طلاق لا رجعة فيه.. الصدر يخرج قوى إيران من "توليفة" الحكومة المقبلة
بانتهاء جلسة البرلمان الأولى الصاخبة وإعادة انتخاب رئيس المجلس محمد الحلبوسي لولاية ثانية، تدخل العملية السياسية بالعراق منعطفاً حاسما.
منعطف يفتح الباب على استحقاق تشكيل حكومة جديدة للعراق، أصبحت حسب المؤشرات قاب قوسين أو أدنى.
فيما يرى محللون سياسيون أن ما يسمى "قوة الإطار التنسيقي"، الموالية لإيران، باتت خارج التوليفة المرتقبة، بعد تضييق الخناق عليها من التحالفات السياسية الأخرى.
وكشفت الجلسة الأولى التي عقدت الأحد الماضي، وترأسها النائب الأكبر سنا في المجلس عن تحالف صريح وواضح بين الكتلة "الصدرية"، الفائز الشيعي بأكبر عدد من المقاعد، مع القوى السنية، الأكثر تمثيلاً وأرقاما، ويتعلق الأمر بتحالف "تقدم وعزم"، يتبعهما الحزب الديمقراطي الكردستاني ثالثاً، في سابقة لم تشهدها البلاد منذ عام 2003.
وأطاح هذا التحالف الثلاثي بآخر فرص قوى "الإطار التنسيقي"، التي تضم قوى وفصائل مسلحة مقربة من إيران، ما يتوقع أن يضع حدا لعهدها السياسي وقدرتها على التأثير في المشهد العراقي، بعد نحو عقدين من التمثيل المستمر في الحكومة.
محاولة إيرانية في الوقت الضائع
وفي محاولة في الوقت الضائع؛ كشفت مصادر سياسية مطلعة لـ"العين الإخبارية" عن زيارة وفد إيراني ضم شخصيات من الحرس الثوري، إلى العاصمة بغداد، لتدارك الانشقاق الشيعي- الشيعي برلمانياً، المتمثل بالتيار الصدري وقوى الإطار التنسيقي.
وأكدت المصادر، أن "الوفد الإيراني غادر العاصمة العراقية بغداد، وهو غاضب ومستاء بعد فشله في تقريب وجهات النظر بين الطرفين".
وأفصحت الجلسة البرلمانية الأولى التي اكتنفها الجدل والعراك عن تجديد الولاية الثانية لزعيم تحالف "تقدم"، محمد الحلبوسي لرئاسة البرلمان، فضلاً عن انتخاب نائبيه الأول والثاني، من التيار الصدري والحزب الديمقراطي الكردستاني، على التوالي.
واستطاعت القوى السنية تحقيق تقارب بين أكبر الفائزين وهما تحالف "تقدم" برئاسة الحلبوسي و"عزم"، بقيادة خميس الخنجر، اللذين يقترب مجموع حصتيهما في البرلمان من الـ50 مقعداً.
يقابل ذلك، تفرد للتيار الصدري صاحب الـ73 مقعداً، بالفوز الكاسح والمؤثر في عدد المقاعد النيابية، ما جعله الطرف الأقرب لكتابة القائمة النيابية الأكبر والمضي بتشكيل الحكومة المقبلة.
ورغم الجولات التفاوضية التي دارت خلال الأيام الماضية للتقريب بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري لثني الأخير عن المضي بتشكيل حكومة "أغلبية وطنية"، إلا أنها لم تحرك ساكناً أو تدفع إلى اتخاذ قرار.
"الإطار التنسيقي" خارج كابينة الحكومة
وكانت قوى الإطار التنسيقي قدمت خلال الجلسة الأولى قائمة بأسماء تضم "الكتلة الأكبر"، ما أشعل غضب كتلة الصدريين والقوى المتحالفة معها، انتهت بغيبوبة "رئيس السن"، محمود المشهداني، بعد ادعائه التعرض للضرب واستبداله بنائب آخر.
ويقول المحلل السياسي، علي الكاتب، إن "انتخاب الحلبوسي لرئاسة البرلمان الجديد بنتيجة تصويت أكثر من 200 نائب، وكذلك الأمر مع اختيار حاكم الزاملي نائباً أولاً للرئيس، ينفي صحة ادعاء الإطار التنسيقي امتلاكه الكتلة الأكبر".
ويضيف الكاتب، لـ"العين الإخبارية"، أن "القوى الإطارية حاولت اعتراض قدرها السياسي وخسارتها فرص المشاركة في الحكومة المقبلة عبر سيناريو مسرحي، تمثل في ادعاء المشهداني الضرب والإعياء، ومن ثم الطعن بشرعية الجلسة الأولى للبرلمان".
ويتابع: "لم يتبقّ للإطار سوى التصعيد أو الاستسلام للوقائع الجارية كون القنوات القانونية والمخارج التشريعية لا تشفع لهم بالعودة إلى المشهد السياسي في تشكيل الحكومة".
وتتحدث أطراف في قوى الإطار عن تحرك للطعن بشرعية "جلسة السن"، ورفض مخرجاتها عبر اللجوء مجدداً إلى المحكمة الاتحادية، أعلى هيئة قضائية في العراق، كانت أقرت الشهر الماضي نتائج الانتخابات التشريعية بعد الدفع بعدم قبول طعون نفس الجهة.
جدل قانوني وصلاحيات "محددة"
الخبير القانوني، طارق حرب، يؤكد من جانبه أن "الإطار التنسيقي ليس لديه الحق في تقديم قائمة بالكتلة الأكبر".
أما الخبير القانوني علي التميمي، فأشار إلى أن "المادة 54 من الدستور، والخامسة من النظام الداخلي حددت مهام رئيس الجلسة الأكبر سناً بافتتاح الجلسة وتأدية اليمين للأعضاء الجدد وانتخاب رئيس مجلس النواب بالأغلبية المطلقة".
مستطردا "خارج ذلك ليس من صلاحيات للرئيس الأكبر سناً؛ إذ إن عمله بروتوكولي ينتهي بانتخاب رئاسة البرلمان؛ والأخيرة هي المسؤولة رسمياً عن تسلم القائمة الأكثر عدداً".
في نفس الاتجاه يشدد المحلل السياسي، رمضان البدران، على أن "قوى الإطار التنسيقي لا تمتلك حق الاعتراض عند القضاء بحكم ثقلها النيابي، الذي يفقدها القدرة التعبوية نيابياً، وبالتالي فإنها سواء رفضت أو قبلت، فإنها باتت اليوم خارج توليفة الحكومة المقبلة".
ورأى البدران، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "المهمة الأصعب قد انتهت باختيار رئاسة البرلمان في الجلسة الأولى، وبات الطريق سالكاً أمام اختيار رئيس الجمهورية والوزراء"، معتبرا أن "خروج القوى الإطارية من المعادلة سيسهم في تسهيل ذلك الأمر".