3 تحديات تواجه جهود مصر لإحياء عملية السلام
الدور المصري القوي في التوصل إلى التهدئة بغزة، جعل الكثير يعول على استمرار هذا الدور من أجل تحريك عملية السلام والبدء في المسار التفاوضي بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وصرح سامح شكري، وزير الخارجية المصري، أن "رعاية مصر للمفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين وارد أن يحدث مستقبلًا، لكن مصر تركز الآن على تثبيت هدنة وقف إطلاق النار، وفتح قنوات تواصل مع الجانبين".
وأضاف في تصريحات تلفزيونية أمس الجمعة: "الهدف واضح أمامنا، وهو استنئاف العملية التفاوضية والوصول لها، بعد التشاور مع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي والتشاور مع الشركاء الدوليين، والرباعية الدولية للوصول إلى حل للقضية".
ثلاثة تحديات رئيسية تواجه الجهود المصرية لإحياء عملية السلام المجمدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهي الانقسام الفلسطيني، ومعوقات تضعها أطراف إقليمية، ووجود ضغط دولي والعمل مع الشركاء الدوليين لدفع الأطراف للعودة إلى طاولة المفاوضات.
تحريك ملف السلام
وقال دبلوماسيون سابقون وخبراء، في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية"، إن القاهرة ستستثمر نجاح وساطتها بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، في تحريك ملف عملية السلام من جديد، وإعادة إطلاق مسار المفاوضات بين الجانبين.
بيد أن هؤلاء الخبراء أكدوا أن فاعلية أي طرح في اتجاه إحياء المفاوضات يتطلب استقرار السلطة في الجانبين سواء باتمام الانتخابات الفلسطينية، وتشكيل حكومة موحدة، ومن جهة أخرى تشكيل حكومة إسرائيلية مستقرة.
كما شدد هؤلاء الخبراء على أنه للبدء في عملية السلام بين الجانبين، فمن الضروري العمل على "تحييد القوى الإقليمية التي تعبث بالقضية الفلسطينية لتحقيق مصالح ضيقة".
ودخلت الهدنة "غير المشروطة" في قطاع غزة حيز التنفيذ اعتبارا من الساعة الثانية فجر الجمعة بالتوقيت المحلي، وفقا لمبادرة مصرية لوقف التصعيد في القطاع، وافقت عليها إسرائيل وحركتا "حماس" والجهاد، على أن يلي ذلك مفاوضات تثبيت التهدئة وفتح مسار سياسي.
توحيد الصف الفلسطيني
السفير محمد العرابي وزير الخارجية المصري الأسبق، أكد في حديث لـ"العين الإخبارية" أن نجاح الجهود المصرية في التوصل لتهدئة بقطاع غزة "نقطة بداية جيدة لعملية سلام حقيقية، وإعادة إطلاق مسار المفاوضات بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني".
غير أن "العرابي" رأى أن "المشوار لا يزال طويلا"، موضحا: "للبدء في عملية سلام حقيقية، لابد من إتمام عملية المصالحة الفلسطينية ووحدة الصف، والعمل أيضا على تحييد القوى الإقليمية التي تعبث بالقضية الفلسطينية لتحقيق مصالح ضيقة".
وتابع :"العمل أيضا مع الولايات المتحدة والشركاء الدوليين والاتحاد الأوروبي لإحياء عملية السلام من جديد".
مفاهيم مشتركة
وفي هذا الصدد، أكد الدبلوماسي المصري السابق أنه "لا بد من الإقرار بأن الولايات المتحدة هي الفاعل الرئيسي فى أي عملية سلام قادمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين".
ورأى "العرابي" أن الأزمة الأخيرة جسدت مفاهيم مشتركة بين الإدارة الأمريكية والمصرية، قد تؤدي إلى عمل سياسي قادم أكثر اتساعا ويلبي طموح الشعب الفلسطيني، خاصة أن الإدارة الأمريكية الجديدة تتبنى فكرة حل الدولتين.
وحول توجيه الرئيس الأمريكي جو بايدن الشكر إلى نظيره المصري عبدالفتاح السيسي على جهود التوصل للتهدئة، قال العرابي: "حديث بايدن علامة جيدة تدل على أن مصر تستعيد موقعها مرة أخرى بعمل فعلي، وليس بخطابات اعلامية وهو ما يعطي القاهرة مساحة أكبر من الثقة لدى جميع الأطراف".
ووجه الرئيس الأمريكي الشكر للسيسي عقب جهود التوصل لتهدئة بين إسرائيل والفلسطينيين. وقال جو بايدن خلال كلمته للتعليق على الهدنة في قطاع غزة، "أعبر عن امتناني للرئيس المصري الذي لعب دورا دبلوماسيا لوقف إطلاق النار".
من جانبه، عبر الرئيس المصري في تغريدة على "تويتر" الجمعة، عن تقديره للرئيس الأمريكي "لدوره في إنجاح المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار وتحقيق التهدئة" في غزة.
أفق الحل السياسي
وأبرز السفير حسين هريدي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية" توافق الرؤية المصرية والأمريكية فضلا عن الإجماع شبه الدولي على الانطلاق من اتفاق وقف إطلاق النار، إلى أفق الحل السياسي واستئناف مباحثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وأضاف متسائلا: "هل الفلسطينيون والإسرائيليون سيساعدون على ذلك؟.. الأمر سيتوقف على الإجراءات التي سيتم اتخاذها في الأسابيع المقبلة".
واستطرد: توجهات الحكومة الإسرائيلية الجديدة ورئيسها، عامل مهم، ففي حال استمرار بنيامين نيتنياهو، فالفرصة لن تكون كبيرة لاستئناف مفاوضات السلام، وقد يعمل على إجهاضها، أما بالنسبة للجانب الفلسطيني، فالأمر يتطلب إجراء الانتخابات وتشكيل حكومة موحدة".
الإعمار وإزالة آثار الحرب
ومن جهته، أكد السفير محمد حجازي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق ضرورة استثمار القاهرة نجاح جهودها في التوصل لتهدئة في غزة، بالدعوة سريعا إلى عقد مؤتمر دولي لإعمار غزة.
وأردف: "عقب تثبيت وقف اطلاق النار وتضميد الجراح وإزالة آثار الحرب، مطلوب الدعوة لاحقا لإطلاق عملية السلام بين الجانبين بالمشاركة مع الشركاء الدوليين واللجنة الرباعية الدولية بما يحقق التسوية المنشودة، وإقامة الدولة الفلسطينية".
وكان حجازي قد أكد -في تصريح سابق- أن إقامة الدولة الفلسطينية هي "الأمان الوحيد لأمن واستقرار المنطقة، ولأمن الشعب الإسرائيلي ذاته الذي لن يتحقق عبر التصعيد العسكري".
وفي وقت سابق، بدأت جهود تثبيت التهدئة بزيارة وفد أمني مصري إلى غزة ولقاء مسؤولين من حركة حماس، لبحث الخطوات المقبلة للحفاظ على الهدوء.
شروط إحياء المفاوضات
وفي توافق مع رؤية الخبراء السابقة، قالت الدكتورة دلال محمود، الأستاذة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إنه يمكن البناء على ما تم من جهود مصرية في التوصل لوقف إطلاق النار.
وأكدت "محمود"، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، أن فاعلية أي طرح في اتجاه إحياء المفاوضات من جديد يتطلب أمرين؛ الأول: العمل على بدء إعادة اعمار غزة واحتواء الآثار التي نتجت عن العملية العسكرية الأخيرة في غزة، والعامل الثاني، يتمثل في استقرار السلطة في الجانبين بإتمام الانتخابات الفلسطينية من جهة، ومن جهة ثانية تشكيل حكومة إسرائيلية مستقرة.
واعتبرت، أن ما حدث ورغم وقف إطلاق النار سيزيد من قوة المتشددين في الجانبين، فليس من المتوقع تراجع اليمين في إسرائيل سواء دينيا أو علمان، وفي المقابل تستثمر حماس والجهاد ما تم في إظهار قدرتهما على التأثير.
وبالنسبة لمصر فإن دورها يمكنها أن تستثمره في تعزيز التواصل مع التيارات المعتدلة في الجانبين، وتأكيد أهمية دورها في هذه القضية بالتواصل مع الولايات المتحدة باعتبارها ما زالت الدولة الكبرى الأكثر انخراطا في الملف، وتجديد مبادئ التسوية في المحافل الدولية، وهذا الاستمرار في الجهود مطلوب وقائم بالفعل، وفقا لمحمود.
وجاء وقف إطلاق النار بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، بدءا من الثانية من فجر أمس الجمعة بالتوقيت المحلي، بعد 11 يوما من التصعيد والقصف المتبادل بين الطرفين، وسط دعوات دولية وجهود عربية للتهدئة.
وأعلنت كل من إسرائيل وحركة "حماس"، الموافقة على مقترح مصري لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتوقف القصف من الجانبين بالفعل.
aXA6IDE4LjE5MS4xODEuMjUxIA== جزيرة ام اند امز