عامان على هجمات باريس.. فرنسا لا تزال هدفا للإرهاب
السياسيون والمراقبون للشأن الفرنسي اعتبروا الإجراءات الأمنية الحالية بالبلاد ليست كافية وأن التهديد الإرهابي لا يزال مستمراً.
بعد عامين من سلسلة الهجمات التي ضربت باريس، في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، يرى سياسيون ومراقبون للشأن الفرنسي أن هذه الإجراءات الأمنية الحالية المتبعة بالبلاد ليست كافية، وأن التهديد الإرهابي لا يزال مستمراً.
وأحيت فرنسا الذكرى الثانية لتلك الهجمات المأساوية التي صدمت الشعب الفرنسي، ودفعت الحكومة الفرنسية إلى إجراءات عدة لمكافحة الإرهاب؛ والتي أبرزها إعلان حالة الطوارئ لمدة عامين، والذي استبدله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بقانون مكافحة الإرهاب، وتم تمريره الشهر الماضي في البرلمان الفرنسي.
- عامان على هجمات باريس.. العقل المدبر لا يزال صامتا
- ذكرى هجمات باريس.. ماكرون يتسلم أدلة إرهاب قطر وإيران
داعش لا يزال نشطا
ويقول المدير العام لقطاع الأمن الداخلي الفرنسي، لوران نانيز، لصحيفة "لوفيجارو"الفرنسية، إن فرنسا لا تزال هدفاً رئيسياً لتنظيم داعش الإرهابي، محذرا من أنه لا يستبعد "هجوماً مدبراً بدقة من قبل العائدين من سوريا والعراق".
وأعرب نانيز عن قلقه من استخدام التنظيم الإرهابي أسلحة متطورة، مشيرا إلى أن "التهديد الإرهابي الذي يستهدف فرنسا مرتفع بشكل قوي؛ حيث إن داعش يخطط دائماً لهجمات إرهابية".
بدوره، أكد رئيس الوزراء الفرنسي، إدوارد فيليب، خلال مراسم إحياء ذكرى ضحايا الهجمات، أن "فرنسا تظل فرنسا مهما حدث"، لافتاً إلى أن حجم التهديد الأمني لا يزال مرتفعاً".
أما المدير العام للشرطة الوطنية في فرنسا، إيريك مورفان، فقال إن "السلاح الوحيد الأكثر فاعلية لمواجهة الإرهاب، هو المخابرات"، موضحاً "لقد دخلنا عصرا جديدا من الإرهاب، يعتمد على استراتيجيات أكثر ذكاءً".
وأضاف مروفان، الذي كان مديرا لمكتب وزير الداخلية الفرنسي السابق برنارد كازانوف، وقت وقوع الهجمات، أن فرنسا "في طريقها لمواجهة الإرهاب، إلا أن التهديد لا يزال مرتفعا جداً، لأن استراتيجية تنظيم داعش الإرهابي، لا تزال فعالة على الرغم الجهود العسكرية المبذولة في سوريا العراق للقضاء عليه".
وتابع مروفان أنه "قبل 13 نوفمبر/تشرين الثاني كانت الهجمات الإرهابية موجهة ضد الرموز الدينية والمهنية، إلا أن اليوم، يستهدف إرهابهم أماكن مختلفة، لا يمكن توقعها".
وفيما يتعلق بسير التحقيقات، أوضح المدير العام للشرطة الوطنية أنه على الرغم من مرور عامين على الهجمات، إلا أنه هناك مناطق ظل لا تزال غامضة، إلا أنه أشار إلى تصريحات المدعي العام في باريس فرنسوا مولان أنه "لدى السلطات الفرنسية، مفاتيح اللغز للحادث، ورصدنا الخلية الإرهابية التي قامت بتلك الهجمات".
وفي الشارع الفرنسي، نظم مجموعة من الشباب المسلم، مسيرة سلام، منددة بالإرهاب، بجوار حائط السلام الذي يقع بين شارع الشانزليزيه، وشارع مارس، وانتهت أمام مسرح باتكلان الذي كان إحدى الأماكن التي استهدفتها الهجمات الإرهابية".
إلى أين وصلت التحقيقات؟
أشارت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية إلى أن "المتهم الرئيسي في حادث مسرح باتكلان، والذي حكم عليه في بروكسل، صلاح عبدالسلام، وهو السجين الأشد مراقبة في فرنسا، هو العضو الوحيد الذي لا يزال على قيد الحياة".
وأضافت أن التحقيقات كشفت أن صلاح عبدالسلام هو الذي ألقى بحزامه الناسف المتفجر، مساء يوم الجمعة 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، في صندوق القمامة قبل فراره من باريس بعد الهجمات، بالتزامن مع هجمات أخرى استهدفت 6 مواقع، تسببت في مقتل 130 شخصا وأصيب مئات آخرون".
وأوضحت الصحيفة أن "عبدالسلام لعب دوراً رئيسياً في التخطيط للعملية الإرهابية، واستئجار السيارات والشقق للإرهابيين ومساعدتهم على الوصول إلى أوروبا، كما أنه مرتبط بالإرهابيين المتورطين في تفجيرات بروكسل في مارس/آذار من العام الماضي".
ولفتت إلى أنه "يخضع الآن للمراقبة على مدار 24 ساعة في الحبس الانفرادي في سجن فلوري ميروجيس جنوب باريس، ومن المقرر أن تجرى محاكمته في 18 ديسمبر/كانون الأول المقبل".
وبحسب الصحيفة ذاتها، فإن "القبض على صلاح عبدالسلام (28 عاماً) لم يحقق النتائج المتوقعة؛ إذ إنه التزم الصمت منذ استلامه من بروكسل في إبريل/نيسان عام 2016".
بدورها، قالت وزيرة العدل الفرنسية، نيكول بيلوبيت، لمحطة "إل.سي.آي" الفرنسية إنه "تم تخفيف حدة ظروف السجن القاسية لصلاح عبدالسلام، بسبب تدهور حالته النفسية، خوفا من أن ينتحر"، موضحة أن لا يوجد موعد للحكم النهائي علي المتهم، ولكن ليس قبل نهاية 2019، أو 2020.
وأرسلت السلطات الفرنسية خطابات إلى جميع أنحاء أوروبا والمغرب العربي وتركيا في محاولة بالكشف عن شبكة المتواطئين الذين ساعدوا هذه الخلية، في تنظيم سلسلة من الهجمات الإرهابية، التي ضربت أوروبا 2015 بأوامر من تنظيم "داعش" الإرهابي.
وفي النهاية بلغ عدد المشتبه بهم 15 شخصاً متهمين بشن هجمات مترامية الأطراف، وحكم عليهم 6 من قضاة مكافحة الإرهاب.
من هم المشتبه بهم
هناك بجانب عبدالسلام، 6 آخرون، مشتبه بضلوعهم في الهجمات، وهم عادل حبيب (جزائري)، ومحمد عثمان (باكستاني) والرجلان حضرا من سوريا وقاما بتفجير استاد فرنسا، واعتقلا في النمسا، بعد شهر من الهجوم، فيما هرب 3 مقربين من عبدالسلام غداة الهجوم، ويعتقد أن لهم ضلوعا في الحادث؛ حيث قاموا بعمل أوراق هوية وهمية استخدمها الإرهابيون للدخول إلى أماكن الهجمات (المسرح والاستاد).
وفي بروكسل، قدمت السلطات البلجيكية 5 مشتبهين وسلمتهم للسلطات الفرنسية من بينهم محمد أبريني، الملقب بـ"رجل القبعة" المتهم بالضلوع في هجمات بروكسل، والذي تم تسليمه إلى باريس في يناير/كانون الثاني الماضي، لتوجيه الاتهامات إليه، ومن المقرر الحكم عليه في مطلع 2018، بحسب شبكة "آر.تي إل.5 مينيت" البلجيكية.
وأضافت الشبكة "أن من بين الشتبه بهم جواد بينداود، الذي يتم تعقبه كونه آوى عبدالحميد عبود في شقته بسان دونييس، والذي يشتبه بأنه العقل المدبر لهذه الهجمات".
يشار إلى أن باريس واجهت عام 2015 سلسلة هجمات إرهابية منسقة شملت عمليات إطلاق نار جماعيا وتفجيرات انتحارية واحتجاز رهائن حدث في مساء يوم 13 نوفمبر 2015 في العاصمة الفرنسية باريس، تحديداً في الدائرة العاشرة والحادية عشرة في مسرح باتاكلان وشارع بيشا وشارع أليبار وشارع دي شارون.
وشهدت الأحداث 3 تفجيرات انتحارية في محيط ملعب فرنسا في ضاحية باريس الشمالية، في سان دينيس، بالإضافة لتفجير انتحاري آخر وسلسلة من عمليات القتل الجماعي بالرصاص في 4 مواقع.