عزل "لاعب الكريكيت".. كرات محدودة بيد عمران خان
بات نجم لعبة "الكريكيت"، والسياسي الباكستاني عمران خان، خارج ملعب السياسة، ولو مؤقتا، بعد قرار البرلمان عزله، في ظروف درامية.
وأقيل رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان من منصبه، الأحد، بعدما خسر تصويتا في البرلمان على حجب الثقة بعد أزمة سياسية استمرّت أسابيع عدة.
وقال رئيس الجمعية الوطنية بالوكالة سردار أياز صادق، بعد استقالة سلفه ونائبه، إن 174 نائبا صوتوا لصالح حجب الثقة و"بالتالي تم حجب الثقة".
وأعلن البرلمان الباكستاني أنه سيصوت لانتخاب رئيس جديد للوزراء غدا الإثنين، ومن شبه المؤكد أن زعيم المعارضة شهباز شريف سيخلف خان في رئاسة حكومة باكستان التي تمتلك السلاح النووي والبالغ عدد سكانها 220 مليون نسمة.
وحاول خان بشتى السبل البقاء في المنصب بما في ذلك حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات مبكرة، لكن المحكمة العليا أصدرت قرارا اعتبرت فيه أن كل التدابير التي اتّخذها الأسبوع الماضي باطلة، وأمرت الجمعية الوطنية بالانعقاد وبإجراء تصويت على حجب الثقة.
التطورات السياسية المتسارعة، باتت تطرح سؤالا ملحا، حول مستقبل خان السياسي، بعد فرض خصومه في المعارضة قرار عزله، رغم غياب النواب الموالين له، واستقالة رئيس البرلمان ونائبه أثناء جلسة التصويت.
وبرر رئيس الموالي لخان، استقالته بقوله إنه لا يستطيع الإشراف على الإطاحة بحليفه المقرب لمدة 30 عامًا، لينسحب بعد ذلك جميع حلفاء زعيم حزب "إنصاف" من القاعة.
انقلاب قضائي ومقاومة حتى النهاية
وصف أحد حلفاء خان قرار المحكمة العليا بحل البرلمان وأمر المشرعين بالعودة إلى المجلس للتصويت على اقتراح حجب الثقة، بأنه انقلاب قضائي وقال إن زعيمه سيواصل القتال "حتى النهاية".
خان قاوم قرار البرلمان، بدعوة أنصاره إلى النزول إلى الشوارع، وخاصة الشباب الذين كانوا العمود الفقري لدعمه منذ أن تولى نجم الكريكيت السابق الذي تحول إلى سياسي محافظ السلطة في عام 2018. وقال إنهم بحاجة لحماية سيادة باكستان ومعارضة الإملاءات الأمريكية.
لكن ورغم ذلك فإن خيارات خان باتت محدودة، فليس أمامه سوى محاولة الحفاظ على زخم احتجاجات الشوارع كوسيلة للضغط على البرلمان لحلّه والذهاب إلى انتخابات مبكرة، غير مضمونة النتائج.
فحين تقدم حزب خان إلى الانتخابات لن تخلو له الساحة، خاصة من جمهوره المؤيد للأحزاب الإسلامية، حيث سيكون في صدارة منافسيه الحزب الراديكالي "جمعية العلماء المسلمين".
كما ستكون المنافسة الانتخابية حامية الوطيس بين أكبر أحزاب المعارضة؛ حزب الشعب الباكستاني، بقيادة نجل رئيسة الوزراء الراحلة بينظير بوتو، والرابطة الإسلامية الباكستانية، التي تتزعمها عائة شريف.
ويبدو أن خان فقد سند المؤسسة العسكرية، وهو ما سيضعف قدرته على البقاء في الحلبة، وسط مؤشرات على تدهور العلاقة بينه وبين قائد الجيش الجنرال قمر جاويد باجوا.
وقال الجيش، الذي له دور كبير في باكستان وحكم البلاد لما يقرب من نصف تاريخها ويسيطر على بعض من أكبر المؤسسات الاقتصادية، إنه ما زال يلتزم الحياد في مجال السياسة.
والآن يقف عمران خان، وبيده كرات قليلة؛ أمام أدوار سياسية ستكون بلا شك أصعب مما عاناه في ملاعب "الكريكيت"، التي تفرض على لاعبيها قواعد صارمة، وتمتاز كراتها بالصلابة حدّ الموت.