معاهدة السلام.. رحلة إماراتية لآفاق جديدة تنهي سياسة "رد الفعل"
معاهدة السلام قرار سيادي لم يغفل حقوق الفلسطينيين دون ادعاء أو متاجرة بآلام شعب عربي يعاني الحصار وتكالب محترفي القمار السياسي.
وضعت الإمارات حدا لسياسة "رد الفعل" التي ظلت لعقود نهجا في التعاطي مع القضايا الإقليمية، ولامست آفاقا جديدة لشرق أوسط يرزح تحت وطأة الإرهاب وإجابات على أسئلة تجاوزها الزمن، بعقد معاهدة سلام مع إسرائيل.
ومنذ الإعلان عن معاهدة السلام بين الإمارات وإسرائيل برعاية أمريكية في 13 أغسطس الجاري، رسم البلد الساعي أبدا لاستشراف المستقبل لا انتظاره، حدود المبادرة بالتأكيد على أن القرار يشكل عملا سياديا لدولة حرة من أجل قطع الطريق على المزايدات في سوق المتاجرين بالقضية الفلسطينية.
قرار سيادي لم يغفل حقوق الشعب الفلسطيني بالتأكيد على وقف خطة إسرائيلية لضم أراض فلسطينية لكن أيضا دون ادعاء أو متاجرة بآلام شعب عربي يعاني الحصار وتكالب الطامعين في كسب نقاط على طاولة القمار السياسي.
نهج واضح عبر عنه الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، حينما أكد الأسبوع الماضي أن معاهدة السلام مع إسرائيل "يجب النظر إليها في سياق القرارات الاستراتيجية للإمارات".
وأضاف قرقاش، في تغريدة عبر تويتر، أن "زيارة البابا في ربيع 2019 أطاحت حاجزا نفسيا في المنطقة، وقرارات رائدة كتبني الطاقة النووية واستكشاف المريخ كلها توجهات لوطن يدرك وقع القرارات الاستراتيجية التحولية والفرص التي تخلقها".
وحرص وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية لطرح الرؤية الإماراتية خلال جلسة حوارية عبر "الفيديو كونفرانس" عن معاهدة السلام الإماراتية الإسرائيلية في المجلس الأطلسي قبل نحو أسبوعين داعيا الفلسطينيين إلى الاستمرار في التفاوض، مؤكداً أن معاهدة السلام حافظت على حل الدولتين.
وأضاف أمام المجلس الأطلسي هو مؤسسة بحثية متخصصة في الشؤون الدولية. أن: "هناك العديد من المجالات المفتوحة للتعاون بعد توقيع المعاهدة مع إسرائيل، وما زالت رسالتنا للفلسطينيين هي استمروا في التفاوض، لأن التغيرات على الأرض تؤثر على فرص السلام".
وأنهت الخطوة الإماراتية مرضا مزمنا في الإقليم باعتماد سياسة رد الفعل التي أثبتت فشلها في معالجة الأسئلة الملحة في وقت تعاني فيه المنطقة من أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية كادت أن تسقط أنظمتها في قبضة التنظيمات الإرهابية.
العلم والتنمية والسلام.. أبعد من الأيدولوجيات البائدة
وفي تجاوز للأيدولوجيات البائدة تبنت الإمارات مبادئ العلم والتنمية والسلام، ووضع البيان الصادر عقب المكالمة الهاتفية الثلاثية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات في 13 أغسطس/آب الجاري، خطة عملية، وخارطة تنموية، كانت بدايتها التعاون لمكافحة انتشار فيروس كورونا، لتكون أولى ثمار هذه الاتفاقية التاريخية انتصارا علميا لأجل خير البشرية.
وفي خطوة ثانية للتعاون من أجل الإنسانية أعلن مركز أبوظبي للخلايا الجذعية عن توقيعه مذكرة تفاهم مع Pluristem Therapeutics Inc تمهيداً للتعاون في مجال الأبحاث والتطوير المتعلق بخدمات ومنتجات الطب التجديدي بما فيها تلك التي يمكن استخدامها في مكافحة جائحة كوفيد-19.
ويهدف التعاون إلى الاستفادة من مجالات خبرة كل من مركز أبوظبي للخلايا الجذعية وشركة Pluristem في العلاجات الخلوية لتوفير طب تجديدي لا تقتصر فائدته على مواطني الدولتين فقط، بل يعود بالنفع على الإنسانية ككل.
وكان مركز أبوظبي للخلايا الجذعية وشركة Pluristem قد طورا منتجات مبتكرة أثبتت أنها آمنة وفعالة في علاج الإصابات بفيروس كوفيد-19، حيث عالجت Pluristem مرضى بـمنتجها المشيمي الخيفي PLX-PAD عبر برامج "الاستخدام الرحيم" والتي تتيح تقديم الأدوية التجريبية لأشخاص غير مشاركين في التجارب السريرية، وذلك في إسرائيل والولايات المتحدة، وهي تقوم حالياً بإجراء تجارب المرحلة الثانية في دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
بينما عالج مركز أبوظبي للخلايا الجذعية المصابين بفيروس كورونا المستجد بمنتجه "UAECell19" الحاصل على براءة اختراع والمعتمد، والذي نجح في تحقيق تحسن سريري في نصف الوقت المتوقع وفي خفض مدة الاستشفاء لربع المدة مقارنة بالمرضى الذين تلقوا العلاج التقليدي.
تعاون يطرح مثالا إلى جانب عشرات الأمثلة التي تبلور منطق المبادرة الإماراتية التي تأسست على شرعية حق السيادة مستشرفة منافع لن تتوقف عند حدودها فقط.
"هنا المستقبل"..
ومجددا أعاد الدكتور قرقاش فرز المواقف تجاه معاهدة السلام التي أكد أنها "ستحمل في ثناياها تحولاً استراتيجياً إيجابياً للعرب، واصفا رافضيها بأنهم "تجار وسماسرة القضايا السياسية".
وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية بعد أيام من الإعلان عن المعاهدة: "المواقف تجاه معاهدة السلام الإماراتية الإسرائيلية لم تشهد جديداً على الصعيد العربي، فخطوط التماس على حالها، قبل الإعلان عن المعاهدة وبعده، والأصوات العالية هي ذاتها، ما يؤشر إلى أن الحوار العقلاني والموضوعي حيال أهم القضايا لا يزال بعيداً".
وتابع: "بالمقابل نجد أن كل عاصمة فاعلة وشخصية دولية معتبرة أشادت بالمعاهدة وباركتها، وقدّرت هذا التحول الاستراتيجي (...)، أما الخاسرون من هذا التحوّل فهم تجار وسماسرة القضايا السياسية".
وأضاف قرقاش: "وفي المقابل، من المسلّم به أن الحقوق باقية ولا تضيع بل تعزز فرصها مثل هذه التحولات".
واعتبر أن "الخطوة الإماراتية الجريئة حرّكت مياهاً ساكنة آسنة، فتغيير المشهد ضروري لتجاوز مصطلحات مؤلمة في ماضي عالمنا العربي كالنكبة والنكسة والحروب الأهلية".
وفي هذا السياق، شدد قرقاش على أن "المعاهدة تأتي في سياق العديد من المبادرات للسلام وستحمل في ثناياها تحوّلاً استراتيجياً إيجابياً للعرب".
خطوة جديدة في أرض المستقبل تستهدف الخير والسلام تمت بإرادة دولة ذات سيادة وحركت مياها راكدة في الشرق الأوسط وأحيت حل الدولتين بعد موته سريريا هكذا رسمت الإمارات حدود الاقتراب من ملف حشر منذ عقود ضمن تابوهات علاها غبار الزمن دون أن يجرؤ أحد على إعادة التفكير.. التفكير فقط ذاك العدو اللدود للمتشددين.