيف؟ المخلوع بنى ألوية الجيش وتشكيلاته وفصائله على مفهوم الخلايا القبلية الطائفية من القاعدة إلى رأس المثلث بهدف ضمان الولاءات، وأخطر من هذا كي يشعر هيكل هذا الجيش كاملاً بشراكة المصير ووحدة المركب وتساوي مآلات السقوط والانتصار على الجميع بلا استثناء.
وللتبسيط عمل ما يلي: اعتمد المخلوع على الأعيان وزعماء العشائر الشمالية في الأغلب مع رموز المجتمع لاستلام مفاصل الجيش، ثم ترك لهؤلاء أيضاً مسؤولية ملء آلاف الفراغات في وحداتهم العسكرية.
وهؤلاء أيضاً بدورهم فعلوا ما يفعله المخلوع، ولكن في ألويتهم ووحداتهم من اختيار الخلايا والقيادات عطفاً على الولاء للأسر والعشائر والطائفة. ومع الشروق الخافت الضبابي لشمس الدولة المدنية الحديثة بعد ربيع اليمن عاد المخلوع من الباب الواسع قاطفاً ثمار هذه العقيدة الاجتماعية التي بنى عليها جيشه، حين أحس هذا الجيش أنه في الطريق لأن يفقد تلك الامتيازات والمصالح التي اعتمد عليها كنمط حياة تعيش آلاف الأسر الطبقية المتماسكة عليه، ونحن هنا نتحدث عن ربع مليون منتسب لهذا الجيش بشكل مباشر أو غير مباشر. وبالطبع فخلف هذا الرقم ملايين من أسرهم وقبائلهم ومحيطهم الاجتماعي.
وللتشبيه المباشر: هو نسخة من الجيش العراقي في عهد صدام في البناء الاجتماعي، ونسخة تشبه خلايا الإخوان المسلمين في شكل الشبكات ونقاط تقاطعات علاقاتها مع بعضها البعض. وكل ما أخشاه وبشكل واضح أن الدولة اليمنية الوليدة "الشرعية" لم تستوعب ولم تدرس طبائع هذه التركيبة، ولا عقيدة هذا الجيش التي بني عليها، وبالتالي صعب عليها اختراقه أو إعادة دمجه في الحياة العسكرية الجديدة بطريقة لا تستفز فيه شعوره بانهيار المصالح والمزايا التقليدية في ظرف ليلة. وجهة نظري أننا نحارب جيشاً منحلاً يدافع بشراسة عن امتيازات لا عن وطن، ويحارب من أجل طبقات اجتماعية لا عن شعب.
أختم: الحوثية من وجهة نظري مجرد فصيل محدود لا وزن له إلا تشابك مصالحه مع "هيكل" المخلوع. انتهت المساحة.
* نقلا عن الوطن أون لاين
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة