في زمن الحروب ينهمر سيل لا يهدأ من الأخبار، والتقارير على مختلف المنصات الإعلامية، وتحديداً من وكالات الأنباء الغربية.
تستغل هذه المنصات أو الوكالات حاجة الجمهور لمعرفة آخر الأنباء، للوقوف على حقيقة ما يحدث، وفهم مجريات الأمور.
مهمة الإعلام الأولى والأخيرة "الإخبار"، أي نقل الأحداث مجردة دون إخضاعها للهوى "سلباً وإيجاباً". هذا هو الدور المنوط بوسائل الإعلام المختلف طيلة الأوقات وتحت أي ظرف. للأسف الحاصل حالياً يُعاكس هذه الثوابت.
المنصات والقنوات التلفزيونية الغربية تقوم بدس "السم في الخبر" لخدمة أهداف وأجندات تستهدف إذكاء نيران الفتن داخل الوطن الواحد، أو بين الدول بعضها البعض.
الأمر تخطى أنماط العمل الصحفي الذي يمنح صاحبه مساحة للرأى مثل المقال أو التحليل الإخباري، وامتد إلى الخبر والقصص الخبرية.
مخاطر المصدر المجهول
كثيرون يعتبرون أن هذا النوع من العمل الإعلامي، يخضع أولاً وأخيراً لتراكم خبرات الكاتب، والمعلومات المتحصل عليها سواء عبر مصادره الخاصة أو قراءاته للمشهد، ومن ثم فإنه فرص " التوجيه" أو عدم الحيادية أكبر.
المصيبة الكبرى أن دس هذا السم انتقل إلى "الخبر". الخبر الصحفي يجب أن يكون واضحًا ودقيقًا، ويقدم المعلومات بموضوعية دون تحيز، كما يعتمد على مصادر معلومة وموثوقة. هل هذا يُطبق على أرض الواقع؟ قطعاً.. لا.
ما يفاقم من خطورة الأمر اتساع ظاهر "المصدر المسؤول أو المطلع"، حيث يتم نسب الأخبار والتقارير المشبوهة إلى هذا المصدر، ما يفقد الخبر الصحفي أهم أركانه المتمثلة في المصادر المعلومة والموثوقة.
يتم إجازة نسب المعلومات أو الأخبار إلى " المصدر المطلع" في أضيق الحدود، لحماية هوية المصادر التي قد تتعرض للخطر.
اتساع رقعة هذه الظاهرة في الصحافة يحمل عدة مخاطر، منها: يزيد من تشكك الجمهور في صحة الأخبار.
يتم استغلال هذا المصطلح لنشر معلومات غير مؤكدة أو مضللة. من الصعب التحقق من صحة المعلومات أو محاسبة المصادر غير المعروفة.
تُستخدم في التلاعب والتأثير على الرأي العام بطرق غير شفافة. أضف إلى ذلك أنه يُعرض الأفراد للظلم أو الأضرار نتيجة لنشر معلومات غير دقيقة أو مشوهة.
فتنة الماضي والحاضر
التاريخ الحديث يحفل بالعديد من الأزمات التي أشعلها " المصدر المجهول" أبرزها: انتشار أخبار وتقارير كثيرة ومتضاربة حول تطورات الأحداث في المنطقة، على خلفية الحرب داخل قطاع غزة.
كثيرة هي التقارير والتحليلات التي تعج بالمعلومات غير المنطقية، وتستهدف سكب المزيد من الزيت على النيران المشتعلة.
هناك أيضاً فضيحة جوديث ميلر الصحفية في صحيفة نيويورك تايمز، التي اعتمدت على مصادر مجهولة في تقاريرها حول أسلحة الدمار الشامل في العراق، ما أدى إلى أزمة في المصداقية والمهنية الصحفية.
خلال الأحداث التي شهدتها عدد من الدول العربية في العام 2011، إذا انتشرت العديد من التقارير التي اعتمدت على مصادر مجهولة، ما أدى أحيانًا إلى نشر معلومات مضللة أو مبالغ فيها. هذه التقارير أثرت على المواقف السياسية وأشعلت التوترات في بعض البلدان.
بيت القصيد.. تستخدم جهات بعينها وسائل الإعلام، لاختراق العقول بهدف تمرير أجندات تعزز من التوترات. أمام ذلك يتوجب علينا تعزيز قدرات الأفراد على فهم وتحليل الأخبار من خلال برامج تعليمية وتوعوية. الاعتماد على مصادر متعددة ومتنوعة للحصول على صورة متكاملة ومتوازنة للأحداث. بالإضافة إلى الاستفادة من الأدوات والتطبيقات التي تساعد في الكشف عن الأخبار الكاذبة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة