غضب أحزاب تونس يحاصر الغنوشي.. تمرّد وجريمة وتقسيم
جلسة برلمانية يتحدى بها إخوان تونس قرارات رئاسية استثنائية بتجميد عمل المؤسسة التشريعية، في خطوة فجرت استنكارا حزبيا واسعا.
أحزاب سياسية تونسية عديدة أعربت عن رفضها لتقسيم الدولة من الداخل بعد عقد زعيم الإخوان ورئيس البرلمان المعلقة أعماله، راشد الغنوشي، الإثنين، جلسة برلمانية عن بعد برئاسته وبحضور أحزاب التنظيم وحلفائه.
خطوة شكّلت تحديا واضحا لتدابير استثنائية أقرها الرئيس التونسي قيس سعيد في 25 يوليو/ تموز الماضي، قضت بتعليق عمل البرلمان ورفع الحصانة عن النواب وإقالة رئيس الحكومة حينها هشام المشيشي.
وزعم بيان نشره الغنوشي عبر صفحته بموقع فيسبوك (صفحة البرلمان مغلقة)، أن "مكتب المجلس نظر في طلب كتابي مقدم من 27 نائبا لعقد جلسة عامة لإلغاء العمل بالإجراءات الاستثنائية، وطلب ثان بعقد جلسة للنظر في الأوضاع المالية والاقتصادية والاجتماعية الخطيرة بالبلاد".
ولم يكتف الإخوان بانتهاك قرارات رئاسية، بل أعلن الغنوشي أنه "بعد التداول في هذه النقاط، أقر مكتب المجلس بالإجماع قرار عقد جلسة عامة، غدا الأربعاء، للنظر في إلغاء الإجراءات الاستثنائية وجلسة عامة ثانية، السبت المقبل، للنظر في الأوضاع المالية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها تونس ومساهمة مجلس النواب ".
تمويه ومغالطات يحاول التنظيم الإخواني اللعب على أوتارها لاستعادة السلطة التي يقفون اليوم على هامشها بعد أن لفظهم الشعب وترجمها الرئيس في قرارات رفعت في وجوههم "كارتا أحمر" أخرجهم من المشهد.
وشهدت الجلسة الافتراضية غياب عدد كبير من النواب من أحزاب الدستوري الحر والتيار الديمقراطي وحركة الشعب.
من جانبه، حذر الرئيس قيس سعيد، في وقت متأخر من مساء الإثنين، بعد اجتماعه بمجلس الأمن القومي، من محاولات عقد جلسات للبرلمان المعلق، قائلا في خطاب إن "قوات ومؤسسات الدولة ستتصدى لمن يريدون العبث بالدولة ودفع التونسيين للاقتتال".
وشدد سعيد على أن "الدولة التونسية ليست دمية، وأن هذه المحاولات يائسة وليست لها قيمة قانونية".
جريمة سياسية
جلسة الإخوان فجرت استنكارا واسعا بصفوف أحزاب تونسية من مشارب وتوجهات مختلفة، حيث اعتبر حزب "التحالف من أجل تونس"، أن "دعوة راشد الغنوشي بصفته رئيس مجلس النواب المعلقة أعماله، لعقد اجتماع مكتب المجلس، أمس الإثنين، وإقرار جلستين عامتين يومي الأربعاء والسبت القادمين، يعد جريمة سياسية بامتياز بحق الوطن والمواطنين".
وحذر الحزب، في بيان صدر الثلاثاء، واطلعت عليه "العين الإخبارية"، من "خطورة الدعوات التي وجهها الغنوشي لما تمثله من خروج عن القانون ودعوة صريحة للعصيان وتهديد للسلم الأهلي في البلاد"، فضلا عن أنها تشكل "تحدٍّيا صارخا لقرارات 25 يوليو التي وضعت حدّا لعشر سنوات من حكم منظومة فساد ونهب خرّبت اقتصاد البلاد وأضعفت الدولة".
وطالب الحزب بضرورة اتخاذ قرارات وطنية جريئة يكون على رأسها إعلان حلّ مجلس نواب الشعب بتركيبته الحالية ورفع صفة نائب الشعب عن جميع أعضائه,
كما دعا الحكومة وأجهزة الدولة إلى "ضرورة تطبيق القانون على كل الخارجين عن قوانين البلاد وارتكاب الجرائم السياسية التي من شأنها تهديد الأمن القومي، كما في جرائم الاحتكار والمضاربة والتهريب وجرائم الحق العام".
وحث الحزب الرئيس قيس سعيد على "الدعوة عاجلا لحوار وطني حول مخرجات الاستشارة الوطنية، والقضايا الراهنة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ويُستثنى منه المشبوهون وكل الذين شاركوا في الحكم خلال العشرية المنتهية".
تقسيم الدولة
من جهته، اعتبر التيار الشعبي (حزب النائب محمد البراهمي القيادي القومي الذي اغتيل في 25 يوليو/ تموز 2013)، أن هذه الخطوة تعد "تمردا على الدولة وفتحا لباب التنازع على الشرعية ومقدمة لتقسيم الدولة وسلطاتها واستدعاء لتدخل القوى الخارجية التي تدعم مجموعات الفساد والإرهاب على غرار ما حصل في عدة بلدان شقيقة".
ودعا الحزب، في بيان اطلعت عليه "العين الإخبارية"، الشعب التونسي وقواه الوطنية إلى "توحيد صفوفه للتصدي لنهج التخريب والعمالة وحماية للدولة الوطنية وسيادتها ووحدتها".
وحثّ البيان، الرئيس قيس سعيد على "تحمّل مسؤوليته كضامن لوحدة الدولة وأمنها القومي ضد طغمة الفساد والإرهاب التي تعمل على تدمير ما تبقى من الدولة ومحاسبة كل المتورطين".
أما رئيسة الحزب الدستوري الحر، عبير موسي، فحذرت من أن "الغنوشي وزمرته حصلوا على الضوء الأخضر لضرب استقلال البلاد وإدخالها في حالة عدم شرعية".
وتابعت في فيديو نشرته على صفحتها الرسمية: "سننشر حالا قضية في إبطال قرارات مكتب المجلس وقضية استعجالية من ساعة لأخرى لإيقاف أشغال الجلسة العامة المبرمجة ليوم 30 مارس 2022 وما بعدها ".
وطالبت موسي الرئيس التونسي بالتحرك قبل 30 مارس/ آذار الجاري ودعوة النواب من غير الإخوان و"ائتلاف الكرامة" الإخواني، لإمضاء عريضة سحب الثقة من الغنوشي والموافقة على حل المجلس وإصدار قرار بحله والدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة.
واعتبرت رئيسة الحزب الدستوري الحر أن "الهروب إلى الأمام واللجوء إلى المحاكمات العسكرية أو الجزائية سيزيدهم (الإخوان) قوة وصلابة، وسيعزل قيس سعيد، ويؤدي إلى تحرك القوى الأممية ضد تونس".
فيما اعتبر عميد المحامين التونسيين، إبراهيم بودربالة أن دعوة مكتب البرلمان المجمد إلى جلسة عامة، غدا، لإلغاء التدابير الاستثنائية، لا يخدم مصلحة تونس.
وقال بودربالة، في تصريحات إعلامية، إن "هذه الدعوة فيها تحدّ ومحاولة لإظهار القوة بما يتعارض ومصلحة الوطن"، مشددا على "ضرورة تحكيم العقل والتحلي بالروح الوطنية والتريث والتهدئة خاصة أن رئيس الدولة كان أعلن عن خارطة طريق وهو ما يدعو إلى التعاطي الإيجابي معها".
وحذر بودربالة من سقوط البلاد في منهج "الفوضى والتصادم"، داعيا إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار المصلحة العليا للوطن.
كما دعا إلى فتح الحوار عبر تدخل الأطراف المحايدة كالمنظمات والشخصيات المشهود لها "بنظافة اليد"، مطالبا بشدة بضرورة تجنب التصادم.
aXA6IDE4LjExOC4zMi43IA==
جزيرة ام اند امز