الاقتصاد التركي في عهد أردوغان.. إخفاقات غير مسبوقة
الهبوط المتواصل في قيمة الليرة التركية، وفشل حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان في السيطرة عليه، ضاعف آلام الأتراك وأزمات البلاد الاقتصادية.
ومع انخفاض قيمة العملة التركية، تدنت القوة الشرائية للمواطنين، وزادت أعباء ديون الشركات والعامة، وقفزت التكاليف في الصناعة،في الوقت الذي لم تقدم فيه الحكومة الحلول.
ودفعت سياسات أردوغان وأطماعه غير المشروعة العملة التركية إلى مستويات متدنية، وباتت وفق تقارير دولية الأسوأ أداء بين عملات الأسواق الناشئة هذا العام.
وفي تقرير حديث ،توقع بنك سوسيتيه جنرال أن تهوي العملة التركية إلى 9 ليرات مقابل الدولار بنهاية العام.
- ليرة تركيا خارج السيطرة.. هبوط قياسي جديد بدعم أردوغان
- حصاد اقتصاد تركيا "المر".. 40 مليار دولار عجزا تجاريا بضغوط الليرة
وهبطت الليرة 7% منذ أن أبقى البنك المركزي على سعر الفائدة الرئيسي مستقرا الشهر الماضي مخالفا توقعات واسعة لتشديد للسياسة النقدية يقول مستثمرون وخبراء اقتصاديون إنه ضروري.
ومنذ بداية العام خسرت الليرة 30% من قيمتها بفعل مخاوف بشأن عقوبات غربية محتملة على تركيا واستنزاف الاحتياطيات الأجنبية وتضخم مرتفع والاستقلال النقدي.
ويرى مراقبون أن الأزمات السياسية والاقتصادية التي تسبب فيها نظام رجب طيب أردوغان، زادت الضغوطات على الليرة والمتعاملين بها، وسط أزمة محتملة بظهور السوق الموازية للعملة داخل البلاد، مع احتمالية كبيرة لوصول الدولار إلى 10 ليرات مع بداية 2021.
تسارع هبوط الليرة
وردا على ما قاله البنك إنها خطوة حاسمة أخرى للحفاظ على السيولة، هوت الليرة الإثنين إلى 8.42 مقابل الدولار الأمريكي بعد أن لامست في وقت سابق أدنى مستوى لها على الإطلاق عند 8.444 .
واليوم الثلاثاء، كسرت الليرة المستوى الأدنى القياسي المسجل الإثنين، ليبلغ سعر صرف الدولار وفق أرقام البنك المركزي التركي 8.45 ليرة لكل دولار .
وتوضح بيانات أنه قبيل تولي أردوغان الحكم في 2014، كان سعر الدولار في السوق التركية 2.3 ليرة، ثم تراجع إلى 2.9 بنهاية عام 2015، مع ارتفاع نسب التضخم في البلاد، ثم إلى 3.52 ليرة مقابل الدولار بنهاية 2016.
وكان الانهيار الأكبر في سعر صرف العملة التركية في 10 أغسطس/آب 2018، بفعل أزمة دبلوماسية بين الولايات المتحدة وتركيا، بعد إقدام الأخيرة على اعتقال قس أمريكي اتهمته بالتجسس، ليسجل سعر الصرف حينها 7.2 ليرة للدولار.
ورغم من انخفاض أسعار الصرف في الربع الأخير 2018 إلى متوسط 5.2 ليرة للدولار ثم إلى 5.6 ليرة بنهاية 2019، إلا أن أسعار الصرف عاودت الهبوط بتسارع غير مسبوق منذ مايو/أيار 2020، وصولا إلى الأسعار المسجلة اليوم.
ويعود التسارع في هبوط الليرة إلى فشل السياستين النقدية والمالية في ضبط الليرة وتوفير حاجة السوق من النقد الأجنبي، وأسباب سياسية أخرى مرتبطة بتدخلات تركية في دول الجوار، وأخيرا حملات المقاطعة السعودية ضد المنتجات التركية.
سوق سوداء للدولار
تشير عدة دلائل إلى ظهور قريب للسوق الموازية للعملة في تركيا، من بينها تراجع مصادر النقد الأجنبي ممثلا بهبوط قيمة الصادرات التركية للخارج، وارتفاع عجز الميزان التجاري (الفرق بين الصادرات والواردات) خلال العام الجاري.
وأظهر مسح لـ"العين الإخبارية"، استند إلى بيانات وزارة التجارة التركية وهيئة الإحصاء أن العجز التجاري التركي خلال الـ10 أشهر الأولى من 2020، بلغ 40.2 مليار دولار، بنسبة ارتفاع 62% على أساس سنوي.
وبقراءة أرقام التجارة الخارجية، فإن عجز الميزان التجاري التركي مرشح لبلوغ 45 مليار دولار بنهاية 2020، مقارنة مع 30 مليار دولار قيمة العجز التجاري التركي في عام 2019.
وسبب آخر يشير إلى قرب ظهور تلك السوق، هو انهيار معدلات السياحة الوافدة إلى تركيا، التي تشكل إلى جانب الصادرات، أهم مصدرين لتوفير النقد الأجنبي في الأسواق المحلية.
في 2019، بلغ إجمالي عائدات السياحة 34.5 مليار دولار، فيما يتوقع أن تسجل البلاد عائدات لا تتجاوز 9 مليارات دولار خلال 2020، استنادا لتحركات قيم العائدات الشهرية في 2019و مقارنتها مع العام الجاري.
التضخم
تصدر خلال وقت لاحق من الأسبوع الجاري،بيانات التضخم في السوق التركية، عن شهر أكتوبر/ تشرين أول الماضي، وهو الشهر الذي هوت فيه الليرة على نحو غير مسبوق.
ومنذ 11 شهرا، لم تسجل نسب التضخم داخل الأسواق التركية معدلات دون 10%، وسط تجاوزه حاجز 12% خلال أكتوبر/ تشرين أول الماضي، في وقت عجز فيه البنك المركزي عن كبح جماح الصعود المتتالي التي تسجلها أسعار المستهلك.
وفشل المركزي التركي في السيطرة على التضخم،وآخرها إعلانه في أكتوبر الماضي رفع أسعار الفائدة 11.75% من 10.25%، مواصلاً خطوات تشديد إضافية لمواجهة ضعف الليرة، وإضعاف التضخم.
وبالنظر إلى شح أدوات السياسة النقدية للبنك المركزي التركي، فإن التوقعات تشير لاحتمالية زيادة جديدة في أسعار الفائدة في الاجتماع المقبل، حال تخطى التضخم حاجز 12% خلال أكتوبر.
من الأدوات الأخرى التي لم تنجح في كبح جماح أسعار المستهلك وضبط أسعار الصرف، السحب من احتياطي النقد الأجنبي الذي بلغ قبيل تولي أردوغان الحكم في 2014، نحو 115 مليار دولار، واستقر في أكتوبر الماضي عند 42 مليار دولار.
السيولة والذهب
وتؤكد بيانات رسمية أن أخطر خطوة تم تنفيذها مؤخرا من جانب البنك المركزي التركي لتوفير السيولة الأجنبية، البيع من احتياطي الذهب لديه، بهدف خفض تدهور العملة المحلية.
وأظهر مسح لـ"العين الإخبارية" استند إلى بيانات مجلس الذهب العالمي أن تركيا قامت ببيع 45.2 طن من احتياطي الذهب لديها خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وسط توقعات ببيع مزيد من الذهب خلال الشهر الجاري، مع تدهور أكبر في العملة.
ووفق أرقام مجلس الذهب العالمي، بلغ احتياطي الذهب لتركيا حتى مطلع الشهر الجاري 561 طنا، نزولا من 606.2 مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي.