"الشيخ جراح" بالقدس.. الاستيطان يطرق أبواب القنصليات الأجنبية
اعتاد قناصل الدول الأوروبية بالقدس زيارة المواقع الفلسطينية المستهدفة بالاستيطان لإدانته، إلى أن وصل إلى أبواب مكاتبهم.
اعتاد قناصل الدول الأوروبية في القدس الشرقية على مدى سنوات، زيارة المواقع الفلسطينية المستهدفة بالاستيطان لإدانته أو رفع التقارير إلى حكوماتهم عنه، إلى أن وصل إلى أبواب مكاتبهم.
ففي حي الشيخ جراح، الأرقى في القدس الشرقية المحتلة، يمكن بسهولة رؤية أعلام دول كبيرة مثل بريطانيا وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا والسويد وبلجيكا.
لكن الأعلام الإسرائيلية الزرقاء بدأت تظهر شيئا فشيئا من بين هذه الأعلام؛ فباتت بؤرة استيطانية أقيمت على أنقاض فندق شيبرد الذي أقيم على جزء من منزل المفتي الحاج أمين الحسيني، وتجاور القنصلية البريطانية.
فقد استولى مستوطنون على منازل فلسطينية قريبة من القنصلية السويدية، فيما لا يفصل مقر القنصلية الإيطالية عن المقر الجديد للحركة الاستيطانية "أماناه" سوى أمتار قليلة، فضلا عن مقر قيادة الشرطة الإسرائيلية.
ويتخلل هذه البؤر الاستيطانية 3 فنادق إسرائيلية كبيرة أقيمت قبل سنوات على أرض وقفية في حدود القدس الشرقية، وعلى مقربة من الخط الفاصل بين شطري المدينة الشرقي والغربي.
وسمي الحي بهذا الاسم نسبة إلى الطبيب الشّيخ حسام الدّين بن الشرافي الملقب بـ"الجراح" الذي كان الطبيب الشخصي للقائد التاريخي صلاح الدين الأيوبي.
وفي الحي ذاته يعيش عدنان الحسيني، وزير شؤون القدس ومحافظ المدينة، ويقيم ممثل الاتحاد الأوروبي في الأراضي الفلسطينية.
وفيه كان يقيم مفتي القدس الأكبر الشيخ أمين الحسيني، ومن مقر منظمة التحرير الفلسطينية "بيت الشرق " فيه انطلقت جنازة القيادي الفلسطيني البارز فيصل الحسيني.
وما زال الحي مقرا لعدد من عائلات القدس العريقة مثل نسيبة والنشاشيبي والخالدي وجار الله وبركات.
وفيه عدد من فنادق المدينة الشهيرة، منها "الأمبسادور "الذي أقام فيه مؤسس منظمة التحرير الفلسطينية أحمد الشقيري، و"الأمريكان كولوني" الشهير في المدينة، فضلا عن المسرح الوطني الفلسطيني المعروف باسم "الحكواتي".
ويقيم نحو 3000 فلسطيني حاليا في هذا الحي الذي يعتبر الأكثر تكلفة في مدينة القدس الشرقية؛ حيث يصل ثمن الشقة السكينة بمساحة 120 مترا مربعا فيه إلى أكثر من 600 ألف دولار.
ولكن السكان يعانون صنوف الممارسات الإسرائيلية الهادفة لتهويد الحي دون أن تتمكن منظمة الصليب الأحمر الدولية، التي تتخذ من الحي مقرا لها، من وقف هذه الممارسات التي غالبا ما تتخذ طابعا دينيا.
ففي عام 2008 بدأت جماعات استيطانية حملة استيلاء على عدد من المنازل الفلسطينية بداعي قربها مما تسميه ضريح "الصديق شمعون".
غير أن الفلسطينيين يفندون هذه المزاعم، مشيرين إلى أن الضريح يعود للشيخ السعدي الذي امتلك المنطقة قبل مئات السنوات.
وفي جانب آخر تقع كوبانية "أم هارون" وهي يهودية تمكنت في العام 1896 من تأجير أرض وقفية بمساحة 6 دونمات لمدة 99 عاما في المنطقة؛ ليطالب يهود الآن بإخلاء عشرات العائلات الفلسطينية من المنطقة بزعم الملكية اليهودية للأرض.
وتقول دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية في تقرير أرسلت نسخة منه لـ"بوابة العين" إن الاحتلال يسعى لإنشــاء تواصــل جغرافــي يمتــد مــن القــدس الغربيــة إلــى الجامعــة العبريــة عـن طريـق الاستيلاء علـى حـي الشـيخ جـراح.
ولفتت كذلك إلى أن الاحتلال يقوم أحيانا بإجبار عائلات فلسطينية على الرحيل قسرا عن الحي.
وفي هذا الصدد قال خليل التفكجي، مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات الفلسطينية، لـ"بوابة العين" إنه بعد مصادرة العديد من المنازل الفلسطينية وإقامة عددا من البؤر الاستيطانية في حي الشيخ جراح فإن الجماعات الاستيطان، مدعومة من قبل الحكومة تخطط للتوسع أكثر في الحي".
وضرب مثالا على ذلك بأنه مؤخرا تمت المصادقة على بناء بناية للمستوطنين على أنقاض منزل عائلة شماسنه التي تصارع منذ سنوات للحفاظ على منزلها، وبناية أخرى على أنقاض 4 منازل فلسطينية يجري التخطيط لإخلائها من أصحابها، وبناية من عدة طبقات تتكون من مكاتب إضافة إلى بناية كبيرة تكون مدرسة للمتدينين اليهود".
ويستغرب عدنان الحسيني، وزير شؤون القدس ومحافظ المدينة، الصمت الدولي على التوسع الاستيطاني المتسارع في حي الشيخ جراح.
غير أنه قال لـ"بوابة العين": "مهما فعل الإسرائيليون فإن مدينة القدس ستبقى عربية، وفي نهاية الأمر فإن القدس الشرقية ستكون العاصمة الأبدية للدولة الفلسطينية، فهذا هي الوصفة الوحيدة للأمن والاستقرار في المنطقة".
وأضاف الحسيني: "الاحتلال إلى زوال وكل ما نشأ عن هذا الاحتلال سيزول وستبقى القدس كما نعرفها الوجه المشرق في المنطقة".
aXA6IDE4LjExNy4xOTIuNjQg
جزيرة ام اند امز