القدس عربية وعاصمة فلسطين.. هذا ليس شعارا سياسيا بل تاريخا يضرب في الجذور إلى ما قبل ثلاثة آلاف عام.
القدس عربية وعاصمة فلسطين هذا ليس شعاراً سياسياً بل تاريخاً يضرب في الجذور إلى ما قبل ثلاثة آلاف عام.
إن حقائق التاريخ لا يمكن أن تغيره تصريحات أو بيانات، فبيان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخير الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس لا يمكن أن يغير واقع التاريخ والإنسانية.
إن القدس هي معجزة صمود للفلسطينيين والعرب تكتب بحروف من نور في التاريخ وعروبة القدس هي الحقيقة وما غير ذلك يذهب هباءً.
فالقدس العربية هي سابقة على النبي موسى عليه السلام وعلى وجود اليهود في أرض فلسطين. فالتاريخ يقص علينا قصته بوجود العرب من اليبوسيين وهم أول من سكن القدس قبل 3500 عام، واليبوسيون هم من العرب الكنعانيين الذين هاجروا من الجزيرة العربية إلى فلسطين.
والتوراة تشهد بعروبة القدس، ونجد في التوراة قصة الملك العربي "ملكي صادق" الذي كان يحكم القدس العربية، بل إن التوراة تقص علينا أن نبي الله إبراهيم عندما قدم إلى فلسطين كان العرب هناك، والكشوفات الأثرية تدلل على أن اسم "أورسالم" الاسم العربي القديم للقدس محفور على تماثيل مصرية صغيرة ترجع إلى ما قبل 2500 عام.
واسم المدينة العربية محفور في ألواح تل العمارنة التي تعود لنفس الحقبة التاريخية.
إن تاريخ عروبة القدس يسبق ظهور التوراة واستيطان اليهود فلسطين بأكثر من 27 قرناً. وظل العرب يقطنون القدس طوال ثلاثة آلاف عام، وتعايشوا في فترة مع قبيلتي بنيامين ويهوذا اليهوديتين لفترات من الزمن، بل ظلت السلطة في القدس للعرب.
وتشير جميع الوثائق التاريخية إلى أن وجود اليهود في القدس لم يتجاوز 400 عام أو أكثر بقليل ، فبعيداً عن فترة النبي سليمان عليه السلام وبناء الهيكل اليهودي كانت القدس خارج أي سيطرة للحكم اليهودي بل كانت شاهداً على معارك السيطرة بين الفرس والإغريق والرومان.
ولم تنعم القدس بالسلام مجدداً إلا مع عودة أصحاب الحق، بعد أن دخل الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه القدس وصلى في المدينة التي إليها أسري بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم ومنها عرج إلى السماء السابعة.
إنها القدس العربية التي خاض العرب حروباً ممتدة لوقف محاولات الغزاة في وضع أيديهم عليها، ودافعوا عنها أمام محاولات الصليبيين للسيطرة عليها. وعندما سقطت لم تتوقف الحروب العربية لتحريرها حتى عادت القدس عربية، وطرد الغزاة من الصليبيين بعد حروب دامت مئات السنين.
إن التاريخ لا يدلنا فقط على أن العرب هم أول من سكن القدس ولا أن السيطرة الغالبة تاريخياً على المدينة كانت للعرب والمسلمين بل الأهم ما يكتبه التاريخ بسطور من نور أن القدس مدينة السلام لم تنعم بالسلام إلا في ظل سلطة وحكم العرب.
فكانت القدس عبر تاريخها العربي هي المدينة المفتوحة للجميع التي تجمع بين جنباتها المسلمين والمسيحيين واليهود؛ فالحكام التاريخيون والطبيعيون لا ينزعون للقمع والمنع والتنكيل.
وعندما جاء سرطان العصابات الصهيونية إلى فلسطين في العقد الرابع من القرن الماضي، قام العرب في فلسطين من مسلمين ومسيحيين بصد محاولات هذه العصابات تهجيرهم وتغيير طبيعة المدينة العربية ديموجرافياً وهو ما استمر بعد نكبة عام 1948.
ويكتب التاريخ معجزة الفلسطينيين في القدرة على المقاومة والبقاء في القدس للحفاظ على عروبة مدينتهم حتى بعد نكسة عام 1967؛ فالواقع السكاني اليوم في القدس الشرقية يشير إلى أغلبية عربية واضحة في المدينة رغم الاحتلال والقمع والتنكيل بأهلها.
إن القدس هي معجزة صمود للفلسطينيين والعرب تُكتب بحروف من نور في التاريخ وعروبة القدس هي الحقيقة وما غير ذلك يذهب هباءً، فليس بتصريح ولا التوقيع على ورقة أمام الكاميرات يمكنه أن يغير الحقائق فما يعرفه العالم كله والحقيقة التي ستبقى هي أن القدس عربية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة