في الشهر الوردي.. فلسطينيات ينتصرن على السرطان بدعم العائلة
شهر أكتوبر/تشرين الأول من كل عام يخصص للتوعية بسرطان الثدي في بلدان العالم كافة بهدف المساعدة على زيادة الاهتمام بهذا المرض
بالإرادة والعزيمة، نجحت الفلسطينية حميدة أبوغولة، في الانتصار على مرض السرطان، لتعود إلى ممارسة حياتها الطبيعية مع فحوص دورية كل 6 أشهر.
في الشهر الوردي لمريضات سرطان الثدي تروي حميدة (43 عاما) وهي أم لـ8 أطفال تعيش في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، تجربتها مع المرض، وتقول لـ"العين الإخبارية": "اكتشفت سرطان الثدي لدي قبل 4 سنوات بعد شعوري بآلام شديدة توجهت لإجراء فحوصات فأخبرني الأطباء بإصابتي بسرطان الثدي".
وقع الخبر حينها كان قاسيا على حميدة وباقي أفراد أسرتها، لكنها مع الوقت بدأت تستوعب الأمر وتتأقلم مع المرض.
وأشارت إلى أنها بدأت لاحقا بأخذ العلاج، وهو عبارة عن جرعات كيماوي في مستشفى الشفاء بغزة، وتحلت بإرادة قوية وتصميم ودعم أسري حتى تعافت من المرض بعد معركة آلام انتهت دون استئصال.
وذكرت أنها تتابع كل 6 أشهر تحسبا من عودة السرطان إليها.
وتمنت في الشهر الوردي لمريضات سرطان الثدي، الشفاء التام لجميع المرضى وخاصة مرضى السرطان، مؤكدة أنه بالإمكان التغلب على المرض بالصبر عليه والدعم النفسي والاجتماعي.
الشهر الوردي
وشهر أكتوبر/تشرين الأول من كل عام، يخصص للتوعية بسرطان الثدي في بلدان العالم كافة، بهدف المساعدة على زيادة الاهتمام بهذا المرض وتقديم الدعم اللازم للتوعية بخطورته والإبكار في الكشف عنه وعلاجه، فضلا عن تزويد المصابين به بالرعاية المخففة لوطأته.
يرمز للمرض باللون الوردي، وظهر ذلك اللون لأول مرة عام 1991 عندما وزعت "مؤسسة سوزان كومان" بالولايات المتحدة أشرطة وردية على المشاركين في سباق بمدينة نيويورك للناجين من الإصابة بسرطان الثدي.
غير أن الاعتماد الرسمي للشريط الوردي لم يخدث إلا في العام الذي يليه في 1992 وقد اشتق من لون الأحمر المخصص للإيدز.
رحلة الآلام
شفا أبوخضرة (58 عاما) انتصرت هي الأخرى على المرض، بعد رحلة علاج بين غزة وعمان.
وتروي أبو خضرة لـ"العين الإخبارية" حكايتها قائلة: "ربنا أكرمني بالمرضى وأكرمني بالشفاء والحمد لله"، مشيرة إلى أن المرض اكتشف لديها عام 2012 وتقرر لها جرعات كيماوي في مستشفى الشفاء بغزة، وامتدت رحلتها للعلاج إلى العاصمة الأردنية عمان، ثم عادت إلى غزة لتستكمل الجرعات واستأصلت بعد عام كامل.
وتنصح أبو خضرة السيدات بالفحص إن شعرن بأي آلام لأن الفحص المبكر والتشخيص المبكر يكون أهم جزء من العلاج والسيطرة على المرض.
وقالت: "تسلحت بالصبر والعزيمة منذ اللحظة الأولى لإصابتي، ورافق العزيمة والصبر دعم زوحي وبناتي وأخوتي؛ فأخي سافر معي إلى عمان وقدم كل رعاية ممكنة لي لأتجاوز المرض".
وأضافت: "بعد التعافي من السرطان أساهم في تقديم الدعم المعنوي من خلال التجربة للمصابات، هناك أعداد كبيرة تحدت المرض بقوة وعزيمة وتعافين منه".
معركة مستمرة
أما نسرين إسماعيل (38 عاما) أم لـ6 أطفال، فاستغرقت معركتها مع سرطان الثدي 3 سنوات بدأت عام 2015، لتبدأ بعدها معركة جديدة مستمرة مع سرطان العظام.
وقالت لـ"العين الإخبارية" إنها انتصرت بالصبر والإرادة ودعم العائلة، مشيرة إلى أن زوجها لدى اكتشاف المرض قرر إجراء عملية في مستشفى خاص على حسابه الخاص رغم ضعف راتبه كموظف تفريغات في السلطة، كي لا تنتظر المستشفيات العامة فترة أطول.
وذكرت أن ذلك كان بهدم تخفيف آلامها من المرض وقلق الانتظار لحين وصول موعد إجراء عملية الاستئصال في المستشفى الحكومي.
وأضافت: "صعب جدا فقدانك جزء من جسدك وأنا في عمر صغير لكن تقبل زوجي ودعمه اللامحدود كان أهم عامل في تجاوزي المحنة".
وتابعت: "بعد ما تعافيت من سرطان الثدي من سنة تقريبا أصبت بسرطان في العظم والآن أتلقى العلاج وإيماني كبير بالشفاء منه بفصل الله تعالى".
وتوصي السيدات المصابات أن يصبرن ويتحلين بالإرادة ويصمدن للانتصار على المرض، مضيفة: "أقول لهن إن كل يوم قادم يكون أفضل وهذا الإيمان بالمستقبل الزاهر مهم للتعافي من المرض، لازم (يجب) المريضة أو المريض أن يعش الحياة بقوة لتجاوز المرض".
الدعم النفسي
نادرة أبوعويمر أخصائية اجتماعية ونفسية، تقدم بجهود ذاتية الدعم النفسي والاجتماعي لعشرات المريضات من السرطان وقدمت تثقيفا للمئات منهن منذ بدأت قبل سنتين في التطوع لخدمة مريضات السرطان والمرضى الأطفال بالسرطان.
وقالت أبوعويمر لـ"العين الإخبارية" إن مبادرتها تستهدف دعم المرضى ومقدمي الرعاية لهم من الدرجة الأولى.
وبينت أنه أول ما يحدث للسيدة بعد خبر إصابتها بمرض السرطان هو إصابتها بالصدمة ثم إنكار المرض وبعد التدخل من المرشدين النفسيين والاجتماعيين والأطباء تبدأ المريضة تقبل المرض وكيفية التعايش معه حتى يبدأ العلاج الطبي.
وأكدت أن الدعم النفسي والاجتماعي مهم جدا لإنجاح العلاج، مشيرة إلى أن أغلب المريضات اللواتي تلقين الدعم النفسي والاجتماعي تكون استحابتهن للعلاج أعلى ممن لا يتلقين دعم مستمر ومخطط.
ووفق أبوعويمر؛ هناك 5 مؤسسات في غزة تقدم خدمات الدعم النفسي والاجتماعي للمئات من مرضى السرطان خصوصا للاطفال والنساء.
وأشارت إلى أن أغلب المرضى يعانون حاليا من نقص الأدوية المهمة خصوصا مصابات الثدي والغدة الدرقية فيضطررن إلى شراء العلاج عند عدم توفيره من المؤسسات الحكومية أو الأهلية على حسابهن الخاص.
وقالت إنها قررت التطوع مع السيدات المصابات بعدما مرت بتجارب قاسية مع قريبات لها من الدرجة الأولى أصبن بالسرطان وتوفين به منذ عام 2013 أكثر من حالة بينهن اقرب النساء لها.
وأضافت: "بعدما لامست معاناة من حولي مع السرطان قررت اكمال دراستي الجامعية وتخصصت خدمة اجتماعية لخدمة مريضات السرطان".
ووفق وزارة الصحة في غزة، تسجل 316 حالة إصابة بـ"سرطان الثدي" سنويًا، بمعدل 16 حالة لكل 100 ألف نسمة، و32 سيدة لكل 100 ألف من الإناث.
وأوضحت الوزارة خلال إحصائية نشرتها بمناسبة مرور شهر "أكتوبر" والذي يمثل شهر التوعية بسرطان الثدي في كافة بلدان العالم، أن سرطان الثدي يمثل 18% من جميع أنواع السرطان، مشيرةً إلى أن 32.8% يمثل هذا النوع من السرطان من أنواع السرطانات التي تصيب السيدات.
وهناك 8326 حالة مصابة بالسرطان موجودة في قطاع غزة، منهم حوالي 750 طفلا، زادت معاناتهم منذ مايو/ أيار الماضي بعد وقف التنسيق بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، حيث بات سفرهم للعلاج يمر بإجراءات معقدة ويتأخر عن المعتاد.