تأجيل تسلم الحكومة مهامها بغزة.. "بوابة العين" تكشف الكواليس
كيف نجح الوفد المصري في انتزاع فتيل الأزمة؟
بعد ساعات من الجهود المكوكية نجح الوفد المصري بغزة، في انتزاع وقت مستقطع يبقي المصالحة الفلسطينية على قيد الحياة.
بعد ساعات من الجهود المكوكية نجح الوفد المصري في غزة، في انتزاع وقت مستقطع يبقي المصالحة الفلسطينية على قيد الحياة، بعد أن كادت تنهار بفعل خلاف حماس وفتح على تفسير مفهوم التمكين الحكومي، فكان الخيار الأنسب تأجيل التسلم النهائي 10 أيام.
التطورات الظاهرة، بدأت بقرار مجلس الوزراء الفلسطيني الثلاثاء الماضي، بدعوة الموظفين القدامى لأماكن عملهم التي غابوا عنها بعد سيطرة حماس على قطاع غزة، منتصف 2007، وهو الأمر الذي رفضته حماس وقالت إنه مخالف لبنود الاتفاقات المشتركة.
الرفض الإعلامي تحول إلى تحرك ميداني صبيحة اليوم التالي، عندما أقدم موظفو حماس على منع الموظفين القدامى من العودة لعملهم، رغم توضيحات صدرت من رئيس الوزراء بأن الأمر يتعلق بعودة مبرمجة وجزئية وفق مصلحة العمل.
منع عودة الموظفين
وأكد الناطق باسم الحكومة يوسف المحمود أن النقابات التابعة لحماس منعت، الأربعاء، وزير الحكم المحلي حسين الأعرج من الدخول إلى مقر الوزارة برفقة موظفيه في غزة، وكذلك تم منع موظفي وزارت المالية والأوقاف والموظفين الآخرين الذين دعتهم وزاراتهم للتوجه إلى مقار عملهم حسب احتياجات تلك الوزارات.
وعدّ المحمود هذه الخطوة "خطيرة.. لما في ذلك من تهديد لجهود المصالحة ومخالفة الاتفاقات والتعهدات التي أبرمت وآخرها اتفاق شهر تشرين أول الماضي الذي تسير الأمور بموجبه".
واتفقت حركتا حماس وفتح في أكتوبر/ تشرين أول الماضي برعاية مصرية، على تمكين الحكومة بشكل كامل حتى مطلع ديسمبر/كانون أول، فيما أنيط ملف الموظفين الذين عينتهم حماس إلى لجنة إدارية وقانونية تعمل على حل مشكلتهم خلال 4 أشهر.
وفيما ترى حماس فإن اللجنة الإدارية مهمتها النظر في ملف الموظفين برمته، القدامى والجدد، يؤكد الناطق باسم الحكومة أن "مسألة الموظفين الشرعيين هي خارج نطاق عمل اللجنة الإدارية القانونية التي يتصل عملها ببحث مسألة من عينتهم حماس بعد عام 2007، مؤكدا تمسك الحكومة بتطبيق مفهوم التمكين حسب القانون وحسبما تم الاتفاق عليه".
معوقات متعددة
مصدر فلسطيني مطلع أكد لـ"بوابة العين" أن منع الموظفين من الالتزام بعملهم، ما هو إلا نموذج للمعوقات التي تضعها حماس في طريق تمكين الحكومة، وبالتالي إنجاز ملف المصالحة، مشيرًا إلى أن حماس لم تسلم بشكل فعلي الوزارات، وبقيت تمارس الجباية في غزة.
وأضاف: "ملفات الأمن والقضاء، والهيئات الحكومية، كلها خارج سيطرة الحكومة بغزة، حتى الوزارات المدنية، عندما يتخذ الوزير قرارا يرفض تنفيذه الموظف المسؤول من حماس بحجة أن له مرجعيات أخرى"، متسائلًا كيف يمكن أن تمارس الحكومة مهامها بهذا الشكل؟
زيارة إيران السبب!
عزام الأحمد، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، ورئيس وفدها لحوار المصالحة، أكد بشكل حاسم، في تصريحات صحفية أن مواقف حماس من المصالحة تغيرت بعد زيارة وفد من قيادتها إلى إيران، التي اتهمها بأنها السبب في الانقسام واستمراره.
وقال الأحمد إن حماس غير ملتزمة بما وقعته من اتفاق في القاهرة حول إنهاء الانقسام”، ومع ذلك أكد الاستمرار في جهود المصالحة لتذليل العقبات.
اجتماعان ووقت مستقطع
وأمام الخلافات العميقة بين حماس وفتح على فهم نصوص الاتفاقات، ومنهجية تمكين الحكومة، التي بلغت ذروتها أمس الأربعاء، دعا مسؤول حماس في غزة، يحيى السنوار إلى اجتماع طارئ دعا له الفصائل الفلسطينية، لمناقشة التطورات.
وبالتوازي مع هذا الاجتماع تحرك الوفد المصري الموجود بغزة منذ عدة أيام، والذي عقد في الأيام الماضية عشرات الاجتماعات واللقاءات لتذليل العقبات، إلى عقد لقاء مشترك وعاجل متزامن مع الاجتماع الأول بين حركة فتح ومثلها نائب أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح فايز أبو عيطة، وزياد أبو عمرو، نائب رئيس الحكومة، وحركة حماس، ومثلها نائب رئيسها بغزة خليل الحية، والوفد الأمني المصري، الذي نجح في انتزاع فتيل الأزمة، من خلال اتفاق الحركتين على طلب تأجيل موعد تسليم الحكومة إلى 10 ديسمبر/كانون المقبل بدلا من الأول منه، وهو ما أعلنته الحركتان في مؤتمر صحفي مشترك ومقتضب.
4 توصيات
وقال صالح ناصر، عضو المكتب السياسي في الجبهة الديمقراطية الذي شارك في اجتماع الفصائل لـ"بوابة العين": إن اجتماع الفصائل، ناقش جملة ما طبق حتى الآن والعقبات الموجودة، وكان هناك تأكيد من الجميع بالمضي في تذليل العقبات لإنهاء الانقسام.
وأوضح أن قرار تأجيل استكمال تمكين الحكومة، جاء لإتاحة الفرصة لحركتي حماس وفتح، لأجل عقد لقاءات مشتركة وثنائية وبمتابعة حثيثة من الوفد المصري، لوضع تصورات لتوحيد فهم نصوص الاتفاقات، وكذلك تنفيذها، مشددًا على أن مصر هي الضامنة للأطراف المختلفة.
وذكر أن اجتماع الفصائل خرج بأربع توصيات، أولها التأكيد على أن اتفاق المصالحة في القاهرة عام 2011 يمثل مرجعية إتمام المصالحة، وثانيها، ضرورة التئام اللجنة الإدارية والقانونية الخاصة بالموظفين بكامل أعضائها وبحضور الوفد المصري، لحل الإشكالات وتوحيد الفهم.
وأضاف أن التوصية الثالثة تتعلق بمطالبة الحكومة رفع الإجراءات "العقابية" عن قطاع غزة، فيما تمثلت التوصية الأخيرة، في تشكيل لجنة فصائلية من عدة أعضاء لإسناد الدور المصري في تطبيق المصالحة وتذليل العقبات.
الضغوط الخارجية
مسؤول آخر شارك في الاجتماع، وفضل عدم ذكر اسمه أكد لـ"بوابة العين"، أن عراقيل الأيام الأخيرة، كانت نتيجة ضغوط خارجية سواء فيما يتعلق بتأثيرات إيرانية - قطرية على حركة حماس، أو ضغوط أمريكية على السلطة خاصة مع إغلاق مكتب المنظمة في واشنطن.
وأوضح أن الجهود المصرية الجبارة، نجحت إلى حد كبير في احتواء هذه التأثيرات الخارجية، وكان ثمرتها قرار الرئيس محمود عباس وقف أي تصريحات حول المصالحة من شأنها توتير أجواء المصالحة، وعملية تأجيل تسلم الحكومة لوضع حلول للتباين في وجهات النظر حول بعض بنود الاتفاق وهو ما يمكن أن تعرف نتائجه الكاملة خلال الأيام العشرة القادمة.