اللقاءان التاريخيان للشيخ محمد بن زايد آل نهيان في الأردن وفي فرنسا بمثابة إعادة ترتيب المنظومة السياسية ووضع النقاط على الحروف.
حين يُستقبل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، رعاه الله، استقبالاً حافلاً، في بلدين كبيرين كالأردن وفرنسا في الأسبوع ذاته، ويلقى ترحيباً وتقديراً على أعلى المستويات، خلال مرحلة مفصلية في منطقة الشرق الأوسط، فإن هذا الترحيب، الذي قل نظيره، هو استقبال لكل إماراتي، واستقبال لتحالف الإمارات الراسخ مع السعودية، وتقديراً عظيماً لسموه وقيادته الحكيمة لهذه البارجة التي تمخر عباب السياسة العالمية غير آبهة بأمواجها.
المراقب لكل ما جرى من أحداث منذ الثاني من أكتوبر 2018، سواء بحادثة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي وما تعلق بها من وقائع، وكذلك الانتخابات العراقية وانتخابات الكونجرس الأمريكية، وفرض المزيد من العقوبات على إيران، وما يجري في سوريا من إعادة تموضع للجهات الدولية، والتحركات الإسرائيلية في المنطقة واحتمالية سقوط حكومة نتنياهو، وكذلك ما حققه التحالف العربي من إنجازات في اليمن، على الصعيدين العسكري والإنساني، وما تنتظره ليبيا بعد فشل المفاوضات في إيطاليا وغيرها من الأحداث، يرى بوضوح أن اللقاءين التاريخيين لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد في الأردن وفي فرنسا بمثابة إعادة ترتيب المنظومة السياسية الشائكة ووضع النقاط على الحروف.
قبيل احتفالنا الكبير بعيد الاتحاد المبارك في الثاني من ديسمبر وحتى نهاية العام سوف تلاحظون كيف تتسارع الخطى نحو الهدوء والسلام، نحو الأمن والاستقرار، على وقع الزيارات التاريخية التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد
بعد لقاء سموه بخادم الحرمين الشريفين في الرياض ثم لقائه بملك الأردن الملك عبدالله الثاني، وعقبها مباشرة لقاء مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فإن المنطقة ستشهد بلا شك أفكاراً سياسية عديدة، وسياسات جدية جديدة، على رأسها إعادة الهدوء للمنطقة على أسس سليمة، تضمن إحلال السلم والسلام، مستمدة من رؤية الملك سلمان بن عبدالعزيز، كما ورد في خطابه أمام مجلس الشورى، ومستلهمة من الرؤية الإماراتية العميقة، لما تقتضيه الظروف في مثل هذه الأحوال الشائكة.
وبالإضافة إلى ما تعكسه زيارة سموه إلى فرنسا لمتانة وقوة العلاقات الإماراتية-الفرنسية كالشراكة الحقيقية في الحرب على التطرف والإرهاب، ودعم قيم التسامح وتعزيز الحوار والتفاعل والتعايش بين الشعوب والحضارات والثقافات، ونبذ التعصب والكراهية، والعمل من أجل السلام والاستقرار والتنمية في منطقة الشرق الأوسط والعالم، وما تراه فرنسا من أهمية تعزيز العلاقات مع الإمارات لتفعيل علاقاتها الخليجية والعربية فإن زيارة سموه ترتكز بشكل خاص، من وجهة نظري، على تبديل حال المنطقة من حال الفوضى إلى حال الأمن والاستقرار والسلام والهدوء.
قد لا يُعجب البعض الهدوء والأمن والسلم الذي تسعى الإمارات والسعودية لتحقيقه، ومن المؤكد أن الصراخ الذي نسمعه من جزيرة شرق سلوى سوف يستمر، سواء بمحاولة وضع العصي في الدواليب ودعم المزيد من الإرهاب ونشر الأكاذيب، أو صراخ المظلومية الذي يستجدي المصالحة مع دول المقاطعة ويأمل أن تفتح الرياض وأبوظبي نافذة صغيرة يظهر فيها أمل ولو ضئيل بمسامحة قطر على أفعالها الشائنة الحاقدة، ولأن ذلك لن يحدث، ليس لأن الرياض وأبوظبي لا تريدان نظام الحمدين الخائن كله، بل لأن «حليمة» لن تتوب، وستظل دائما ترجع لـ«عادتها القديمة».
قبيل احتفالنا الكبير بعيد الاتحاد المبارك في الثاني من ديسمبر وحتى نهاية العام سوف تلاحظون كيف تتسارع الخطى نحو الهدوء والسلام، نحو الأمن والاستقرار، على وقع الزيارات التاريخية التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد على أصعدة عدة، وسيضيف إلى ذلك بكل تأكيد إقبال بعض الدول العظمى الكبرى، وتفهمها لحاجات المنطقة بدءاً من روسيا وليس انتهاء بأمريكا، والذي قد يستدعي أيضاً زيارات أخرى للتداول والنقاش مع بعض هذه الدول.
نقلا عن "البيان"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة