السودان 2020.. عام كسر العزلة وإنهاء العداء مع إسرائيل
لم يكن اتفاق السلام الذي توصل إليه السودان مع إسرائيل بحدث اعتيادي، إذ شكل واقعة استثنائية سيطرت على المشهد خلال العام المنقضي.
ومع اقتراب 2020 من إسدال ستاره على أيام حُبلى بأحداث مثقلة فاقمها فيروس كورونا، تستعرض "العين الإخبارية" ضمن سلسلة تقارير بعنوان "حصاد العام"، طي عقود من العداء بين الخرطوم وتل أبيب، في عام امتاز بكسر عزلة السودان عن العالم.
ويشكل اتفاق السلام السوداني الإسرائيلي، امتدادا لخطوات جريئة قادتها دولة الإمارات العربية المتحدة لإنهاء العداء مع تل أبيب بموجب معاهدة تاريخية حظيت بإشادات المجتمع الدولي والإقليمي، لكونها وضعت أساسا للاستقرار في المنطقة، فضلا عن حفظ حقوق الفلسطينيين بتجميد الضم.
ويرى فاعلون في المشهد السوداني، تحدثوا لـ"العين الإخبارية"، أن السلام مع إسرائيل واحد من أهم الأحداث المبشرة التي حملها العام الذي أوشك على النهاية، لكونه يكمل حلقات إنهاء عقود من العزلة الدولية كانت تطوق بلادهم بفضل ممارسات نظام الإخوان البائد.
وبدأت خطوات السلام السوداني الإسرائيلي، مطلع فبراير/شباط الماضي، عقب لقاء بين رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مدينة عنتيبي اليوغندية، والتي وضعت أساسا لإقامة علاقات بين البلدين.
ورغم الجدل الذي خلفه هذا اللقاء وبروز مجموعات محدودة تناهض هذه التحركات، إلا أن السلام بين الخرطوم وتل أبيب أصبح جزءا من المزاج العام في السودان وحظي بتأييد قطاعات واسعة، وهو ما شجع القيادة على المضي قدما نحو الوفاق، وفق مراقبين.
وبين لقاء عنتيبي واقتراب نهاية عام 2020، جرت مياه كثيرة تحت الجسر، فمع بشريات قرار رفع اسم الخرطوم من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، توصل السودان وإسرائيل لاتفاق سلام وسيوقع قريبا.
وتتوقع دوائر سودانية فاعلة، توقيع اتفاق السلام النهائي بين الخرطوم وتل أبيب في واشنطن قريبا، عقب زيارتين عسكرية وسياسية لوفود إسرائيلية أمريكية إلى السودان، حسمت بنود المعاهدة المرتقبة.
ويقول المحلل السياسي، الجميل الفاضل، إن السلطة الانتقالية اتخذت خطوة جريئة وشجاعة بالسلام مع إسرائيل، نظرا للتعقيدات في المشهد الداخلي الذي تتخلله تباينات ناتجة عن مواقف أيدولوجية نفسية قديمة عفى عليها الزمن، وتجاوزها الفلسطينيون أنفسهم.
وأضاف الفاضل، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن ما تم في 2020 قرار كبير وموفق من السلطة الانتقالية بمكونيها العسكري والمدني، لكونه وضع جميع التيارات أمام الأمر الواقع، في سبيل مصلحة السودان.
ورأى أن السودان ذهب في الطريق السليم وتماشى مع واقع التحولات التي تشهدها المنطقة والتي أفرزها بروز تحالف جديد فرضه التمدد التركي الإيراني في المنطقة.
واعتبر الفاضل أن السلام بين السودان وإسرائيل يحمل أهمية ورمزية كبرى لتل أبيب، وقرار كبير يحسب للسلطة الانتقالية، نظرا لأن الخرطوم شكلت مهد مقاطعة إسرائيل بمؤتمر "اللاءات الثلاث" (مؤتمر القمة العربية الرابع في الخرطوم 1967)، فضلا عن موقع السودان الجغرافي في الحلف الجديد الذي سيسهم في استقرار المنطقة.
أما المحلل السياسي، حاج حمد محمد خير، فيرى أن أساس العلاقات الدولية هو المصالح المشتركة فأين ما وجدت ستذهب الأطراف قدما لإقامتها.
وقال محمد خير ، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، إن "السودان وإسرائيل ليس بينهما حدود مشتركة أو علاقات سابقة، ويمضيان الآن لإقامة علاقات جديدة لذلك نشيد بالخطوات التي اتبعتها الحكومة الانتقالية في سبيل ذلك".
وأضاف: "الحكومة نجحت في فصل مسار العلاقة مع إسرائيل عن ملف رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، وربطت السلام مع تل أبيب بموافقة البرلمان وهذا طريق صحيح وموقف".
وأشار إلى أن "أي اتفاق دولي بحاجة إلى موافقة الجهاز التشريعي، بجانب أن هناك قانونا داخليا بمقاطعة إسرائيل يحتاج إلى الإلغاء بواسطة البرلمان، فبالتالي نتوقع أن تستغرق الاتفاقية مزيدا من الوقت رغم الإعلان في البيت الأبيض".
ويكمل السلام مع إسرائيل الذي يترقب السودانيون توقيعه بشكل نهائي، حلقات فك العزلة الدولية عن الخرطوم، إذ سبقها قرار برفع اسم البلاد من قائمة الدول الراعية للإرهاب، فضلا عن التفاعل الإيجابي للمجتمع الدولي مع السودان عقب نجاح ثورته الشعبية والذي أسهم بدوره في هذا الاتجاه.
aXA6IDMuMTQ1LjkzLjIyNyA= جزيرة ام اند امز