فلسطين في أسبوع.. حكومة جديدة في رام الله وأخرى إسرائيلية تتشكل
أداء الحكومة الفلسطينية الجديدة برئاسة محمد أشتية يعتمد على حكومة إسرائيلية قيد التشكيل برئاسة بنيامين نتنياهو.
يعتمد أداء الحكومة الفلسطينية الجديدة التي تشكلت نهاية الأسبوع برئاسة عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" محمد أشتية، على حكومة إسرائيلية قيد التشكيل برئاسة زعيم حزب "الليكود" اليميني بنيامين نتنياهو.
وأداء الحكومات الفلسطينية يعتمد إلى حد بعيد على أموال المقاصة التي تجمعها الحكومة الإسرائيلية على البضائع التي تمر عبر معابرها إلى الأراضي الفلسطينية وتقدر بنحو 180- 200 مليون دولار شهريا.
- الرئيس الإسرائيلي يكلف نتنياهو رسميا بتشكيل الحكومة
- البنك الدولي: احتجاز إسرائيل لأموال الضرائب يعمق أزمات اقتصاد فلسطين
وبعد قرار الحكومة الإسرائيلية منتصف شهر فبراير/شباط الماضي احتجاز 138 مليون دولار أمريكي من هذه الأموال، على دفعات، قررت القيادة الفلسطينية عدم تسلم أي أموال منقوصة قرشا واحدا.
وعلى إثر ذلك فلم تتمكن السلطة الفلسطينية منذ شهر مارس/آذار الماضي دفع رواتب موظفيها كاملة ويتوقع أن يستمر حال دفع 40-50% من الرواتب لأشهر قادمة ما لم تتراجع الحكومة الإسرائيلية عن قرارها أو يتم التوصل إلى تسوية ما بين الطرفين.
وقال البنك الدولي في تقرير، هذا الأسبوع: "تعادل إيرادات المقاصة التي تجبيها إسرائيل لصالح الفلسطينيين ويتم تحويلها شهريا إلى السلطة الفلسطينية 65% من مجموع إيرادات السلطة. وفي مواجهة هذا الوضع، رفضت رام الله تسلُّم تحويلات الإيرادات التي تم تقليصها، واضطرت إلى خفض فاتورة الأجور بنسبة 30%، وتقليل الإنفاق على المساعدات الاجتماعية، وزيادة الاقتراض من البنوك المحلية".
وأضاف البنك الدولي: "وإذا لم تتم تسوية هذه الأزمة، فستزيد الفجوة التمويلية من 400 مليون دولار في عام 2018 إلى أكثر من مليار دولار في 2019".
ويأمل الفلسطينيون بأن يكون إجراء الخصم من الأموال مرتبطا بالانتخابات الإسرائيلية التي جرت الأسبوع الماضي، ما يعني إمكانية إلغائه بعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة الشهر المقبل، ولكن ليس ثمة مؤشرات واضحة على ذلك.
فالحكومة التي يعكف نتنياهو على تشكيلها تضم 5 من الأحزاب اليمينية الإسرائيلية المتطرفة التي دعمت في شهر يوليو/تموز الماضي احتجاز هذه الأموال بداعي أنها توزاري ما تدفعه السلطة الفلسطينية لذوي الأسرى والشهداء الفلسطينيين.
وتطمح الحكومة الإسرائيلية الآن إلى ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية دون أن تجد تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بهذه الشأن معارضة من الإدارة الأمريكية.
ويحذر الفلسطينيون من أنه سيكون من شأن الإجراءات المالية وأيضا الميدانية القضاء على فرص حل الدولتين وربما انهيار السلطة الفلسطينية.
وقال واصل أبويوسف، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، لـ"العين الإخبارية": إن "ما تمخضت عنه الانتخابات داخل الاحتلال هو حكومة أكثر يمينية وتطرفا برئاسة نتنياهو ونعتقد أن الحكومة القادمة ستكون أكثر تطرفا من الحالية".
وأضاف: "لا نعتقد أن هناك إمكانية للحديث عن أي حلول مع هذا التطرف المتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني والساعي لتكريس الاحتلال والاستيطان الاستعماري، كل ما تقوم به هذه الحكومة الإسرائيلية هو الحيلولة دون وصول الشعب الفلسطيني إلى حقوقه".
وتابع أبويوسف ردا على سؤال إن كان هذا يؤدي إلى التأثير على أداء الحكومة الفلسطينية: "بالتأكيد خاصة عند اتخاذ قرارات هدفها الابتزاز، إن سرقة الأموال الفلسطينية هي محاولة لإضعاف الحكومة".
ومن جهته، رأى مجيد أبوسويلم، المحلل السياسي الفلسطيني، أن العلاقة بين الحكومتين الفلسطينية الجديدة والحكومة الإسرائيلية القادمة ستكون "سلبية وصدامية".
وقال لـ"العين الإخبارية": "أغلب الأمور تسير بالاتجاه السلبي وبالتالي أرى أنها ستكون علاقة صدام في عدة مجالات سواء المجال المالي والاقتصادي أو المجال السياسي".
وأضاف: "من ناحية تصر الحكومة الإسرائيلية على احتجاز الأموال الفلسطينية وهو ما يتسبب بأزمة مالية.. ومن ناحية أخرى فإن الحكومة الإسرائيلية ماضية في سياستها الهادفة لتدمير حل الدولتين، وهو ما يفرض على الحكومة الفلسطينية تنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي الفلسطينيين بشأن مستقبل العلاقة مع إسرائيل بما في ذلك إعادة النظر في الاتفاقيات الموقعة واعتبار أن المرحلة الانتقالية قد انتهت".
واستبعد أبوسويلم أن تلجأ الحكومة الإسرائيلية الجديدة، على الرغم من يمينيتها الشديدة، إلى المسارعة لضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية.
وقال: "أستبعد أن يتم الضم بصورة تلقائية وسريعة وإنما سيخضع لمشاورات ما بين الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأمريكية".
ولفت إلى تداعيات واسعة على مستوى العالم في حال أقدمت إسرائيل على قرار الضم، وهو أمر "لا يمكن لإسرائيل أو الولايات المتحدة تجاهله"، على حد قوله.
جدل فلسطيني-أمريكي عبر "تويتر"
وعلى الجانب الآخر، يقف قرار الإدارة الأمريكية بنشر خطتها لحل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي المعروفة إعلاميا بـ"صفقة القرن" بعد انتهاء شهر رمضان المقبل.
ولا يخشى الفلسطينيون معارضتهم لهذه الخطة بعد أن قالوا إنها تسقط ملفي القدس واللاجئين ولا تشمل قيام دولة فلسطينية مستقلة، وإنما تحسين حياتهم فقط.
ويرى الفلسطينيون أن قرار إسرائيل احتجاز الأموال الفلسطينية ومن قبله قرار الولايات المتحدة الأمريكية وقف كل المساعدات المالية، بأنه جزء من الحرب المالية عليهم للقبول بالخطة الأمريكية حال الإعلان عنها.
ولكن مساعد الرئيس الأمريكي والمبعوث الخاص للمفاوضات الدولية جيسون غرينبلات قال في تغريدة على "تويتر": "حرب مالية؟ هذه أموال دافعي الضرائب الأمريكيين.. إنها تذهب إلى حلفائنا وأولئك الذين سيعملون معنا من أجل التغيير الإيجابي. لقد اختار القادة الفلسطينيون إنهاء تلك العلاقة - نأمل أن يعملوا معنا في الأشهر المقبلة من أجل مستقبل أفضل للجميع".
وأضاف معقبا على تصريحات صحفية للدكتور أشتية: "لماذا يأمل رئيس الوزراء الجديد للسلطة الفلسطينية أن تكون خطتنا "ميتة" وأن يفشل السلام؟ من خلال العمل معنا ، قد يحدث شيء رائع للفلسطينيين في بعض الأحيان".
غير أن أشتية رد عليه بتغريدة قائلا: إن "أي مبادرة سياسية لا تدعو إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة تكون القدس عاصمة لها على حدود عام 1967 وتسوية قضية اللاجئين لن تكون مقبولة للفلسطينيين".
- مصدر بالبيت الأبيض: الإعلان عن خطة السلام في الشرق الأوسط بعد رمضان
- "صفقة القرن" الأمريكية.. أقل من دولة وأكثر من حكم ذاتي تحت الحصار
وعلى ذلك فقد رد غرينبلات: "إذا، أنت تقول: أعطونا الصفقة التي نطلبها، أو لا صفقة. هذا يتسق مع المحاولات الفلسطينية السابقة. كيف نجح ذلك بالنسبة للفلسطينيين؟ هل تريد أن تقود شعبك إلى الفرص والازدهار أم مجرد الاستمرار في قول نفس الخطوط المتعبة مرارًا وتكرارًا؟".
ويرى أبوسويلم بأن الإدارة الأمريكية ستلجأ إلى الضغط السياسي الشديد على القيادة الفلسطينية من أجل القبول بالخطة الأمريكية على الأقل كأساس للمفاوضات.
وقال أبوسويلم: "أعتقد أن هناك مؤشرات دولية عديدة يجب النظر إليها بهذا الشأن بما في ذلك من الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين وغيرها من الدول الغربية التي ترفض الضم وتتمسك بحل الدولتين".
وفي هذا الصدد قال أبويوسف: "هناك محاولة لفرض صفقة القرن الأمريكية عبر الإجراءات الإسرائيلية المتناغمة مع المواقف السياسية الأمريكية الظالمة لتصفية القضية الفلسطينية".
وأضاف: "الآن هناك تنسيق كامل ما بين السياسات الإسرائيلية والاستراتيجية الأمريكية الهادفة لتمرير ما تسمى بصفقة القرن".
aXA6IDMuMTQ0LjEwOS4xNTkg جزيرة ام اند امز