فيلم "love happens".. كلمة السر في مواجهة الألم
فيلم "love happen" يأتي بحبكة بسيطة واضحة تكاد تبوح بما لديها ويمنح مشاهديه المساحة التأملية بتتبع خبير التنمية البشرية "بيرك رايان".
ليس فيلم "love happen"، تأليف وإخراج براندون كامب، بالعمل السينمائي الضخم، ولا يشبه تلك الأفلام التي تناولت قصص الحب وباتت أيقونة للعاشقين، بل يأتي بحبكة بسيطة واضحة تكاد تبوح بما لديها، لكن ما يجعل الفيلم محطة لا بد من الوقوف عندها، هو تلك المساحة التأملية التي يمنحها الفيلم لمشاهديه بتتبع خبير التنمية البشرية "بيرك رايان" (آرون إيكهارت) الذي يعقد ندوات وورشات عمل لمساعدة الناس على التغلب على أحزانهم والعودة إلى حياتهم الطبيعية، وذلك بعد أن ذاع صيت كتابه "A-Okay!" الذي كتب فيه تأملاته الذاتية واستراتيجيته للتغلب على حزنه بوفاة زوجته في حادث سير منذ 3 سنوات.
مع قدوم بيرك رايان إلى مدينة "سياتل" لإقامة واحدة من ورشات عمله في صناعة التفاؤل، سنكتشف الجانب الخفي من حياته، ففي هذه المدينة قُتلت زوجته ودُفنت، وهنا يعيش أهلها، وهو المكان الذي لطالما حرص على تجنبه طيلة السنوات الـ3، لكنه تحت إصرار مدير أعماله "لين" (دان فوغلر) يضطر للقدوم، لا سيما أن هذا الأخير أعد له عدة لقاءات وتعاقدات تتعلق بعملها، ومع تعاقب أيام "بيرك" في سياتل سنكتشف ما خفي من حكايته وعلاقته بحادث زوجته، لكن تلك الحقيقة ما كان ليميط اللثام عنها لو أنه لم يقع بحب منسقة الزهور "إلويس" (جينفير أنيستون)، الحب الذي بدا ها هنا كلمة السر في التغيير الذي نريده في حياتنا.
يلتقي بيرك مصادفة مع "إلويس" التي تلفت انتباهه بعد أن يكتشف أنها تكتب كلمات غريبة خلف اللوحات المعلقة على جدران الفندق، وسرعان ما تتوطد العلاقة بينهما ويحدث الانجذاب لتكون علاقتهما بداية التحول في حياة بيرك، إذ سرعان ما نكتشف أنه يعاني من المشكلات ذاتها التي يدعي القدرة على حلها عند الآخرين، وأنه كما كان يقول لعملائه "عالق بأحزانه" على زوجته، ولا يمكنه المضي قدماً لأنه عينيه على مرآة الرؤية الخلفية.
ورغم أن "لويس" لا تملك مهارات "بيرك" كخبير تنمية بشرية وصانع التفاؤل -إن صح التعبير- لكنها تملك كلمة السر للتفوق عليه، وهي "الحب" الذي يجعلنا قادرين على التغيير والتأثير في من نحب حتى لو كانت حياتنا "سلسلة طويلة ومرهقة من القرارات السيئة"، كما تقول بطلة الفيلم "إلويس".
هكذا ستنجح منسقة الزهور صاحبة التجارب السيئة، في دفع "بيرك" ليتخذ القرارات الصحيحة في حياته، ويواجه ما كان حتى الساعة التي التقاها ينكره، ويحاول أن يغلفه بتأملاته الفلسفية وإقناع نفسه أنه بخير.
إنه أسير أحزانه وليس بخير، كما كل الناس الذين يقصدونه للتخلص من أحزانهم، ولكن حاله أسوأ منهم جميعاً، فهو يعتقد أنه لا يحتاج إلى المساعدة للتغلب على أحزانه، إلى أن تحدث لحظة الانهيار؛ حيث يعترف لـ"إلويس" بداية بحقيقة هروبه من أحزانه ومن كل ما يتعلق بذكرى زوجته، وتالياً سيقف "بيرك" أمام من جاءوا يقصدونه لمساعدتهم، ليعترف كم أنه مكسور وكيف أنه عاش حياته ينكر أحزانه ولا يواجهها.
لوهلة يبدو الفيلم كما لو أنه يعري أولئك الذين يجتهدون في وضع استراتيجيات للتغلب على مشكلاتنا من خبراء التنمية البشرية وعلماء الطاقة وسواهم ويتصرفون على نحو مخالف، ولكن الفيلم لا يعير باله لهؤلاء، وإنما يريد أن يقدم فرضيته للتغلب على مشكلاتنا بفكرة بسيطة مفادها أن تجاوز المشكلة لا تأتي من إنكارها وإنما بمواجهة الألم وغسل آثاره من قلوبنا بالدموع الصادقة.
ولكن ألم يكن بيرك قادراً على اكتشاف تلك الحقيقة كل هذه السنوات، وبعد معايشته
لجدواها مع كثير من الحالات التي قام بمساعدتها؟!
ببساطة تلك الحقيقة نعرفها كلنا، ولكننا نحتاج إلى الإلهام للإيمان بجدواها، ذلك الإلهام كان في حياة بيرك هو حب "إلويس" الذي نجح في إسقاط القناع عنه، ليتحسس لأول مرة منذ 3 سنوات أنه غارق في وهم اسمه "أنا بخير".
في الغالب نحن جميعاً نحتاج إلى إلهام لنؤمن بجدوى تغيير حياتنا، وفي كثير من الأحيان يكون الحب هو شكل الإلهام الذي نحتاجه لنقبض على هذا الإيمان.
بعيداً عن حكاية العمل لا يبدو النجمان "آرون إيكهارت" و"جينفير أنيستون" في أفضل أحوالهما، رغم أن الحكاية تقوم عليهما، إلا أن الذاكرة لا يمكن ألا أن تقدم عليهما عند الحديث عن أداء الممثلين، وأداء الفنان "مارتن شين" الذي قدم دور أب زوجة "بيرك" المفجوع بوفاة ابنته، والذي نتعرف عليه بداية وهو يتربص لبيرك في الفندق ليطلب منه الكف عن الكذب، ومع انهيار هذا الأخير في نهاية الفيلم سيظهر الأب ثانياً ولكن هذه المرة ليحتضنه ويخبره أنه فقط كان بحاجة إليه ليقاسمه أحزانه على ابنته.
وبدا لافتاً أيضاً الأداء العفوي للفنان "جون كارول لينش" الذي جسد شخصية "والتر" متعهد البناء الذي فقد ابنه الصغير، وفقد بعده وظيفته وزوجته، وجاء ليشارك في ورشة العمل، رغم عدم اقتناعه بقدرة بيرك على تقديم حل عملي لمشكلته.
وعلى مدار أحداث الفيلم سنجد والتر يتحدث بأداء مؤثر غير انفعالي عن موت ابنه، وبدا للجميع من حوله أن "موت ابنه أصبح موته"، كما يقول بيرك له.
فيلم "love happens" متاح على شبكة "نيتفلكس" و"يوتيوب"، وهو موصى به لعمر 13 وما فوق.
aXA6IDE4LjExOC4xNTQuMjM3IA== جزيرة ام اند امز