رحيل نزار شقير مؤسس «باتشي».. رحلة نجاح من محل متواضع في بيروت إلى العالمية
غيب الموت واحدا من رواد صناعة الشوكولاتة في العالم، وهو رائد الأعمال نزار شقير، رئيس مجلس إدارة مجموعة باتشي القابضة فمن هو؟
هو رائد الأعمال اللبناني، كانت له مسيرة مهنية حافلة، انطلق خلالها بتأسيس شركته، من متجر صغير في شارع الحمرا إلى مبنى بمساحة ألفي متر مربع في منطقة الوسط التجاري، علاوة على امتلاك الشركة لأفرع تجارية تنتشر في مختلف أنحاء العالم.
المسيرة المهنية لـ"نزار شقير"
وكانت قد بدأت رحلة نزار شقير في عالم الشوكولاتة متأثرا بخاله الذي امتلك متجره الخاص للشوكولاتة في وسط بيروت، في منطقة الأسواق القديمة.
وفي عام 1974، افتتح شقير متجره الخاص لبيع الشوكولاتة والهدايا المتعلقة بالأفراح، والتي تُقدم للمدعوين في حفلات الزفاف، بالإضافة إلى الهدايا الخاصة بمستلزمات المنازل.
واختار شقير اسم "باتشي" Patchi ليطلقه على متجره، ليصبح أحد الأسماء التجارية البارزة في عالم الأعمال، ورأى فيما يقدمه من خدمة، وسيلة للتقرب من العملاء، عن طريق بيع الشوكولا وعلب الأفراح والهدايا.
وبدأ شقير بتأسيس أول مصنع للشوكولاتة خاص به، على مساحة 25 مترًا مربعًا في منطقة الطريق الجديدة ببيروت، وشاركه في التأسيس أخاه ماهر وثلاثة موظفين.
وعند اندلاع الحرب الأهلية في لبنان عام 1975، لم يرغب في البقاء محصورًا في لبنان، فافتتح فرعين لمحلات Patchi في عمان وفرعًا في الكويت.
وافتتح مصنع بمساحة 200 متر مربع في ضواحي بيروت مع زيادة الإنتاج، هذا المصنع حقق نجاحا في تصدير شوكولاتة "باتشي" إلى الكويت والأردن والسعودية، التي كانت تقتصر على نقاط البيع فقط.
توسع في فروع باتشي وسياسة البيع أيضا
الخطوة التالية لتأسيس المصنع الخاص بالشركة، أن تم التوسع في افتتاح سلسلة محال "باتشي"، استنادًا إلى سياستها التي تقضي ببيع منتجاتها حصريًا في محلاتها الخاصة، وبدأ هذا التوجه بافتتاح أول متجر في جدة، ومن هناك انطلقت لافتتاح مزيدا من الأفرع في أنحاء الوطن العربي.
حققت محلات "باتشي" نجاحًا كبيرًا في المملكة العربية السعودية، حيث كان يتم افتتاح فرع جديد كل 6 أشهر، واليوم، يوجد 23 فرعًا في المملكة، وتخطط الشركة لافتتاح 12 فرعًا جديدًا خلال العامين المقبلين.
وبعد السعودية، توسعت "باتشي" إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، ودول عمان، قطر، البحرين، واليمن، ليصل إجمالي عدد فروعها في العالم العربي إلى 65 فرعًا، باستثناء الفروع المنتشرة في لبنان.
يمتد وجود "باتشي" حاليًا إلى 26 دولة، تشمل لبنان، سوريا، الأردن، مصر، السعودية، الكويت، البحرين، قطر، الإمارات العربية المتحدة، اليمن، تونس، تركيا، قبرص، اليونان، بولندا، فرنسا، بريطانيا، أوكرانيا، كندا، سان مارينو، أستراليا، ماليزيا، الهند، بروناي، نيجيريا، وساحل العاج.
كما تخطط الشركة لافتتاح فرعين جديدين في طهران وميامي (الولايات المتحدة) خلال الثلاثة أشهر المقبلة، ومن المتوقع أن يصل عدد فروع Patchi إلى 150 فرعًا حول العالم بحلول منتصف العام المقبل.
خطوات فارقة في تاريخ باتشي
وفي عام 1990، شهدت شركة باتشي، خطوة فارقة في تاريخها، بعد أن أوجد ت لنفسها مكانة مميزة في صناعة الشوكولا، قام مؤسسها نزار شقير بتطوير مشروع سكني في منطقة سبلين بجنوب لبنان، على بعد حوالي 30 كيلومترًا جنوب شرق بيروت.
واكتشف شقير بالصدفة وجود العديد من المستودعات الفارغة، فقرر تحويلها إلى مصنع متكامل للشوكولا والتغليف، وشمل نشاط هذا المصنع، إنتاج الأكياس، وورق التغليف، والكرتون، والورد الصناعي لتزيين الهدايا، بالإضافة إلى علب المخمل والتذكارات الخاصة بالمواليد الجدد.
اليوم، يعمل في هذا المصنع في سبلين حوالي 250 موظفًا، وهناك 1500 عائلة تعمل من منازلها وتتلقى التدريب في معهد تابع للشركة. بالإضافة إلى ذلك، تقوم الشركة بتوظيف أفراد من مؤسسات خيرية مثل مؤسسة الحريري في صيدا، وجمعيات خيرية أخرى بما في ذلك جمعية في مخيم عين الحلوة.
من ناحية التمويل، حصلت الشركة على قروض ميسرة بلا فوائد من مصرف لبنان، مما أتاح لها شراء آلات حديثة وتوسيع المصنع. عند شحن البضائع، تقوم الدولة بسداد الفاتورة أولاً، ومن ثم تسدد لها الشركة بعد دفع الزبون بفائدة ضئيلة جدًا.
باتشي.. مؤسسة عملاقة بأسس راسخة
ويحتل الآن مبنى ميزون Patchi موقعا مميزا في وسط بيروت التجاري بالقرب من مبنى بلدية بيروت، ويعتبر افتتاح دار Patchi في هذه المنطقة ذو أهمية كبيرة لشقير، حيث كانت هذه المنطقة تُعرف بالأسواق قبل 25 سنة وقبل اندلاع الحرب الأهلية، وكانت موطناً للعديد من المحلات التجارية.
وهو نفسه المكان الذي كان به محل خاله، الذي كان يتردد عليه للتعلم، وفي عام 2000، وبعد أن قامت شركة سوليدير بترميم الوسط التجاري، وبينما كان يتناول العشاء في أحد مقاهيه، مشى شقير حتى مبنى البلدية ليستعيد ذكريات المنطقة التي يحن إليها وقرر الاستثمار فيها.
اكتملت أعمال البناء في عام 2003. وبعد 25 سنة، عاد شقير إلى الموقع نفسه الذي انطلق منه، ولكن هذه المرة مع مبنى من خمسة طوابق. يحتل الطابق الخامس من العمارة مقهى Tamaris، الذي تم افتتاحه مؤخراً. يُعتبر Tamaris أول مطعم خاص بالحلويات في الشرق الأوسط، بإدارة أحد أبرز طهاة أوروبا والعالم، آلان دوكاس، الحائز على خمسة نجوم ميشلان، وهي أعلى درجة لتصنيف المطاعم في العالم.
كما يُدير دوكاس مطاعم فندق بلازا أتينيه الراقي في باريس. أصبح Tamaris اليوم علامة تجارية حصرية لـPatchi، ولا يفتتح في أي مكانٍ في العالم إلا من خلاله. تُدار سلسلة Patchi من قبل نزار شقير وأولاده الثلاثة، وهو يتولى منصب رئيس مجلس الإدارة. أما بالنسبة للفروع خارج لبنان، فلديه شركاء ويمنح وكالات بنظام الفرنشايز.
هذه كانت قصة نجاح وريادة أعمال عربية انطلقت من محل صغير وشغف بالتعلم، ووصلت إلى سلسلة فروع في شتى أنحاء العالم.
aXA6IDMuMTM4LjM3LjQzIA== جزيرة ام اند امز