صرخة أم فلسطينية مكلومة.. لماذا قتلوا محمد أيوب؟
استشهاد الطفل الفلسطيني محمد أيوب وتوثيق لحظة قنصه تركا جرحا غائرا لدى عائلته في مخيم جباليا وفجر غضبا دوليا.
لم يكن الطفل الفلسطيني محمد أيوب 14 عاما، يشكل خطرا على جنود الاحتلال عندما استهدفوه برصاصة في رأسه ليمضي شهيدا ويترك الأسى لدى عائلته ومحبيه، ويفجر غضبا دوليا على الاحتلال.
وأظهر مقطع فيديو صوره الشاب الفلسطيني عبدالله أبو عودة واطلعت عليه "العين الإخبارية" أن الطفل أيوب كان متوقفا في منطقة هادئة عندما أصيب برصاصة في رأسه مباشرة ليسقط على الأرض ويتجمع حوله عدد من الفتية لمحاولة إنقاذه.
باغتوه بالرصاص
يروي رمضان حوسو سائق الإسعاف لـ"العين الإخبارية" تفاصيل إصابة الطفل أيوب: "كان محمد أيوب ومعه عدد من المواطنين وخصوصا الأطفال يقفون في منطقة بعيدة عن الأحداث (المواجهات بين المشاركين في مسيرات العودة وجنود الاحتلال) بنحو 150 مترا ولم يكن معه أي شيء يقذفه على جنود الاحتلال هو ومن قربه؛ فهم لم يشكلوا أي خطر على الجنود الذين باغتوه بالرصاص".
وأضاف "تقدمت لصعوبة إصابته بسيارة الجيب -المخصصة لنقل المصابين من المناطق الوعرة- دون انتظار تنسيق الصليب الأحمر مع قوات الاحتلال للوصول للمنطقة القريبة من السياج وفق ما تقتضي الاتفاقيات؛ لأن التنسيق يأخذ وقتا والطفل ملقى أمامنا مصابا برصاصة قاتلة.. خلال أقل من دقيقة كنا عنده ونقلناه لأقرب مستشفى".
الجرح الغائر
استشهاد محمد وتوثيق لحظة قنصه تركا جرحا غائرا لدى عائلته في مخيم جباليا، فأصغر شقيقاته ديما التي لم تعد عامها الثالث تفتش في الوجوه عن حبيبها الغائب.
الطفل الشهيد هو الابن الثاني لعائلة لاجئة تعيش في منزل بسيط مسقوف بـ"الأسبست" في أكثر مكان بالعالم اكتظاظا؛ مخيم جباليا، ولديه 5 أشقاء 3 منهم طفلات.
تقبل رائدة أيوب والدة الشهيد (38 عاما) صورة طفلها محمد التي ملأت شاشة جهاز هاتف محمول، وهي تقول بصوت مرتجف رحل إلى ربه.. لماذا قتلوه ماذا يمكن أن يشكل خطرا عليهم هذا الطفل البريء؟
في منزل عائلة الشهيد تتجمع النسوة ليخففن المصيبة عن والدته، فيما تبدو الأم المكلومة المتشحة بالملابس السوداء حزينة على فقد فلذة كبدها.
تتذكر اللحظات الأخيرة لطفلها وهي تقول لـ"العين الإخبارية": "أعد عصير الليمون، وتناول معنا الغداء ثم غادر للمشاركة في المسيرات".
صمتت لحظات لتواري دموعها وهي تقول بصوت متهدج "حاولت أن أثنيه عن الذهاب ولكنه أصر على المشاركة".
وفي مقطع الفيديو المتداول للشهيد يظهر محمد بقميص أحمر وبنطال أبيض بعيدا عن السياج الحدودي، عندما قتله قناص، وقد سقط على الأرض والدماء تسيل من رأسه لتروي الأرض التي عشقها.
تقول أم أيوب والدة الشهيد إن الملابس التي كان يرتديها هي المفضلة للشهيد وأصر أن يرتديها، وها هو رحل إلى ربه بها.
مليح الوجه يمضي شهيدا
الطفل محمد مليح الوجه خفيف الظل، تستذكر الأم بوجع ولع ابنها الشهيد في العناية بمظهره وشعره الذي كان يقصه بشكل جميل ويحرص على تمشيطه بالحين والآخر.
وتساءلت رائدة أيوب عن "نوعية القلب" لدى القناص الإسرائيلي الذي قتل ولدها على الرغم من أنه لم يشكل خطرا على حياته.
"طفل صغير لا يحمل أسلحة ولا يشكل على القناص خطرا، لا أفهم لماذا قتله، هل لأنه ذهب ليشاهد أرض أجداده؟" قالت أيوب.
لماذا قتلوه؟
والد محمد، إبراهيم أيوب، (42 عاما)، يستقبل بصبر المعزين في خيمة العزاء التي توسط أحد الشوارع في جباليا، ويقول: ابني رحل شهيد لكن لماذا قتلوه؟ أي خطر يشكله هذا الطفل البريء على قوات الاحتلال.
يشعر أبو أيوب بالألم لأنه لم يستطع أن يوفر احتياجات ابنه بعد تأثر دخله في ضوء عدم صرف راتبه من الحكومة الفلسطينية حتى الآن. كان يريد أن أشتري له هاتفا نقالا وأنا وعدته بذلك، كنت أنتظر استلام الراتب ولكن القدر كان أسرع.
الطفل محمد هو أحد أربعة أطفال بين 36 فلسطينيا قتلهم قناصة الاحتلال منذ بدء مسيرات العودة شرق قطاع غزة في 30 مارس/آذار الماضي، فيما أصيب أكثر من 4200 آخرين بجروح.
أحمد زميل محمد في المدرسة لم يكن بعيدا عنه لحظة إصابته، ولا يزال يعيش وقع الصدمة مما حدث لرفيقه على مرأى مع العالم.
يقول بكلمات لا تكاد تفارقه منذ استشهاد محمد: ماذا فعل محمد ليقتله جندي بالسلاح؟ هل شكل خطرا على الجنود؟
وبينما غادر الجميع المقبرة حيث ووري محمد الثرى التف أحمد وبعض زملاء محمد حول قبره وهم يرفعون صورة كبيرة له.. وقال أحدهم لن يكون للحياة طعم بعد فراقك مثلما كان من قبل.
دم الشهداء يسقي وردة النصر
المشهد المؤثر للشهيد وهو ينزف على الأرض، جسده الفنان عماد أبو أشتية في لوحة "دم الشهداء يسقي وردة النصر" بحيث يظهر دماء الشهيد وقد أنبتت وردة النصر والحرية، وهي اللوحة التي جرى تداولها بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.
ملادينوف يغضب
المشهد المصور للحظة قنص الطفل محمد أيوب أثار غضبا وانتقادات دولية للقوة المميتة التي تستخدمها إسرائيل في قمع متظاهرين سلميين.
وقال نيكولاي ملادينوف مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط في رسالة عبر تويتر: "من المخزي إطلاق النار على الأطفال. كيف يمكن لقتل طفل في غزة اليوم أن يساعد في إحلال السلام؟ لا لن يساعد.. إنه يؤجج الغضب ويغذي المزيد من القتل. تجب حماية الأطفال من العنف وليس تعريضهم له".
aXA6IDE4LjIxNi4xMDQuMTA2IA==
جزيرة ام اند امز