المساعدات الإماراتية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين بلغت خلال السنوات الـ 6 الماضية فقط، 216 مليون دولار.
تجسدت فلسطين وقضيتها تاريخياً في الوعي العربي منذ ما يقارب القرن بشكلٍ واحدٍ لا غير، تمثّل في أن فلسطين ملهمة الأحرار والشرفاء، وقضية حقوق الإنسان أينما كان، وظاهرة الاحتلال الوحيد الباقي على وجه الكرة الأرضية، فلسطين التي أحبها العرب قيادات وشعوباً، وبذلوا في سبيلها الغالي والنفيس، بدءاً من الدعم الإعلامي والتبني الفكري لقضيتها وخدمتها عبر المنابر العربية والعالمية، من قبل القيادات قبل الشعوب، وما مواقف المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود، طيّب الله ثراهما، ومواقف الإخوة والأبناء بعدهما، إلا محطات ناصعة في تاريخ العلاقة بين الدول العربية شعوباً وحكاماً، وفلسطين قضية العرب والمسلمين المركزية وقبلتهم الأولى.
هي فلسطين التي يحكي لنا كبارنا عنها بحب، أن كيف سكنت وعيهم ووجدانهم، فوصل بهم الأمر إلى التطوع في جبهات القتال فيها، وكيف تبرعت النساء بمقتنيات الذهب، وكيف تبرع الموظفون والطلبة بالريال السعودي والدرهم الإماراتي كل صباح، وكيف هبّ الجميع متضامنين معها في كل حدث حزين عبر ماضي السنوات.
فلسطين التي خصتها الإمارات، وحدها، بمليارات الدولارات طوال عقود، حتى أنّ المساعدات الإماراتية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين بلغت خلال السنوات الـ 6 الماضية فقط، 216 مليون دولار، في مجالات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية، حتى افتتاح مدينة الشيخ خليفة في غزة ووضع حجر الأساس فيها، والتي بلغت كلفتها وحدها 100 مليون دولار أمريكي.
تلك فلسطين التي نعرفها ونحبها، ونسعى من خلال اتفاق سلام عادل وشامل للحفاظ على حلم دولتها المستقلة بحدود الرابع من حزيران، وعاصمتها القدس، أما فلسطينهم التي يدعون حمل رايتها اليوم، فهي انعكاس هجين لتآمر إخواني أردوغاني – إيراني، يريد لفلسطين أن تكون ذريعة حكمهم وتحكمهم بمقدرات شعوبهم، وذريعة تدخلهم السافر في قضايا المنطقة، وتدميرهم لبنيتها التحتية وسرقة مواردها لصالح الاقتصادين المريضين لكل من تركيا وإيران، وتضييعهم فرص التنمية والنهوض التي لا تحتاج منا أكثر من وقفة جريئة لوقف النزف العربي أمام خطر القوتين الإقليميتين الغاشمتين، واستشراف المستقبل المشرق للمنطقة والذي نراه متحققا في القريب العاجل، بحكمة محمد بن زايد وعزيمة محمد بن سلمان.
فلسطيننا، التي التزمنا قضيتها طوال 72 عاماً، هي حل الدولتين الذي كادت إسرائيل تقوّض ركائزه لولا الضغط الإماراتي الجبار في سبيل ثنيها عن خطوة الضم، وإلزامها بضمانة أمريكية، مقابل ما يتيحه اتفاق السلام من منافع ومصالح لجميع شعوب المنطقة، وفي مقدمتهم الفلسطينيون والإسرائيليون، بقبول التخلي عن نسبة 30% من أراضي الدولة الفلسطينية المستقبلية، كانت تسعى لضمها في الأيام القليلة التي سبقت الاتفاق الاختراق، والتي لولا الخطوة الإماراتية، كادت تخرج حتى من سياق التفاوض مع الإسرائيليين، الذين أتقنوا اللعب على تناقضات العرب بل والفلسطينيين أنفسهم، في مفاوضاتهم الثنائية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة