خبير مصري لـ«العين الإخبارية»: إطلاق صندوق للغابات ضرورة مناخية واقتصادية

هناك حاجة لصندوق لدعم الغابات، لكن ما مصيره؟
خلال الساعات الأخيرة من مؤتمر الأطراف المعني بالتغيرات المناخية في دورته السابعة والعشرين (COP27) في شرم الشيخ بمصر في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، أعلنت رئاسة المؤتمر عن الموافقة على إنشاء صندوق الخسائر والأضرار، وهذا يعني الموافقة على تفعيل المادة رقم 8 من اتفاق باريس المتعلقة بالخسائر والأضرار. وفي اليوم الأول من COP28 في إكسبو دبي بدولة الإمارات عام 2023، أعلنت رئاسة المؤتمر عن إنشاء صندوق الخسائر والأضرار رسميًا بتمويل أولي تجاوز 700 مليون دولار، وقتها كان المأمول أن يحصل الصندوق على الاهتمام الكاف في مؤتمرات الأطراف التالية.
300 مليار دولار.. دون المأمول
انتقلت رئاسة مؤتمر الأطراف المعنية بتغير المناخ من دولة الإمارات إلى أذربيجان في نهاية عام 2024، وكانت هناك الكثير من الآمال حول "الهدف الكمي الجماعي الجديد" (NSQG)، والذي كان من المفترض أن يحل محل هدف التمويل المناخي الذي تعهدت به الدول المتقدمة في كوبنهاغن في الدنمارك عام 2009 خلال (COP15)، والذي يقضي بتوفير 100 مليار دولار سنويًا للدول النامية والمتضررة من آثار التغيرات المناخية.
لكن في أذربيجان، خرج الهدف الكمي الجماعي الجديد بتمويل وصل إلى 300 مليار دولار، وقد كان المأمول هو 1.3 تريليون دولار. وقد واجه تمويل صندوق الخسائر والأضرار بعض العراقيل في كواليس المفاوضات في العاصمة الأذربيجانية، باكو، العام الماضي، ولم يحرز التقدم المرغوب أيضًا خلال مؤتمر بون للمناخ 2025، الأمر الذي أثار حالة من الإحباط لعدم القدرة على دعم الصندوق الذي كان يمثل أملًا لتعويض الدول الأكثر تضررًا من آثار التغيرات المناخية.
وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ صندوق الخسائر والأضرار قد تمت الموافقة على إنشائه في مصر، ثم أعلنت الرئاسة الإماراتية الموافقة على إنشائه وموّلته أيضًا. وكلا البلدين من الدول النامية المتضررة من آثار التغيرات المناخية. وفي كواليس COP27، لعبت مجموعة +77 الصين (التي تمثل الدول النامية) بقيادة "نبيل منير" -رئيس الوفد الباكستاني وقتئذ- دورًا محوريًا في دفع دفة المفاوضات نحو الموافقة على تفعيل المادة رقم 8 من اتفاق باريس لإنشاء صندوق الخسائر والأضرار. هذا في الوقت الذي انتشرت فيه الظواهر الطقسية المتطرفة التي قادت إلى مأساة مناخية في باكستان تحديدًا؛ البلد التي ينتمي إليها "نبيل منير" والذي يشغل منصب رئيس الهيئة الفرعية للتنفيذ التابعة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.
مع ذلك، استمرت الدول المتقدمة؛ خاصة الولايات المتحدة الأمريكية في عرقلة حدوث تقدمات ملموسة في صندوق الخسائر والأضرار، والذي يحتاج إلى تمويل من أجل تأدية المهام التي أُنشئ لأجلها. وما زالت الأنظار تتجه للتقدم المحرز في تمويله خلال COP30.
صندوق جديد لكن للغابات
تستقبل دولة البرازيل مؤتمر المناخ (COP30)، لكن هذه المرة بأهداف وطموح جديد، وغالبًا تتكون أجندة دورات مؤتمرات الأطراف حسب أولويات الدولة المستضيفة. ولأنّ البرازيل تضم أكبر مساحة من غابات الأمازون -والتي يُطلق عليها رئة العالم- فقد كان من المتوقع أن تفتح رئاسة المؤتمر ملف الغابات بصورة واضحة. في هذا الصدد، يقول الدكتور "هشام عيسى"، المنسق المصري السابق لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغيرات المناخية لـ"العين الإخبارية"، أنّ البرازيل من الدول التي تعتمد على الغابات كمورد اقتصادي، وبصورة خاصة تقطيع الأخشاب.
وكما هو معلوم، تؤثر ظاهرة تقطيع الأخشاب سلبًا حياة الأنواع البرية التي تعيش في كنف الغابات، فضلًا عن أنّ الأشجار مسؤولة عن امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون خلال عملية البناء الضوئي، وتنتج أكسجين، لذلك تُسمى الأمازون برئة العالم. وبما أنّ تقطيع الأخشاب يؤثر سلبًا على المناخ، وفي نفس الوقت، تعتمد عليه بعض الدول كمورد اقتصادي وقد يؤثر سلبًا على اقتصادها. لذلك، تهتم البرازيل بهذه المعضلة وطرحها في COP30 الذي تستضيفه. لذلك، أعلنت عزمها على إطلاق "صندوق الغابات الاستوائية إلى الأبد" (TFFF).
ويقول الدكتور "هشام عيسى": "ربما أهم شيء مختلف هذا العام، هو فكرة صندوق الغابات الاستوائية، لأن هذا الصندوق لم تتم مناولته بشكل كبير في المؤتمرات السابقة، لكن بما أنّ البرازيل هي الدولة المستضيفة، وهي أحد أهم الدول التي تمتلك غابات، وتعتمد بشكل أساسي في اقتصاداتها على الغابات، كتقطيع الأشجار وهو ما يؤثر سلبيًا على ارتفاع نسبة الكربون في الجو. وبالتالي، إنشاء صندوق للغابات الدائم كآلية تمويلية تهدف إلى تعبئة المليارات لصالح تلك الدول لتعويضها اقتصاديًا عن عدم قيامها بقطع غابات".
تحديات
ربما تظهر فكرة إنشاء صندوق للغابات الاستوائية جيدة إلى حد كبير، لكن الصعوبة في التنفيذ وتوفير التمويل اللازم لتغذية ذلك الصندوق، والذي من المقرر أن يُعوض الدول المتضررة اقتصاديًا عند تقليص اعتمادها على الغابات في مواردها الاقتصادية. لذلك، هناك حالة من الخوف من أن ينتهي الأمر بالصندوق لمواجهة تحديات في التمويل مثل التي يواجهها صندوق الخسائر والأضرار اليوم.
ويوضح الدكتور "هشام عيسى"؛ قائلًا للعين الإخبارية: "وأعتقد أنه مثلما تمت إثارة موضوع صندوق الخسائر والأضرار والذي تم اعتماده في مصر، لكن حتى الآن لم يتم وضع آليات واضحة للتمويل؛ فقد يواجه هذا الصندوق أيضًا بعض المشكلات المشابهة لمشكلات صندوق الخسائر والأضرار، لكن التحديات الآن تكمن في إقرار صندوق الغابات الاستوائية إلى الأبد أولًا وتوفير آلياته التمويلية، ثم توفير التمويل المناسب ليه في المرحلة القادمة".
مع ذلك، هل يُعامل صندوق الغابات الاستوائية إلى الأبد مثل صندوق الخسائر والأضرار؟ فعلى أي حال، سيحتاج كلاهما للتمويل، لكن من الجيد أنه سينطلق من دولة مثل البرازيل التي تلتمس أهمية الغابات في اقتصادها والحياة فيها بشكل عام.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNyA= جزيرة ام اند امز