معركة أخيرة في أوسلو لإنقاذ "بصمات بيكاسو" من الهدم
مبنى "بلوك واي" في أوسلو تتزين جدرانه الأسمنتية الرمادية برسمين لبيكاسو، نقشهما بالرمل الفنان النرويجي كارل نيسيار
يصطف ناشطون في سلسلة بشرية دون أقنعة واقية متحدّين مخاطر فيروس كورونا المستجد، ففي شوارع أوسلو شبه المقفرة يحاول السكان توحيد قواهم لإنقاذ مبنى عليه بصمات لبيكاسو من خطر داهم بالهدم.
ومن المقرر أن يهدم قريبا "بلوك واي"، وهو مبنى حكومي أطلق عليه هذا الاسم نسبة إلى شكله وانتهت أعمال تشييده في عام 1969، بعدما تضرر بهجمات اليميني المتطرف أنديرز بيهرينج بريفيك في يوليو/ تموز 2011.
وتتزين جدران المبنى الإسمنتية الرمادية برسمين لبيكاسو، نقشهما بالرمل الفنان النرويجي كارل نيسيار.
وعلى واجهة المبنى جدارية بعنوان "الصيادون" تصور 3 رجال يسحبون صيدهم الثمين إلى متن قاربهم، وفي الرواق تجسد رسمة "النورس" هذا الطائر فاتحا أجنحته يلتهم سمكة.
وستتم إزالة العملين ونقلهما إلى مبان حكومية جديدة من المقرر بناؤها في حي أوسلو المركزي. لكن ليس الكل راضيا عن هذه المخططات.
وقال إيريك لي وهو واحد من النرويجيين البالغ عددهم 200 شخص الذين أتوا للاحتجاج على عملية الهدم وشكلوا سلسلة بشرية أمام المبنى: "سنلوم أنفسنا لسنوات. أتمنى ألا يكون الأوان قد فات لكن من المحتمل أن هذا المبنى سيصبح كومة من الأنقاض قريبا".
رمز للديمقراطية
بسبب فيروس كورونا، ربط المتظاهرون بعضهم ببعض بشرائط طولها متر في محاولة لاحترام المسافة الآمنة، وما زالوا يحلمون بتخليص هذا المبنى من مخالب الجرافات.
لكن خلفهم وراء الأسوار العالية، يشير صوت المناشير المعدنية إلى أن العمليات جارية على نحو جيد.
ووفقا لستاتسبيج، الهيئة العامة المكلفة بالإشراف على عملية الهدم ستزال الجداريتان قبل نهاية الربيع.
وكان المبنى القريب "بلوك إتش" الذي تم بناؤه في أواخر الخمسينيات ويضم 3 جداريات أخرى لبيكاسو، موطنا لمكاتب رئيس الوزراء حتى فجر بريفيك شاحنة محملة بـ950 كيلوجراما من المتفجرات في قاعدته، لكن سيتم تجديده وسيبقى شاهقا بين مباني الوزارة الجديدة.
وبالنسبة إلى البعض، فإن الرمزية التي يحملها لا مفر منها، فما زالت هذه المباني قائمة رغم محاولات بريفيك لإسقاطها وإسقاط الديمقراطية.
وقالت توني دالين أحد رموز الاحتجاجات "بلوك واي هو مبنى أيقوني في أوسلو نجا من هجوم إرهابي وتريد الحكومة الآن هدمه. ولا يمكن لأي شخص أن يقدم حجة جيدة لسبب وجوب ذلك".
من جهة أخرى، تصر الحكومة على أن هدم هذا المبنى لإفساح المجال للمباني الجديدة كان قرارا صعبا لكنه ضروري.
فات الأوان
ومن المفترض أن تكون "الصيادون" و"النورس" اللتان لم يكن النرويجيون يعلمون بوجودهما حتى صدر أمر إزالتهما، أكثر وضوحا للجمهور في موقعهما المستقبلي.
وأوضحت سيسيلي جيلمودين، وهي موظفة رسمية ومؤيدة للاحتجاج: "قد لا نجدهما جميلين اليوم لكن خلال 30 عاما سنرى عكس ذلك".
ورغم تزايد عدد الاحتجاجات في الأسابيع الأخيرة يبدو أن عملية الهدم الآن لا رجعة فيها.
وفي نهاية أغسطس/ آب، ستنظر محكمة مقاطعة أوسلو في طلب لاعتبار أن الهدم غير قانوني. لكن بحلول ذلك، سيكون الأوان قد فات.