الجيل الثائر على "اتفاق أوسلو" يحمل لفلسطين هبات جديدة في 2018
صمود أبوثريا وعهد التميمي والجنيدي أثار توقعات بأن عام 2018 سيشهد هبات أخرى يقودها جيل ما بعد أوسلو.
تمثل أيقونات المقاومة الفلسطينية في 2017، الشهيد المقعد إبراهيم أبو ثريا، والفتاة عهد التميمي، والطفل المحرر محمد الجنيدي، الجيل الفلسطيني الذي تمرد على اتفاق أوسلو الموقع عام 1994، بعد أن تحول من حلم الدولة الفلسطينية إلى نظام الفصل العنصري.
وما يجمع التميمي والجنيدي (16 عاما) وأبو ثريا (29 عاما) هو أنهم أسهموا في كسر الصورة التي حاول الجيش الإسرائيلي على مدى 50 عاما من الاحتلال منذ عام 1967 أن يكرّسها بأنه "الجيش الذي لا يقهر".
فأبو ثريا سقط شهيدا برصاصة قناص إسرائيلي في رأسه وهو يجابه قوات الاحتلال، وهو قعيد مبتور القدمين، أما التميمي فقد صفعت ضابطا إسرائيليا على وجهه، فيما كشف الجنيدي عن حقيقة الاحتلال وهو معتقل معصوب العينين محاط بـ23 جنديا إسرائيليا في صورة هزّت العالم.
وجمع أبو ثريا، الذي استشهد في قطاع غزة، والتميمي، التي اعتقلت من منزل عائلتها في بلدة النبي صالح في الجزء الشمالي من الضفة الغربية، والجنيدي الذي اعتقل في مدينة الخليل في الجزء الجنوبي من الضفة الغربية، الشتات الفلسطيني الذي تسبب به الاحتلال.
الكبار يموتون والصغار لا ينسون
وقال الشيخ عكرمة صبري، خطيب المسجد الأقصى، في خطبة الجمعة بالمسجد: "لقد سقطت أكذوبة الجيش الذي لا يهزم، وكان الساسة اليهود يقولون إن كبار السن من أهل فلسطين يموتون وإن الصغار ينسون، ونحن نقول بوضوح نعم إن الكبار يموتون، وهذه سنة الله في خلقه وكلنا سنموت، أما الصغار من أهل فلسطين فلا ينسون أبدا، لم ينسوا القضية الفلسطينية ولم ينسوا حق العودة والقدس والمسجد الأقصى، وإن الأجيال الصاعدة هي أشد وأصلب وأقوى عودا من الأجيال التي سبقتها".
وتقول أجهزة الأمن الإسرائيلية إنها تواجه في السنوات الأخيرة جيلا فلسطينيا يثور على الواقع بأساليب غير تقليدية في المقاومة الفلسطينية، لعل أبرزها الهجمات الفردية بالسكاكين.
ولا يمكن بحال فصل الهبة الجماهيرية الفلسطينية الحالية عن إخرى مشابهة في العامين الماضيين وهبات مستقبلية متوقعة.
جيل ما بعد أوسلو
وتماشيا مع ذلك، قال راسم عبيدات، المحلل السياسي، لـ"بوابة العين الإخبارية": "هذا جيل ما بعد أوسلو الذي هو في حالة تمرد على الواقع الحالي؛ حيث استمرار الاحتلال والاستيطان والاعتداء على القدس ومقدساتها، وهو يعتقد أن الكارثة التي يعيشها شعبنا ناتجة عن فشل أوسلو في تحقيق الدولة وأن القيادات الحالية هي المسؤولة عما وصل إليه الشعب الفلسطيني".
وأضاف: "ما يميز حراك هذا الجيل هو أنه عفوي وغير مؤطر وبالتالي هو فاجأ في كل مرة أجهزة الأمن الإسرائيلية وحتى القيادات الفلسطينية، واعتقد أن هذا الحراك سيستمر ويتواصل إلى حين فرز قيادات له تقود هذه الاحتجاجات العفوية والمؤثرة".
ورأى عبيدات أن الهبة الفلسطينية الحالية وما سبقها "كسرت حاجز الخوف وصورة ما يسمى الجيش الذي لا يقهر، فشاهدنا أطفالا في حالة تحدٍ مع جيش الاحتلال، فمثلا الطفلة التميمي صفعت ضابطا إسرائيليا، فيما أن الجنيدي كسر صورة الجيش الإسرائيلي بصورته، والمظاهر المشابهة كثيرة في الأراضي الفلسطينية".
وتوقع عبيدات استمرار تلك الهبات قائلا: "أعتقد أن الهبة الحالية لن تكون الأخيرة وستكون هناك هبات أخرى قد تتحول إلى انتفاضة، إلا في حال أذعن الاحتلال وانسحب من الأراضي الفلسطينية لقيام دولة عاصمتها القدس على حدود 1967 مع حل قضية اللاجئين استنادا إلى القرار 194".
قوانين خاصة
ولكن الاحتلال الإسرائيلي اختار مواجهة هذا الجيل من خلال المزيد من القمع بسن قوانين تستهدفهم بشكل خاص.
وقال قدورة فارس، رئيس نادي الأسير الفلسطيني، لـ"بوابة العين الإخبارية"، إن الحكومة الإسرائيلية استحدثت قانونا يسمح بمحاكمة الأطفال دون سن الرابعة عشر من العمر، وهو ما سمح بمحاكمة الأطفال في مدينة القدس تماما كالأطفال في الضفة الغربية.
وأضاف: "كما تم سن قانون يرفع عقوبة رشق الحجارة إلى ما بين 6 أشهر و20 سنة، وهي عقوبة مرتفعة جدا وغير مسبوقة".
وجاء ذلك بعد أن بات الحراك الفلسطيني يتركز أساسا في مدينة القدس في مواجهة الإجراءات الإسرائيلية ضد الأقصى وضد مدينة القدس.
ولفت فارس إلى أن النسبة الأكبر من المعتقلين في السنة الحالية والعامين الماضيين كانت من محافظة القدس.
في عيون الكثير من الفلسطينيين فإن التميمي والجنيدي وأبو ثريا هم نموذج ليس فقط لحراك فلسطيني آني، وإنما المستقبل، ففي وسائل التواصل الاجتماعي يتم النظر إليهم على أنهم أبطال يحتذى بهم.