تكتيكات تبريد كوكب الأرض.. تعرف عليها
حطمت درجات الحرارة العالمية الأرقام القياسية هذا الأسبوع، ما يؤكد مخاطر انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المتزايدة باستمرار.
وبلغ متوسط درجة الحرارة في جميع أنحاء العالم 17 درجة مئوية (63 فهرنهايت) يوم الإثنين الماضي، أعلى بقليل من الرقم القياسي السابق البالغ 16.9 درجة مئوية في أغسطس/آب 2016، وفقاً لبيانات من المراكز الوطنية للتنبؤ البيئي.
وبلغ متوسط درجة الحرارة يوم الثلاثاء 17.2 درجة مئوية.
وتقول دراسة دولية إنه من المحتمل أن يتجاوز العالم 1.5 درجة مئوية من الاحترار "على المدى القريب"، فيما أفادت دراسة سابقة نشرتها منظمة "كلايمت أناليتيكس" غير الحكومية بأنّ 92% من الدول الـ165 المشمولة بالدراسة قد تسجل درجات حرارة عالية جداً، مرة كلّ عامين اعتباراً من عام 2030.
وعلى سبيل المثال، تشهد الصين موجة حر جديدة شديدة الحرارة بعد أقل من أسبوعين من بلوغ درجات الحرارة مستويات قياسية في بكين.
هذا الارتفاع غير المسبوق في درجات الحرارة بمناطق عديدة وللأرض بشكل عام مما يعيد الحديث بقوة عن تكتيكات لتبريد كوكب الأرض.
الاحتباس وتبريد الأرض
بدأ الخبراء في دق ناقوس الخطر بشأن الاحتباس الحراري في عام 1979، وهو تغيير يشار إليه الآن تحت مصطلح تغير المناخ الأوسع نطاقاً، والذي يفضله العلماء لوصف التحولات المعقدة التي تؤثر الآن على أنظمة الطقس والمناخ على كوكبنا.
ولا يشمل تغير المناخ ارتفاع متوسط درجات الحرارة فحسب، بل يشمل أيضًا الأحداث المناخية المتطرفة، وتحول مجموعات الحياة البرية وموائلها، وارتفاع مستوى البحار، ومجموعة من التأثيرات الأخرى.
وقعت أكثر من 200 دولة - 193 دولة بالإضافة إلى 27 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي - على اتفاقية باريس للمناخ، وهي معاهدة تم إنشاؤها في عام 2015 لمكافحة تغير المناخ على نطاق عالمي.
وحددت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) ، التي تجمع الإجماع العلمي حول هذه القضية، هدفًا يتمثل في الحفاظ على الاحترار أقل من درجتين مئويتين (3.6 درجة فهرنهايت) والسعي إلى حد أدنى من الاحترار يبلغ 1.5 درجة مئوية (2.7 درجة فهرنهايت).
التوقعات المستندة لمعلومات المناخ عالميا تشير إلى أن الانبعاثات الحالية تجعل العالم في طريقه إلى ارتفاع درجة حرارة 2.8 درجة مئوية بحلول نهاية هذا القرن.
ستتطلب معالجة تغير المناخ العديد من الحلول، رغم أنه ليس هناك حل سحري، ومع ذلك، فإن كل هذه الحلول تقريبًا موجودة اليوم، وهي تتراوح من التغييرات في جميع أنحاء العالم إلى مصدر الكهرباء لدينا لحماية الغابات من إزالة الغابات.ماذا يعني تبريد الأرض؟
كل واحد منا يعيش في أزمة مناخ عالمية، فكوكبنا يسخن بسرعة، لكن لحسن الحظ، هناك حل إذا أعيدت الطبيعة من خلال تطبيق حلول فعالة من حيث التكلفة قائمة على الطبيعة، يمكننا التخفيف من ظاهرة الاحتباس الحراري بنسبة 37٪، سوف يفيد هذا الطبيعة والتنوع البيولوجي والناس في كل مكان ، ويساعد على تبريد كوكبنا.
ويعد السباق لإيجاد حل لعالم يزداد احترارًا سريعًا أحد أكثر التحديات إلحاحًا التي تواجه كوكبنا.
وانتشر الحديث يتسع عن التبريد العالمي للأرض، منذ سبعينيات القرن الماضي، ولكن لم تعكس التقارير والكتابات العلمية في تلك الفترة بدقة خطوات عملية لتحقيق هذا الهدف، والتي تركزت عمومًا على الاحترار الناتج عن تأثير الاحتباس الحراري المعزز.
وأشارت سلسلة درجات الحرارة العالمية المتاحة في ذلك الوقت إلى أن درجة الحرارة قد انخفضت لعدة عقود حتى منتصف السبعينيات، ولكن مع توفر بيانات إضافية بمرور الوقت، أظهرت سلسلة درجات الحرارة العالمية زيادات كبيرة على مدى العقود التالية.
خلال القرن الحادي والعشرين اتجهت أقل من 10% من الأبحاث العلمية التي درست الاتجاهات المناخية للقرن الحادي والعشرين نحو التبريد المستقبلي، في حين توقعت معظم الأبحاث الاحترار المستقبلي.
ومع اتساع تأثيرات التغير المناخي والاحتباس الحراري جراء النشاط البشري على الأرض، كثفت المنظمات الدولية والإقليمية من الدراسة والبحث في إمكانية تبريد الكوكب وأعلنت الحكومة الأمريكية منذ نحو عامين عن إطلاق برنامج بحثي تشارك فيه وكالات مثل وكالة ناسا لدراسة كيفية التحكم في كمية ضوء الشمس التي تصل إلى الأرض، على سبيل المثال عن طريق نشر الجسيمات العاكسة في الغلاف الجوي الطبقي أو في السحب السفلية.
فعملية التبريد التي يعكف العلماء على تطويرها لن تقلل من غازات الاحتباس الحراري وإنما ستكون طبقة عازلة ستعكس أشعة الشمس مما يقلل من تخزين الأرض للحرارة.
تكتيكات تبريد الأرض
تنقسم التدخلات الهندسية المناخية (أو الجغرافية) إلى قسمين رئيسسن الأول يتعلق بإزالة ثاني أكسيد الكربون من الجو، والثاني يتعلق بالسيطرة على الإشعاع الشمسي الذي يصل إلى الأرض (إدارة الإشعاع الشمسي، SRM).
وينطوي القسم الأول على تغيير النظم الإيكولوجية بحيث يمكن زيادة كمية ثاني أكسيد الكربون التي يتم امتصاصها من الكتلة الحيوية الأرضية والبحرية، ونشر كبريتات الحديد على سطح المحيطات، على سبيل المثال، لتعزيز نمو الطحالب التي تؤثّر على ثاني أكسيد الكربون من خلال التمثيل الضوئي.
بينما يرتكز القسم الثاني على تقنيات إدارة الإشعاع الشمسي زيادة انعكاسية سطح الأرض والسُحُبِ والغلاف الجوي.
ويشير التطبيق العملي المفترض للقسمين إلى عدة تكتيكات على النحو التالي:
محاكاة قوة البراكين
تعني حقن جسيمات الهواء الجوي في طبقة الستراتوسفير لتقليل كميات أشعة الشمس التي تصل إلى الأرض.
كما يسمح رش جزيئات ثاني أكسيد الكبريت في الغلاف الجوي الطبقي (أو طبقة الستراتوسفير) إلى انخفاض مؤقت في درجات الحرارة على سطح الأرض، مثلما يحدث بعد حصول الانفجارات البركانية الكبرى، ففي عام 1991 مثلا، أدى الغبار المتطاير في الغلاف الجوي نتيجة لثوران بركان جبل بيناتوبو في الفلبين إلى تبريد الأرض بمقدار 0.5 درجة مئوية لمدة عامين.
المظلة الشمسية
يتم فيها تثبيت الظل في منطقة من الفضاء الخارجي تكون متوازنة بين جاذبية الأرض والشمس على بعد حوالي مليون ميل.
وتحظى المظلات الفضائية بدعم من الجمعية الملكية إلى وكالة ناسا، إلى الاتحاد الأوروبي، حتى أنه أثار اهتمام السلطة الأكثر احتراما بشأن ظاهرة الاحتباس الحراري، وهي الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC).
طلاء المدن باللون الأبيض
يمكن للإنسان استلهام الحل في تبريد الأرض عن طريق طلاء المنازل والأسطح باللون الأبيض لتعكس أشعة الشمس إذ أن السقف الأبيض يكون أبرد بحوالي 30٪ عن السقف داكن اللون.
وقد تبدو هذه الفكرة بسيطة ورخيصة في الوقت نفسه لكن شريطة أن يتم تبني هذه الاستراتيجية في أنحاء العالم من أفريقيا إلى منطقة الشرق الأوسط وحتى المناطق الأوروبية للحفاظ على خفض درجات الحرارة.
استخدام أسطح البحار كمرايا
تغطية أجزاء كبيرة من المحيطات بما يطلق عليه "الرغوات الصناعية" في عملية تُعرف باسم "الرغوة المحيطية أو الفقاعات الدقيقة".
يشار إلى أن المحيطات تغطي 70 بالمائة من مساحة الأرض، بيد أن الماء الذي غالبا ما يكون داكنا بسبب أعماق المحيطات الكبيرة لا يعكس سوى القليل من أشعة الشمس ويمتص ويخزن الكثير من حرارة الشمس.
مخاوف التبريد
لا تحظى فكرة تبريد الأرض بطرق بيولوجية وبحجب جانب من الأشعة الشمسية القادمة إلى الأرض بإجماع علمي كامل بل تثار مخاوف كثيرة بشأن فكرة التلاعب بالمناخ على نطاق واسع.
ويرى فرانك بيرمان، أستاذ حوكمة الاستدامة العالمية في جامعة أوتريخت الهولندية أن الجانب السلبي لتقنيات تعديل الإشعاع الشمسي يتمثل في أنها لا تُعالج المشكلة من جذورها، وهي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
واعتبر بيرمان خلال ندوة علمية سابقة بجنيف حول ذات الموضوع أن الحديث عن هذا لن يؤدي إلا إلى تأخير جميع برامج سياسة المناخ، في وقت تتفق فيه معظم الحكومات والمزيد من الناس بشكل عام على ضرورة خفض الانبعاثات.
ويزداد القلق مع جهل العالم بالآثار المحتملة لتقليل ضوء الشمس على الغطاء النباتي وإنتاج الغذاء العالمي، فقد تكون تأثيرات الهندسة الجيولوجية الشمسية مختلفة في مناطق متباينة من كوكب الأرض، مع احتمال انخفاض هطول الأمطار في بعض المناطق، كما أن جزيئات ثاني أكسيد النيتروجين (المركب الكيميائي الأساسي في دراسات عمليات التبريد التي تعتمد الهندسة الجيولوجية) ضارة بصحة الإنسان وبالبيئة.
مخاوف أخرى تتعلق بالسيطرة على أنظمة التبريد العالمي وإدارتها وضمان عدم سوء استخدامها في حال تحققت وهنا يبرز تساؤلات بشأن من الذي يقرر التكنولوجيا التي يجب استخدامها؟ ومن سيتحمل المسؤولية السياسية ومن سيكون لديه السيطرة التقنية؟ ومن سيتحمل المسؤولية عن الآثار الجانبية غير المتوقعة؟