الانتخابات اللبنانية.. تأجيل في الأفق ينتظر الأسباب
يطوف شبح التأجيل في فضاء المشهد السياسي في لبنان منتظرا أسباب قرار يتوقعه مراقبون قبل 3 أشهر من موعد الاقتراع.
مخاوف لم يبددها قرار مد المهل الرسمية لتقديم أوراق الترشح مع عزوف الطبقة السياسية عن التورط مبكرا في استحقاق مشكوك في اكتماله ويحيط بتحالفاته ضباب كثيف.
ورغم تحديد السلطات المعنية 15 مايو/ أيار المقبل موعداً لاقتراع اللبنانيين من أجل اختيار 128 نائباً لدورة جديدة تستمر أربع سنوات، إلا أن المخاوف من التأجيل ما زالت واردة بقوة وهو إجراء اعتادت الطبقة السياسية على القيام به بحجج كثيرة في العقود الماضية. وأبرز هذه الحجج الوضع الأمني.
وخلافا للمعتاد، تبدأ الحركة الانتخابية في لبنان لجهة الحملات الإعلامية وزيارات المناطق من المرشحين في القوى الرئيسة قبل ستة أشهر فتجري خلالها الترشيحات تباعاً، الأمر الذي يغيب عن المشهد الراهن.
وخلال أسبوع مضى برزت تطورات عدة تزيد من العوائق في وجه إجراء عمليات الاقتراع، أبرزها إعلان وزارة الداخلية حاجتها إلى مبلغ يفوق الـ9 ملايين دولار من العملة الأجنبية، وإعلان آخر متكرر من وزارة الخارجية أنه لا اعتمادات مالية في موازنتها لمصاريف فتح مراكز الاقتراع في بلاد الاغتراب.
ويفترض استئجار صالات لاستقبال المقترعين وتأمين موظفين يراقبون العملية في الخارج، وهو أمر يعرقل العملية الانتخابية ويعرضها إما للطعن بشرعيتها في حال حصول نواقص كبيرة في تأمين مقومات الاقتراع في الاغتراب، أو يطرح إمكان التأجيل من هذا الباب أيضاً، إضافة إلى ارتفاع تكاليف تأمين عمليات الاقتراع عما كانت عليه، في ظل غياب الاعتمادات لدى الخارجية.
وعلى الرغم من موافقة مجلس الوزراء على الكلفة المالية، إلّا أن تأمين المبالغ بالدولار الأمريكي، لا يزال مجهول المصير في ظل عجز المصرف المركزي عن تأمينه نتيجة الانهيار الاقتصادي.
وفي هذا السياق أبلغت مصادر وزارة الداخلية اللبنانية "العين الإخبارية" أن وزير الداخلية اللبناني بسام المولوي عقد اجتماعاً مع عدد كبير من سفراء الدول الغربية وطالبها بتأمين دعم مادي لإجراء الانتخابات إلاّ أن التجاوب لم يكن كبيراً على اعتبار أن إجراء الانتخابات هو موضوع .
وتعترض دول غربية على الكلفة التي أقرتها الحكومة واعتبرت "مرتفعة جدا"، وطلبت إيضاحات تفصيلية عن الرقم المرصود، ما سيؤدي إلى عرقلة الجهود في الوقت المتبقي على الانتخابات.
وسياسيا تتزايد اتهامات توجه إلى رئيس الجمهورية ميشال عون بالسعي إلى تأجيل الانتخابات بسبب التراجع الكبير الذي حل بجمهوره، ويدعمه "حزب الله" من باب أن ضعف الحليف المسيحي لا يناسبه خصوصاً أن هناك أصوات بدأت تعلو من داخل "تيار عون" ترد الضعف إلى التحالف مع "حزب الله".
وفي هذا الإطار يرى عضو "اللقاء الديمقراطي" النائب وائل أبو فاعور أن "العهد ومن يدعمه لن يتورعوا عن إلغاء الانتخابات النيابية أو تأجيلها وارتكاب هذه الفعلة الشنيعة إذا ما استطاعوا لذلك سبيلا".
وقال لـ"العين الإخبارية": "سنتصدى لذلك، وأدعو إلى عريضة نيابية للدفاع عن إجرائها، لأنهم يعرفون أن الموازين الشعبية والسياسية ستطيح بقسم كبير من تمثيل العهد وتياره وبعض الأطراف الآخرين الذين يرون أن هذا الفريق السياسي هو الغطاء لهم ولكل سياساتهم وممارساتهم".
وأضاف: "سينكشفون على المستوى السياسي العام في حال ضعف التيار الوطني الحر، لأن البلد ومنذ العام 2006 محكوم بمعادلة تفاهم "حزب الله والتيار الوطني الحر"، مؤكداً أن هناك فريقاً يأخذ مكاسب استراتيجية من لبنان إلى اليمن مرورا بالعراق وسوريا، وفريق يحقق مصالحه ومنافعه في الداخل على حساب الدولة".
وتابع: "فريق يأخذ صك براءة على كل ما قام ويقوم به في سوريا والعراق واليمن وفي كل الساحات التي يصل إليها مقابل طرف آخر، مقابل تغطيته هذه السياسات يأخذ بالإدارة والكهرباء والصلاحيات والخدمات والتعيينات والقضاء وفي كل دوائر الدولة".
في المقابل يرى وزير الداخلية الأسبق زياد بارود أنه "حتى اللحظة الانتخابات حاصلة في موعدها".
وقال لـ"العين الإخبارية": يظل الوضع القائم اليوم خصوصاً ما يرافقه من ضغوطات دولية فإن تأجيل الانتخابات سيكون فقط على خلفية حدث أمني ولا شيء آخر".
وأضاف: "لا مؤشرات لوضع أمني (يعرقل العملية) حتى يومنا، لكنه يلفت إلى أن الحدث الأمني في بلد مثل لبنان يمكن أن يحضر في لحظة، وليس بالضرورة أن يكون عسكرياً كاشتباك مسلح أو غيره فبالإمكان أن يكون على شاكلة فوضى بالشارع".
وسأل: "مثلاً إذا أعيد التلاعب بالدولار الأمريكي وبلغ أرقاماً كبيرة لا تتحمله الناس، يمكن أن يؤدي إلى انهيار المؤسسات ويخلق فوضى بالشارع بالطبع سيؤثر على الانتخابات".
ورأى أن الحديث عن تمويل وصعوبة اقتراع المغتربين وغيرها لا ترتقي إلى تأجيل الانتخابات إنما يبقى ضمن اللعبة السياسية.
وختم: "إن أي تأجيل من هذا النوع بحاجة إلى تعديل من مجلس النواب، وبحاجة إلى الأكثرية مطلقة في مجلس النواب، وهو أيضاً غير مؤمن في ضوء إعلان أغلبية الكتل النيابية عن رفضها التأجبل... إلاّ إذا غيرت رأيها".