الرصاص المتفجّر.. سلاح تجرّبه إسرائيل في أجساد متظاهري غزة
الرصاص المتفجّر يتناثر إلى شظايا ويسبب تهتكات كبيرة في أطراف المصابين تفوق تأثير الرصاص العادي
على سرير الشفاء يرقد الفتى الفلسطيني محمد أبو مصطفى في مستشفى غزة الأوروبي جنوب قطاع غزة، متأوهًا من ألم إصابته برصاص الاحتلال في مظاهرات نصرة القدس، ما أدى إلى بتر ساقه اليمنى.
ويروي أبو مصطفى (17 عاما) لـ"بوابة العين الإخبارية" تفاصيل إصابته برصاص قناص إسرائيلي خلال مشاركته في مظاهرة احتجاجية قرب بوابة أبو ريدة شرقي خان يونس جنوب قطاع غزة، الجمعة قبل الماضية.
ويقول: "كنت أقف على بعد حوالي 150 مترا من السياج الحدودي، أشاهد المتظاهرين، أردت أن أشارك نصرة للقدس، وكان خلف السياج قناصة الاحتلال بتمركزون خلف تلال رملية.
الوخزة الدامية
أشبه بوخزة دبوس، يصف أبو مصطفى - وهو ينظر بمرارة إلى بقايا رجله التي لُفت بالشاش الأبيض- اللحظة الأولى لإصابته رغم أنه لم يسمع صوت الرصاص، مضيفا: "بعد لحظات بدأت أشعر بالألم الشديد ونظرت نحو قدمي فإذا العظام متناثرة ودخان يتصاعد من مكان الإصابة، ورجلي بالكاد موصولة بالجلد".
صرخات أبو مصطفى "أصبت أصبت" جذبت انتباه عدد من المتظاهرين، الذين أسرعوا تجاهه وحملوه باتجاه سيارة إسعاف نقلته إلى مستشفى غزة الأوروبي لتلقي العلاج.
ويضيف أبو مصطفى: "تبين أنني أصبت بعيار ناري متفجر أسفل الركبة اليمنى. بعد ساعة أبلغني الأطباء أنهم سيبترون رجلي من أسفل الركبة لأن العيار الناري المتفجر تسبب بتهشم العظام وفصل الشريان والأوردة".
تدخلت والدة محمد في الحديث وقالت:"الحمد لله على كل حال، أبلغنا الأطباء "أنهم مضطرون لبتر الساق، حاولنا معهم لعله يكون هناك خيار آخر، ولكنهم قالوا إنه أصيب برصاصة متفجرة أدت إلى تهتك وتهشم العظم ما يستدعي البتر".
ويدرس محمد في كلية الصناعة، يجول في خاطره كيف سيكمل حياته مع هذا المصاب الجديد، وفقدان ساق، ولكن تلمح عيناه بالإرادة وهو يقول سنواصل مهما كان الألم.
نموذج متكرر
الفتى أبو مصطفى لم يكن المصاب الوحيد الذي يتسبب رصاص الاحتلال المتفجر بإصابته، فغير بعيد عنه في غرفة مجاورة في المستشفى نفسها، يرقد الشاب بسام يوسف أبو عنزة (23 عاما) الذي بُترت هو الآخر ساقه اليمنى من أعلى الركبة، لترقده عاجزا.
ويقول أبو عنزة لـ"بوابة العين الإخبارية" إنه كان يشارك يوم الجمعة الماضية في تظاهرة نصرة القدس شرق عبسان الجديدة، عندما جرى قنصه بشكل مباشر من قناصة الاحتلال وإصابته برصاصة متفجرة أدت لبتر ساقه.
الرصاص المتفجر
ووفق الأطباء والمسعفين، فإن الاحتلال يستخدم الرصاص المتفجر الذي يتناثر إلى شظايا ويسبب تهتكات كبيرة في أطراف المصابين، تفوق تأثير الرصاص الحي العادي.
ويؤكد الدكتور أشرف القدرة، المتحدث باسم وزارة الصحة بغزة لـ"بوابة العين الإخبارية"، أنه وبفحص طبيعة الإصابات التي وصلت المشافي بغزة، تبين أن الاحتلال استخدم أسلحة لها تأثيرات خطيرة، سواء فيما يتعلق بالرصاص المتفجر، الذي يتسبب بالإعاقات، أو الغاز الذي له تأثيرات خطيرة وغير مسبوقة.
ومنذ اندلاع تظاهرات الغضب الفلسطيني على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إعلان القدس عاصمة لإسرائيل في السادس من شهر ديسمبر/كانون الأول الجاري، قتلت قوات الاحتلال 13 فلسطينيا وأصابت 716 آخرين، في قطاع غزة، وفق القدرة.
ووثقت مؤسسات حقوقية، فلسطينية استخدام الاحتلال الرصاص المتفجر بكثافة ضد المتظاهرين في مناطق التماس شرق القطاع، والتي تندلع بشكل خاص في أيام الجمعة.
إصابات وإعاقات
ويقول ياسر عبد الغفور، نائب مدير وحدة البحث الميداني في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، إن مؤسسته وثقت 617 إصابة بينها 330 بأعيرة نارية شرق القطاع، عدد كبير منهم استهدفوا بأعيرة متفجرة.
ويشير عبد الغفور لـ"بوابة العين الإخبارية" إلى أنهم وثقوا حالتي بتر على الأقل، إضافة إلى إصابات كبيرة يخشى أن تنتهي بإعاقات نتيجة الرصاص المتفجر، بما في ذلك استهداف صحفي أصيب بالرصاص المتفجر خلال تغطيته الأحداث.
وعبر عن خشيته بأن إسرائيل تستغل هذه التظاهرات لتجريب أسلحتها القاتلة، فضلا عن استخدام أسلحة محرمة، مؤكدا أن منظمته تعمل على توثيق الانتهاكات، من أجل ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين.
وبرز استخدام الاحتلال في تفريق المتظاهرين رصاصة "التوتو" ، التي تحتوي على العديد من الشظايا، والتي عندما ترتطم بجسم صلب تتشظى إلى أجزاء صغيرة، وتنتشر في المكان المصاب.
ويطلق رصاص الـ"توتو" من سلاح خاص يسمى "روجر"، ولا يصدر عنه صوت عند إطلاقه، ولا يشعر الإنسان بأنه أصيب به إلا بعد أن يسقط على الأرض من أثر الإصابة، التي قد تكون قاتلة أحيانا.