14 عبارة تاريخية صفق لها حضور الإمام الطيب والبابا فرنسيس
منذ 17 عاما، لا يكاد يقع حادث إرهابي أو اعتداء على أبرياء، إلا ويرى علماء الدين وجوب الحوار بين الشرق والغرب.
منذ 17 عاماً، لا يكاد يقع حادث إرهابي أو اعتداء على أبرياء، إلا ويرى علماء الدين وجوب الحوار بين الشرق والغرب، لاسيما بين المؤسستين الدينيتين الأكبر في العالم، وهما مؤسسة الأزهر الشريف والفاتيكان. وكان خطاب بابا الفاتيكان، اليوم، تحت قبة الأزهر، في هذا الاتجاه الذي لطالما انتظره كبار علماء العالم.
وفي القاعة الرئيسية بمركز الأزهر للمؤتمرات، اجتمع رجال الدين المسيحي والإسلامي من المذاهب والطوائف المختلفة، إلى جانب كبار الشخصيات في العالم العربي، منتظرين حضور بابا الفاتيكان لإلقائه كلمة الختام في مؤتمر الأزهر العالمي للسلام.
وما أن حضر البابا فرنسيس إلى قاعة المؤتمرات، وبرفقته الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر ورئيس مجلس حكماء المسلمين حتى ضجت القاعة بالتصفيق الحار، وسط هتافات البعض باللغة الإيطالية "يعيش البابا".
واستهل الإمام الأكبر، اليوم الثاني لمؤتمر الأزهر العالمي للسلام، بطلبه من الحضور الوقوف دقيقة حداداً على ضحايا الإرهاب في مصر والعالم، وهو ما استجاب له رجال الدين، وفي مقدمتهم البابا فرنسيس، ليمضي بعدها في كلمته التي استغرقت قرابة الـ 12 دقيقة.
ودفعت كلمة شيخ الأزهر، في 3 مواضع الحضور، للتفاعل معها عبر التصفيق الحار، فكانت البداية عندما انتقد شيخ الأزهر "قرارات دولية طائشة"، عند حديثه عن سبب الكوارث الحالية وهو "تجارة السلاح وتسويقها، وضمان تشغيل مصانع الموت، والإثراء الفاحش من صفقات مريبة".
وقال شيخ الأزهر خلال كلمته: "لايزال العقلاء وأصحاب الضمائر اليقظة يبحثون عن سبب مقنع وراء هذه المآسي التي كتب علينا أن ندفع ثمنها الفادح من أرواحنا ودمائنا، فلا يظفرون بسبب واحد منطقي، يبرر هذه الكوارث التي أناخت مطاياها بساحات الفقراء واليتامى والأرامل والمسنين، اللهم إلا سبباً يبدو معقولاً ومقبولاً، ألا وهو تجارة السلاح وتسويقه، وضمان تشغيل مصانع الموت، والإثراء الفاحش من صفقات مريبة، تسبقها قرارات دولية طائشة".
أما الموضع الثاني، الذي كان بمثابة الشرارة التي أشعلت حماس رجال الحضور، فصفقوا بحرارة، عندما ربط شيخ الأزهر بظاهرة ربط بين النظرة للدين الإسلامي وما سبقه من نظرة لديانات أخرى، بسبب ارتكاب منتمين لهذه الأديان لأعمال عنف وإرهاب.
وقال شيخ الأزهر: "ليس الإسلام دين إرهاب بسبب أن طائفة من المؤمنين به سارعوا لاختطاف بعض نصوصه وأولوها تأويلاً فاسداً، ثم راحوا يسفكون بها الدماء ويقتلون الأبرياء ويروعون الآمنين ويعيثون في الأرض فساداً، ويجدون من يمدهم بالمال والسلاح والتدريب".
وتابع شيخ الأزهر: "وليست المسيحية دين إرهابٍ بسبب أن طائفة من المؤمنين بها حملوا الصليب وراحوا يحصدون الأرواح لا يفرقون فيها بين رجل وامرأة وطفل ومقاتل وأسير، وليست اليهودية دين إرهاب بسبب توظيف تعاليم موسى عليه السلام –وحاشاه- في احتلالِ أراضٍ، راح ضحيته الملايين من أصحاب الحقوق من شعب فلسطين المغلوب على أمره".
أما في الموضع الثالث والأخيرة، كانت عندما أعرب شيخ الأزهر عن تقديره لتصريحات بابا الفاتيكان المنصفة، التي تدفعُ عن الإسلام والمسلمين تُهمَةَ العُنف والإرهاب، قائلاً: "قد لمسنا فيكم وفي هذه الكوكبة من آباء الكنائس الغربية والشرقية، حِرصاً على احترامِ العقائد والأديان ورموزها، والوقوف معاً في وجه مَن يُسيء إليها، ومَن يُوظِّفها في إشعال الصِّراع بين المؤمنين".
وأضاف شيخ الأزهر: "لا يَزالُ الأزهرُ يسعى من أجلِ التعاون في مجال الدَّعوَةِ إلى ترسيخ فلسفة العَيْش المُشتَرَك وإحياء منهجِ الحوار، واحتِرام عقائد الآخرين".
وعلى غرار حفاوة استقبال العلماء لخطاب شيخ الأزهر، كان الأمر نفسه مع بابا الفاتيكان، الذي تخلل خطابه عبارات وافقت مساعيهم في إرساء ثقافة السلام والتعايش بين الشعوب المختلفة، ما دفعهم إلى التصفيق الحار قرابة الـ11 مرة، فكانت المرة الأولى عندما بدأ تحيته بالسلام عليكم.
وجاءت المرة الثانية عندما وجه دعوته للمسلمين والمسيحيين للإخاء قائلاً: "إننا مدعون مسلمون ومسيحيون للمساهمة في ذلك الأمر، نحن نعيش على أرض نفس الإله ولذلك يمكن أن يسمي أنفسنا إخوة وأخوات، لأننا بدون إله سنكون كالسماء بلا شمس".
أما المرة الثالثة فعندما تحدث البابا فرنسيس عن مصر بقوله: "لا يمكن أن تغيب شمس المعرفة، لأن شمس الدين أشرقت على هذه الأرض".
واستطاع بابا الفاتيكان أن يجذب الحضور بحديثه عن العنف في قرابة 8 مرات، حيث قال إنه "ليس هناك مبرر للعنف لأن العنف إنكار لأي دين حقيقي"، وأن "الجميع مدعو لرد الشبهات، وإظهار حقيقة كل الأديان، إنه إله السلام".
وفي موضع آخر أثار تصفيق الحضور، قال البابا: "لابد ان نكرر رفضنا الواضح لأي جرائم.. لا يمكن تبرير أي شكل للعنف باسم الله، ولا تقبل الجرائم التي ترتكب باسم الدين أو باسم الله".
البابا فرانسيس الذي استمر الحضور في التصفيق له عبر 25 دقيقة هي عمر كلمته، مضي: "يجب أن نطلب من الله أن يهبنا روح السلام لكي نستطيع الحوار ونستطيع الوصول للوئام والتعاون والصداقة".
كما قال أيضًا: "نحن كمسيحيين لا نستطيع أن ندعو الله الواحد إذا لم نتعامل بالحسنى تجاه كل إنسان، الذي هو صورة الله".
ومن عباراته التي جعلت الحضور يستمرون في التصفيق له قوله إن رفع الصوت أو زيادة التسليح لحماية النفس لا ينفع، وأنه لا بد أن نكون اليوم صانعو سلام.
ثم مضي: "نحن دعاة تصالح، لا ناشرو دمار، لا يساعد الحث على العنف على نشر السلام".
وفي آخر موضعين أثار حفاوة الحضور ، حين قال إن "الدعوة إلى العنف عامل يساعد دعاة الأصولية بدلا من صناعة السلام"، و"لابد من مقاومة انتشار الأسلحة، التي إذا ما صنعت وبيعت فإنها في يوم ما سيتم استخدامها".