توفيق فيّاض لـ"العين الإخبارية": أكتب سيرة ملحمية عن فلسطين
تجربة فيّاض الإبداعية تتقاطع مع نكبة عام 1948، وهو من الرعيل الأول للكتّاب والأدباء الفلسطينيين، وأبعدته السلطات الإسرائيلية إلى مصر.
يعكف الأديب الفلسطيني توفيق فيّاض حالياً على كتابة سيرته الذاتيّة التي يطمح في أن تكون اختصاراً لجميع الروايات التي لم يسعفه الوقت والظروف لكتابتها.
ويعد فيّاض رمزاً من رموز الأدب الفلسطيني تكاد تتقاطع تجربته الإبداعيّة مع نكبة عام 1948، وهو من الرعيل الأول للكتّاب والأدباء الفلسطينيين، أبعدته السلطات الإسرائيلية إلى مصر في عام 1974.
سافر إلى تونس في أعقاب الاجتياح الإسرائيلي للبنان في عام 1982، وأصدر 4 روايات هي "حبيبتي ميليشيا"، "وادي الحوارث"، "المشوهون"، و778 (رواية تسجيلية).
وكتب فيّاض عدداً من المجموعات القصصيّة: "الشارع الأصفر"، "البهلول" (3 قصص)، حيفا والنورس (أدب أطفال)، الكلب سمور (رواية للفتيان)، إضافة إلى مسرحية "بيت الجنون".
"العين الإخبارية" التقت توفيق فيّاض في ذكرى النكبة، وكان لها معه هذا الحوار:
لماذا عشت كل السنوات الماضية في صمت وعزلة؟
لا يمكن القول إنني صامت بل أعمل بصمت على كتابة سيرتي الذاتيّة، وهذا عمل ضخم في نظري لأنَّه لا يُعبِّر عن شخصي وتجاربي ومغامراتي في الحياة، بل يُمثِّل سيرة فلسطين، وسيرة القضيّة الفلسطينيّة، التي هي أكبر من أي كاتب، وأطمح أن تختصر هذه السيرة الذاتيّة جميع الروايات التي كنت أرغب في كتابتها ولم أكبتها.
هل يمكن أن تعوّض السيرة الذاتيّة عن الإبداع الروائي؟
إنَّها ليست سيرة ذاتيّة عاديّة بل سيرة ملحمة كبيرة عاشها الفلسطينيون، قضية فلسطين أكبر من أي كاتب، عندما كنت أعيش تحت الاحتلال الإسرائيلي مباشرة، كان التحدي يحرّك القلم، وعندما خرجت أصبح هذا التحدي يُحركه إيقاع الذاكرة، وربما ذلك ما يميّز بين الكاتب الفلسطيني في الداخل والخارج.
محمود درويش، هل ينطبق عليه هذا المبدأ؟
بلا شك، الذاكرة جزء من الشعر، ومحمود درويش قامة كبيرة ليس في الشعر الفلسطيني بل في الشعر العربي عامة، لكننا يجب ألا ننسى أن الإعلام والظرف السياسي ظلما الكثير من شعراء المقاومة، ولأنّ محمود درويش كان يمتلك منبراً، حتى كان يُقال عنه "شاعر البلاط" لكنه في نظري بلاط شاعر.
كنت على علاقة صداقة مع محمود درويش وسميح القاسم اجتماعياً وثقافياً، أليس كذلك؟
بالتأكيد، نحن من جيل واحد، وبدأنا الكتابة معا، وكنا نقرأ نصوصنا لبعض، ونبدي الآراء بكتابات بعضنا، وكنتُ أُحسب على الأدب الفلسطيني في الداخل.
لم أغادر فلسطين إلا في عام 1974، كما هو الحال مع محمود درويش، لكنني لم أخرج بمحض إرادتي، وإنما كنتُ سجيناً، اتهمتني إسرائيل بالتعاون مع المصريين الذين طالبوا بإخراجي في عملية تبادل أسرى معروفة.
ماذا عن الكتابة في المنفى؟
لم أنقطع أبداً عن الكتابة، حتى وإن توقَّفت فإنَّ ذاكرتي تحملني إلى الوطن المحتل.
كتبتُ مجموعة "البهلول" التي تضم 3 قصص قصيرة تجري أحداثها في القدس وفي مخيم جنين، مصوراً فيها أثر احتلال 1967.
وفي القصة الـ3 كتبتُ عن فلسطين قبل 1948، وتحديداً منذ الانتداب البريطاني عليها، وفي روايتي "وادي الحوادث" التي نشرتها بعد محادثات مدريد وبدايات أوسلو، عدتُ بالزمن الروائي إلى ما قبل 1948 أيضاً.
هل أثيرت ضجة حول روايتك "المشوهون" لواقعيتها الصريحة؟
كنتُ أكتب بالأسلوب الواقعي قبل خروجي من فلسطين، وموضوع رواية "المشوهون" يدور حول امرأة من مدينة الناصرة تقيم علاقات جنسيّة غير شرعية، وهذا ما أثار ضجة كبيرة حولها آنذاك.
هل تعتقد أن هناك مَنْ حاول كتابة سيرة فلسطين ليس بطريقة مباشرة بل عن طريق أعمالهم؟
طبعاً. لكن كما أسلفتُ، الإعلام للأسف الشديد اختصر الشعر المقاوم وشعراء المقاومة في محمود درويش، وهذا ليس فيه إنصاف لشعراء كبار داخل الأرض المحتلة وخارجها، وهذا لا يُنقص من قيمة محمود درويش كقامة كبيرة في الشعر العربي، لكن لا يجور اختزال جميع الشعراء المقاومين في محمود درويش وسميح القاسم.
لماذا لم تكتب عن قصتك مع الاحتلال الإسرائيلي؟
ستأتي ضمن سيرتي الذاتيّة.
متى كتبت القصة القصيرة؟
كتبتُ أول قصة عندما كان عمري 14 سنة، اشتغلت على القصة القصيرة في بدايات حياتي حتى اعتبرني النقاد رائداً فيها، ثم انتقلتُ إلى كتابة الرواية، فكتبت 4 روايات كما تعلم.
باعتبارك تعرَّضت للاعتقال في سجون الاحتلال، هل كتبت في أدب السجن؟
لا أؤمن بهذا الأدب كثيراً، تبقى الموضوعات التي تخرج من السجن عبارة عن ترسبات إيحائية، كتبت رواية عن أكبر مجموعة فدائية في الأرض المحتلة، وهي (778) وهي التي أشهرتني في البداية، وعشت مع أبطالها في السجن، وتلك الرواية التي يعدها النقاد تسجيلية كتبتُها وأنا في السجن.