مظاهرات العودة بغزة.. ميادين لتدريب قناصة الاحتلال
الاحتلال أعطى تعليمات لجنوده المرابط على الحدود مع غزة لإطلاق النار بشكل قاتل على المتظاهرين دون وضع اعتبار لمستوى التهديد
ما بين استخدام سلاح قنص جديد وتغيير تعليمات إطلاق النار، تفاصيل وأوامر عسكرية إسرائيلية يدفع ثمنها المتظاهرون الفلسطينيون في مسيرات العودة وكسر الحصار، بعدما باتوا أهدافا لقناصة الاحتلال الإسرائيلي.
فبعد يومين من كشف صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أن جيش الاحتلال خلال الأشهر الأخيرة درب جنوده على حدود قطاع غزة بسلاح قنص جديد، أعلنت تقارير إسرائيلية أن الجيش قرر تغيير تعليمات إطلاق النار الصادرة للقناصة خلال استهداف متظاهري مسيرة العودة.
سلاح قنص جديد
ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن ضابط إسرائيلي كبير أنه خلال نشاط القناصة على حدود غزة، يتلقى الضباط في غرفة العمليات بيانات عن نيران القناصة من الميدان، من الذي أطلق ومن أصاب ومن فشل، وأن الجندي الذي لا يستطيع بالقدر الكافي تحقيق نجاحات ينقل من الوحدة.
وحسب "يديعوت"، فإن قطعة سلاح القنص الجديدة التي دخلت إلى وحدات النخبة في الجيش تعد متطورة جدا، وتحقق دقة كبيرة، وأنه يمكن لها أن تحمل كاتم صوت.
ومنذ 30 مارس/آذار 2018، يتظاهر آلاف الفلسطينيين في 5 ساحات اعتصام، نُصبت بها خيام شرق القطاع بزخم كبير كل جمعة ضمن فعاليات مسيرة العودة الكبرى، وعادة ما يستخدم الجيش الإسرائيلي القوة المفرطة ضد المشاركين فيها.
تعليمات إطلاق النار
المفارقة؛ أنه بعد يومين من الكشف عن سلاح القنص الجديد، جاء الإعلان عن تغيير تعليمات إطلاق النار التي أدت لمقتل مئات الفلسطينيين وإصابة الآلاف، خلال نحو 16 شهرا من انطلاق مسيرات العودة.
ووفق منظمة "بتسيلم" الحقوقية الإسرائيلية فإن سياسة إطلاق النار المخالفة للقانون التي تطبقها إسرائيل في مظاهرات "مسيرات العودة" في قطاع غزة والتي حظيت بمصادقة محكمة العدل العليا، أدت لسقوط هذا العدد الكبير من القتلى والجرحى.
وقالت المنظمة الحقوقية -في بيان لها الخميس، حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه- "تبيّن أنّ الجهات الرسميّة الإسرائيلية كانت طوال الوقت تدرك جيدا وجود فجوة بين تصريحات المسؤولين والواقع".
وأشارت إلى ما أوردته "حدشوت كان" الإسرائيلية أن الجيش قرر الآن تغيير تعليمات إطلاق النار الصادرة للقناصة "بعد التأكد من أن التصويب على الجزء الأسفل من الجسم وفوق الركبة سبب الموت في معظم الأحيان، على الرغم من أنه لم يكن هذا هو القصد، وفق الادعاءات.
التعليمات للجنود من الآن فصاعدا -وفق الصحيفة الإسرائيلية- أن يصوبوا إلى ما تحت الرّكبة كملاذ أخير، ولاحقا قيل لهم إلى الكاحل".
قرار تغيير تعليمات إطلاق النار في هذا الوقت المتأخر وبعد تطبيقها طيلة أكثر من سنة وتسبّبها في مقتل ما لا يقلّ عن 206 فلسطينيّين من بينهم 37 قاصرًا وجرح الآلاف ليس معناه أن الجيش يولي قيمة كبيرة لحياة البشر، بل معناه عكس ذلك تماما، وفق منظمة بتسيلم.
سياسة إجرامية
وأوضحت المنظمة أن ذلك يدل على أن جيش الاحتلال اختار وهو بكامل وعيه ألا يعتبر من يقفون قبالته في الجانب الآخر بشراً، مشيرة إلى أن محكمة العدل العليا الإسرائيلية صدقت ببراءة مصطنعة هذا الكلام وصادقت عليه.
وأشارت المنظمة الحقوقية إلى أنها رفعت التماسا في السابق لمحكمة العدل العليا حول تعليمات إطلاق النار، لكن الالتماس رفض بداعي أن التعليمات تجيز إطلاق الرصاص الحي فقط في حالة "خطر داهم ومحقق"، وهو الأمر الذي تفنده الوقائع والمعطيات وما أقر به الجيش في تعليمات جديدة.
فعلى مدار الأشهر التي توالت منذ بدء مظاهرات مسيرة العودة أخذت الفجوة تتسع بين ما ادعته إسرائيل أمام المحكمة وقرار القضاة والنتائج المروعة الناجمة عن تطبيق تعليمات إطلاق النار على أرض الواقع.
إحصاءات تكذب إسرائيل
ووفق توثيق المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان (مستقلة بغزة) فقتلت قوات الاحتلال في مسيرة العودة 207 فلسطينيين منهم 44 طفلاً، وامرأتان، و9 من ذوي الإعاقة، و4 مسعفين وصحفيان.
ويؤكد ياسر عبدالغفور، نائب مدير وحدة البحث الميداني في المركز الحقوقي الفلسطيني، أن توثيق طواقم المركز يظهر بوضوح أن قوات الاحتلال تستخدم القوة المفرطة دون أي مبرر ضد المتظاهرين، وأن أكثر من 80% من القتلى استهدفوا في الجزء العلوي من الجسم.
وأشار، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، إلى أن هناك فجوة كبيرة بين ما يعلنه الاحتلال وما يمارسه على أرض الواقع، حيث يبدو لنا واضحا أن الجيش يستخدم أماكن التظاهر والمشاركين فيها ميادين للرماية وتدريب الجنود وتجربة الأسلحة الجديدة، مدللا على ذلك بارتفاع أعداد الإصابات في الجزء العلوي من الجسم.
ووفق وزارة الصحة بغزة، فقد أصيب أكثر من 31 ألفا من المتظاهرين، منهم 17.581 أصيبوا إصابات مباشرة، من هؤلاء 1736 أصيبوا في الرقبة والرأس، و693 في الصدر والبطن، و2492 في الأطراف العلوية، كما أن 7132 أصيبوا بالرصاص الحي و1928 بالشظايا.
ويؤكد عبدالغفور أن أنماط استخدام الأسلحة وضحاياها تدلل بوضوح على الاستخدام المفرط للقوة دون أي مبرر، مبينا أنه حتى في الحالات التي تستخدم فيها قنابل الغاز فإنها تستخدمها كأدوات قتل، إذ تسببت باستشهاد ما لا يقل عن 8 متظاهرين.
تحذير من التصعيد
واستباقا لأحداث الجمعة الـ68 للمظاهرات، أكد خالد البطش، رئيس الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار، أن استمرار إطلاق النار على المتظاهرين "سيجر لجولة جديدة من التصعيد مع الاحتلال".
وقال في بيان، تلقت "العين الإخبارية" نسخة منه، إن الاحتلال مستمر بتعليمات إطلاق النار للقناصة القتلة وتشريع القتل تحت سمع وبصر العالم ومنظمات حقوق الإنسان"، مشددا على أن "شعبنا يسعى لحماية حقه في العودة وكسر الحصار الظالم منذ سنوات عبر مسيرات شعبية وأدوات سلمية".
aXA6IDMuMTI5LjM5Ljg1IA== جزيرة ام اند امز