أولمرت يعرض لأول مرة «خريطة حل» رفض تسليمها لعباس.. ومصدر فلسطيني يعلق

عرض رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت خريطته للحل، التي رفض تسليمها لمفاوضه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وهو ما علق عليه مصدر فلسطيني مطلع.
وقصة الخريطة معروفة، ولكنها المرة الأولى التي يعرضها أولمرت على الملأ في الفيلم الوثائقي "إسرائيل والفلسطينيين: الطريق إلى السابع من أكتوبر"، الذي بثّته هيئة البث البريطانية "بي بي سي".
وقال أولمرت لصنّاع الوثائقي: "هذه هي المرة الأولى التي أعرض فيها هذه الخريطة لوسائل الإعلام".
وقالت "بي بي سي": "تظهر الخريطة تفاصيل حول الأراضي التي اقترح أولمرت ضمها إلى إسرائيل، والتي تبلغ 4.9 في المئة من الضفة الغربية. وكان من الممكن أن تشمل الخطة أيضًا الكتل الاستيطانية اليهودية الكبرى، تمامًا كما في المقترحات السابقة التي تعود إلى أواخر التسعينيات".
وأضافت: "في المقابل، قال رئيس الوزراء إنه سيتحتم على إسرائيل أن تتنازل عن مساحة معادلة من الأراضي الإسرائيلية على طول حدود الضفة الغربية وقطاع غزة".
وتابعت: "وكان من المقرر ربط المنطقتين الفلسطينيتين عبر نفق أو طريق سريع، وهي فكرة تمت مناقشتها أيضًا في وقت سابق".
ونقلت عن أولمرت أن الرئيس الفلسطيني عباس قال له في حينه: "قال لي: يا رئيس الوزراء، هذا أمر خطير للغاية. إنه خطير جدًا جدًا".
ولفتت إلى أن "الأهم في خطة أولمرت أنها تضمنت حلًا مقترحًا لقضية القدس الشائكة".
وقالت: "تنص الخطة على أن يكون لكل طرف الحق في المطالبة بأجزاء من المدينة لتكون عاصمته، بينما سيتم تسليم إدارة 'الحوض المقدس' - بما في ذلك المدينة القديمة ومواقعها الدينية والمناطق المحيطة - إلى لجنة أمناء مكونة من إسرائيل وفلسطين والمملكة العربية السعودية والأردن والولايات المتحدة".
ولم يتسن الحصول على تعليق من الدول التي ورد اسمها في التصريحات، ولم يوضح بي بي سي ما إذا كانت الخطة طرحت عليها أم لا.
وأضافت: "كان من الممكن أن تكون الآثار التي ستخلفها الخريطة على المستوطنات اليهودية كبيرة، فلو نُفّذت الخطة، لكان من المحتمل إخلاء عشرات التجمعات السكانية الإسرائيلية المنتشرة في الضفة الغربية وغور الأردن".
واستدركت: "لكن ذلك التحدي لم يحدث قط. فعند نهاية ذلك اللقاء، رفض أولمرت تسليم نسخة من الخريطة لمحمود عباس ما لم يوقّعها الرئيس الفلسطيني".
وأضافت: "رفض عباس من جانبه التوقيع، مبررًا ذلك بأنه كان بحاجة إلى عرض الخريطة على خبرائه أولًا للتأكد من أنهم يفهمون بالضبط ما يُعرض عليهم".
ويقول أولمرت إن الرجلين اتفقا على عقد اجتماع مع خبراء الخرائط في اليوم التالي، مضيفًا: "لقد افترقنا، كنا وكأننا على وشك اتخاذ خطوة تاريخية إلى الأمام".
لكن اجتماع اليوم التالي لم يحدث.
وينقل الوثائقي عن رئيس ديوان عباس في ذلك الحين، رفيق الحسيني، قوله: "من المؤسف أن أولمرت - بغض النظر عن مدى لطفه - كان بطة عرجاء، وبالتالي، لن يذهب المقترح إلى أي مكان".
وكان الحسيني يشير إلى أنه في ذلك الحين أعلن أولمرت، الذي كان متورطًا في فضيحة فساد، عزمه على الاستقالة.
لكن أولمرت يقول في الفيلم الوثائقي إنه كان من "الذكاء الشديد" أن يوقّع عباس على الصفقة حينها، ثم يقول للعالم، إذا حاول رئيس وزراء إسرائيلي مستقبلي إلغاؤها بعد ذلك، إن "الفشل كان خطأ إسرائيل".
ويؤكد أولمرت أنه انتظر الرد من عباس، وفي نهاية المطاف، انضمت خطته إلى قائمة طويلة من الفرص الضائعة لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وجرت الانتخابات الإسرائيلية في فبراير/شباط، وأسفرت عن فوز بنيامين نتنياهو، زعيم حزب الليكود والمعارض لإقامة دولة فلسطينية، ليصبح رئيسًا للوزراء.
وفي 13 مايو/أيار 2014، قضت محكمة إسرائيلية بسجن أولمرت 6 سنوات، بالإضافة إلى غرامة مالية قدرها مليون شيكل، وذلك لقبوله رشى في مشروع الإسكان (هولي لاند) في مدينة القدس، عندما كان رئيسًا لبلدية القدس منذ 1993 وحتى 2003.
وفي 29 ديسمبر/أيلول 2015، أدانت المحكمة العليا الإسرائيلية أولمرت بتلقي رشوة، لكنها خفّضت الحكم من 6 سنوات إلى سنة ونصف.
وتمت تبرئة أولمرت جزئيًا مما عُرف بقضية هولي لاند، ودخل السجن في 15 فبراير/شباط 2016، وحصل على عفو بثلث المدة، وخرج من السجن بتاريخ 2 يوليو/تموز 2017.
وفي فبراير/شباط 2020، أعرب عباس عن استعداده للبدء بمفاوضات مع الإسرائيليين، برعاية دولية، وشدد على أن تحقيق السلام لا يمكن أن يتم بالضم أو الإخضاع أو بفرض رأي أحد الطرفين على الآخر.
وكان عباس يتحدث في نيويورك في مؤتمر صحفي مشترك مع أولمرت.
وأكد "استعداده لاستكمال المفاوضات حيث انتهت مع أولمرت، على أساس قرارات الشرعية الدولية، وليس على أساس خطة الضم الأمريكية الإسرائيلية".
وردًا على سؤال "العين الإخبارية"، فقد أحالت مصادر فلسطينية رسمية الرد إلى ما قاله الرئيس الفلسطيني محمود عباس نفسه في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2012، بأن السلطة الوطنية الفلسطينية كادت تتوصل إلى اتفاق سلام عام 2008 مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت، لولا أنه أجبر على الاستقالة من منصبه بعد مواجهته اتهامات بالفساد.
وأضاف عباس، متحدثًا إلى ساسة إسرائيليين في الضفة الغربية، أن الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي كانا على بعد شهرين من التوصل لاتفاق سلام قبل أن يضطر أولمرت إلى الاستقالة من منصبه.
وقال عباس: "عملت بجد مع أولمرت، ولسوء الحظ أنه استقال فجأة. ناقشنا الحدود وتبادل الأراضي، وتداولنا الخرائط، كنا قريبين، وتوصلنا لتفاهمات كثيرة".
وردًا على سؤال حول المدة التي كانت تفصلهما عن الاتفاق، قال عباس إنه متأكد من أنه لو استمر أولمرت في منصبه، لكان الطرفان توصلا إلى اتفاق في غضون شهرين من تاريخ الاستقالة.
aXA6IDE4LjExOS4yNTMuNTMg جزيرة ام اند امز