المبيدات في اليمن.. استخدام «عشوائي» يهدد التربة الزراعية
شهد اليمن خلال السنوات الأخيرة، استخداما عشوائيا لمبيدات الآفات الزراعية، ما يهدد الأراضي الزراعية بشكل هائل.
وأدى الاستخدام العشوائي وغير المسبوق إلى تراجع خصوبة التربة في الوديان والمساحات الزراعية، الذي بدوره انعكس سلباً على الإنتاج الزراعي من الحبوب والفواكه.
وبالإضافة إلى تهديد الاستخدام المفرط وغير الآمن للسموم والمبيدات على التربة الزراعية، فإن له أضرارا عديدة على صحة الإنسان والحيوان.
أضرار المبيدات
المهندس الزراعي مختار صالح يقول لـ "العين الإخبارية"، إن هناك أضرارا عديدة للاستخدام العشوائي للمبيدات والسموم، وإن هناك بعض المبيدات لا تتحلّل بسهولة في التربة، وتحتاج إلى فترات طويلة، حيث يؤدي الاستخدام المستمر لها، ليس فقط على التربة وإنما على الإنسان.
ويضيف صالح الذي يعمل في مجال الهندسة الزراعية منذ أكثر من 30 عاماً، أن هناك أنواعا من الأسمدة والسموم، عند استخدامها بشكل متواصل وعشوائي؛ تتسبب بتصلّب التربة، وزيادة تملّحها.
إضافة إلى الأضرار السابقة التي تلحق بالتربة نتيجة الاستخدام المفرط من الأسمدة والسموم، أبرزها زيادة نسبة الصوديوم، وزيادة نسبة الكلور، الذي بدوره يؤدي إلى التقليل من جودة الأراضي الزراعية.
ويقدِم المزارعون -وفق مختار- بشكل كبير على شراء المبيدات والأسمدة، التي يتم استخدامها في تغذية الأراضي الزراعية ومكافحة الآفات التي تصيب النباتات.
وأبرز هؤلاء المزارعين هم مزارعو القات، والفواكه بأنواعها، بالإضافة إلى الخضراوات من طماطم، وبطاطس، وفلفل، وبامية، وكوسة، وخيار.
وأكد المهندس الزراعي أن المزارعين أصبحوا الآن مجبرين على استخدام المبيدات بهذا الشكل الهائل، لأن هناك آفات كثيرة في الوقت الحالي تظهر بالنباتات والأشجار الزراعية.
ومن هذه الآفات، هي حشرة "الذبابة البيضاء"، وحشرة "العناكب"، و"الفراشة"، وحشرة "الجاسيد" أو ما تسمى الذبابة الخضراء.
وأشار إلى أنه خلال الفترة الأخيرة بدأ بعض الأشخاص باجتثاث أشجار الفواكه من الوديان الزراعية في غالبية المحافظات اليمنية، واستبدالها بشجرة القات، التي بدورها تمنع حدوث الدورة الزراعية التي يمارسها الإنسان اليمني منذ القِدم.
حيث يتم استخدام السموم والأسمدة لشجرة القات، وتبقى تغذية التربة في مستوى محدد من الأرض، وليس على طبقات متفاوتة، ما يدفع مزارع شجرة القات إلى اللجوء إلى استخدام الأسمدة بشكل متواصل، وتتدهور التربة الخصبة الصالحة للزراعة.
عشوائية الاستخدام
ويقول سعيد الصبري (50 عاما)، خلال حديثه لـ "العين الإخبارية"، وهو صاحب محل تجاري لبيع المبيدات إنه يتم قديم نصائح وإجراءات السلامة للمزارعين عندما يأتوا لشراء المبيدات، خصوصاً المبيدات الحديثة التي تكون عالية التركيز كأن يكون 5 ملم، يتم استخدامه لـ20 لتر ماء.
وأضاف الصبري أن "المزارع لا يقتنع بهذا الكلام، إذ إن هذه الكمية القليلة من السم لها القدرة العالية على مكافحة الآفات والحشرات، أو حتى إذا الإرشادات موجودة على قنينات المبيدات، فيقوم المزارع بإضافة كميات كبيرة من المبيدات المركّزة، دون معرفة أضرارها".
وأكد أنه في هذه الحالة، يتسبب المزارع بأضرار عديدة لصحته، وصحة المتناول لهذه المحاصيل، وأضرار للتربة الزراعية، حتى إنه يصبح هذا المبيد غير فعّال في مكافحة هذه الآفات النباتية، وأنما الحشرات تكتسب مناعة، وبعدها يضطر المزارع إلى مضاعفة جرعة المبيد ليصبح فعّال.
وتابع بالقول: "يجب على المزارعين اتباع نظام استخدام المبيدات، وطرق الرش الآمنة، والالتزام بتعليمات إجراءات السلامة، وعدم خلط أكثر من نوع مبيد مع بعض، والتي بدورها تتسبب عملية الخلط بالتأثير على فعالية المبيد، ومقاومة الحشرة للمبيد وإكسابها مناعة".
مبيد أبامكتين
وأشار إلى أنه يوجد مزارعون يستخدمون مبيدا اسمه "أبامكتين"، هذا المبيد مسموح باستخدامه في اليمن بنسبة تركيز 1.8%، وبسبب الحرب الجائرة في البلاد التي شنتها مليشيات الحوثي الإرهابية، تم تهريب إلى اليمن هذا النوع من المبيد بتركيز أعلى بنسبة تصل 3 - 5% أي أكثر من ضعفي النسبة المسموح بها الدخول إلى اليمن.
ويعد "أبامكتين" مبيدا حشريا حديثا وقويا يستخدم بتراكيز قليلة جداً؛ لإعطاء فاعلية عالية وهو مبيد متخصص في مكافحة حشرات حرشفيات الأجنحة ويعتبر من المبيدات التي يعتمد عليها في مقاومة الحشرات التي كونت مناعة ضد أنواع المبيدات الأخرى.
كما يستخدم أبامكتين لمكافحة العنكبوت الأحمر العادي وصانعات الأنفاق على الموالح، والمانجو، والبطيخ، والطماطم، والفاصوليا والقطن، والتي يتم زراعتها في المحافظات اليمنية.
ووفق إحصائيات رسمية فإن اليمن تستورد، أكثر من 14 ألف طن من المبيدات الزراعية سنوياً، والتي تستخدم غالبيتها بشكل مُفرط وعشوائي وغير آمن، وهو ما يهدد التربة الخصبة وصحة الإنسان.