فتور المشهد الانتخابي في لبنان.. أرقام كاشفة ومخاوف من التأجيل
قبل 4 أعوام بلغ عدد المتنافسين في الانتخابات اللبنانية بعد شهر من فتح باب تقديم الأوراق 976 مرشحا، واليوم لم يتقدم سوى 9 فقط.
رقم يختصر حالة الفتور التي تعتري المشهد الانتخابي في لبنان الذي يعاني من أزمة سياسية عميقة وأخرى اقتصادية أشد قسوة.
ولا تنسجم المواقف المعلنة بشأن المشاركة في الاقتراع المقرر 15 مايو/أيار المقبل، مع حماس المرشحين في مخاوف من نوايا تأجيل الاقتراع وسط مشهد ضبابي لم تتبلور معالمه بعد.
وأعلن في لبنان عن فتح باب الترشح للانتخابات النيابية في 10 يناير/كانون الثاني الماضي.
ويقول الباحث في الدولية للمعلومات (مؤسسة بحثية لبنانية مستقلة)، الخبير الانتخابي محمد شمس الدين، إنه "حتى الآن هناك 9 مرشحين فقط، بينما وصل العدد في العام 2018 بعد شهر على فتح باب الترشح إلى 976، رغم أنه آنذاك كانت الفترة محددة بشهر فقط، بينما اليوم بشهر ونصف، وبالتالي نتوقع أن يكون الضغط في الترشح في الأيام العشرة الأخيرة".
ومن بين الأسباب التي يرصدها شمس الدين في حديثه لـ"العين الإخبارية"، بشأن فتور الحماس الانتخابي يعود لقيمة رسم الترشح الذي كان عام 2018 يبلغ 8 ملايين ليرة، بينما اليوم 30 مليون ليرة.
ولا يحق للمرشح استعادة الرسوم إذا ما قرر الانسحاب من الانتخابات.
ويوضح الباحث أيضا أن الضبابية التي تطبع المشهد السياسي، والخوف من عدم إجراء الانتخابات، والتحالفات غير المحسومة، والإرباك الذي تركه عزوف تيار المستقبل وزعيمه سعد الحريري عن المشاركة في الانتخابات، ساهمت في حالة البرود التي يعاني منها لبنان على صعيد الاستعداد للاقتراع.
ويضيف: "هناك مشكلة ظهرت حديثاً تكمن في فتح اعتمادات للمرشحين في المصارف، نتيجة القيود التي تفرضها المصارف وتمتنع عن فتح حسابات جديدة".
متغيرات ألقت بظلالها على الاستحقاق اللبناني، فيما يتوقع مراقبون ومن بينهم شمس الدين أنها لا تطول نتائج متوقعة باحتفاظ الطبقة السياسية بتركيبتها المعبر عنها في نتائج الانتخابات إن جرت، وهي حقيقة ربما تضاعف من حالة الفتور التي رافقها.
ويتوقع أن يصل عدد المرشحين في آخر يوم من فتح باب الترشيحات إلى نحو 600 مرشح، أي ما نسبته 5 مرشحين عن كل مقعد، بينما كان عام 2018، 700 مرشح.
وينتخب اللبنانيون 128 نائباً في دورة انتخابية تستمر لأربع سنوات.
بدوره يرد الكاتب والمحلل السياسي مجد أبومجاهد الإحجام عن الترشح إلى مجموعة أسباب تزيد من حجم المطبّات والعراقيل التي تُواجِهها الانتخابات المنتظرة، تخفض حماسة الطامحين إلى تقديم أوراقهم في ظلّ الغموض بشأن القدرة على تشكيل قوائم انتخابية والوصول إلى الحاصل الانتخابي.
ويلاحَظ في حديث لـ"العين الإخبارية" أن تراجع الاندفاع يعود إلى مؤشرات ضبابية وغير واضحة، بين الإشارة إلى أن المداولات السياسية حول التحالفات الممكنة لم تصل إلى خواتيمها والتلويح بمجموعة اعتبارات ومسائل من الضروري الاتفاق حولها قبل الدخول في بلورة اللوائح الانتخابية.
ويرى أنه في ظلّ استمرار بطء الحراك الانتخابي والاكتفاء بالإضاءة على شعارات كبرى، تتصاعد الهواجس من الاحتكام إلى تبنّي عدد من الأحزاب خيار التمديد للمجلس النيابي.
وثمّة من يشير إلى الربط بين الموضوع الانتخابي ومعطى اعتكاف الرئيس سعد الحريري عن خوض غمار الاستحقاق المنتظر، مع إشارته إلى أهمية التمعّن في معنى هذا المتغيّر الذي فرض نفسه على الساحة اللبنانية وضرورة مقاربة هذا الموضوع بهدوء بعيداً عن التسرّع.
ويطرح أبومجاهد علامات استفهام حول أسباب رفع نواب من الأكثرية الحالية شعار عزوف تيار "المستقبل" وربطه بالوضع الانتخابي، علماً أنّ مرجعيات الطائفة السنية الدينية والسياسية المقرّبة من "المستقبل" أكدت على سيرها باتجاه خوض الاستحقاق النيابي في موعده وعدم المقاطعة.
وتثير الضبابية المستمرّة في الشأن الانتخابي قلقاً بارزاً على صعيد أكثر من فريق سياسي داعم لإجراء الاستحقاق في موعده المحدّد.
ويضيف: "لا يغيب عن الأسباب المؤدّية إلى البطء في محرّكات الترشح إلى الانتخابات، الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعانيها البلاد بما يزيد حجم التردّد من إنفاق مبلغ 30 مليون ليرة في حال عدم ضمان القدرة على تأليف لائحة انتخابية أو الترشّح من خلالها، بما سيُقلّل من حجم المرشّحين المستقلّين في حال عدم التحالف مع اللوائح الأساسية، من دون إغفال أنّ الإجراءات اللوجستية المطلوبة قد تشكّل معوّقات بالنسبة إلى عدد من الراغبين في الترشّح.
aXA6IDMuMTQyLjEzMC4yNDIg جزيرة ام اند امز