غموض سياسي وتدهور أمني.. مخاوف من عودة الاشتباكات إلى طرابلس
اشتباكات مسلحة تنشب بين الحين والآخر في العاصمة طرابلس، كانت موجتها الأخيرة الأعنف، مما دق جرس الإنذار من عودة سيناريو مربع العنف.
وقتل 32 شخصًا وأصيب 159 آخرون أغلبهم من المدنيين إلى جانب تدمير عدد من المنازل والممتلكات والمباني السكنية والحكومية، في الاشتباكات التي نشبت بين المليشيات المسلحة في العاصمة طرابلس يومي الجمعة والسبت الماضيين.
ورغم أن المدينة الليبية يسودها حالة من الهدوء الحذر بعد توقف الاشتباكات، إلا أن سيناريو العنف لا زال يثير قلق القوى المحلية والدولية، وخاصة وأن أسبابه ما زالت حاضرة، ما يهدد باندلاعها من جديد في أي لحظة.
وبحسب خبراء سياسيين ليبيين استطلعت "العين الإخبارية" آراءهم فإن الوضع السياسي والأمني في العاصمة مشحون، مما يجعل احتمالية انفجاره إلى اشتباكات عنيفة في أي وقت وارد، لإزاحة طرف وتثبيت آخر، مطالبين بتحرك سريع لإنهاء حالة القلق التي تعيشها العاصمة.
فرصة أخيرة
وإلى ذلك، توقع رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة درنة الليبية يوسف الفارسي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، اندلاع اشتباكات في العاصمة طرابلس مجددًا لكن ليس على المدى القريب، إلى حين إعادة تنظيم صفوف كل طرف، مشيرًا إلى أن وقف إطلاق النار كان بسبب هروب مليشيات من الصراع المسلحة وليس باتفاق تهدئة.
وأوضح الفارسي، أن تمسك الأطراف السياسية التابعة لها هذه المليشيات بمواقفها السياسية سيكون غطاء لعودة تلك الاشتباكات مجددًا، مشيرًا إلى أن تناحر المليشيات غالبًا ما يكون على النفوذ وليس الشرعية فحسب؛ إذ يشكل بعضها مجموعات تعادي طرفا ما وإن لم تكن متفقة فيما بينها.
وحذر من أن عودة الاشتباكات مرة أخرى سيؤدي إلى موجة "في غاية العنف"، مؤكدًا أن الأطراف السياسية باتت تدرك أن أمامها محاولة أخيرة إما الانتصار أو الزوال بلا رجعة.
وأشار إلى أن المليشيات المسلحة هي أزمة ليبيا الحقيقية، مؤكدًا ضرورة بناء جيش قوي عبر دعم جهود اللجنة العسكرية الليبية المشتركة 5+5، وإزاحة هذه العناصر المسلحة، حال وجود رغبة في الاستقرار، سواء من الداخل الليبي أو الدول الراعية للأطراف المتصارعة.
وشدد على ضرورة إعادة تشكيل السلطة التنفيذية من خلال حوار مباشر بين الأطراف المختلف خاصة مجلس النواب، لإنهاء حالة الانقسام السياسي والاحتراب القائمة، وتشكيل سلطة موحدة قادرة على بسط سيطرتها على كافة الأنحاء والإعداد للانتخابات، وتنال رضا محليًا ولو بشكل مرحلي.
مفاصل الدولة
المحلل السياسي الليبي محمد قشوط وافق الفارسي في تصريحاته، مشيرًا إلى أن التركيبة المليشياوية بالمنطقة الغربية تسيطر على كل مفاصل الدولة بالعاصمة منذ عام 2011 وخاصة بعد أحداث 2014، وانقلاب مليشيات تنظيم الإخوان الإرهابية على إرادة الشعب في انتخابات مجلس النواب.
وأوضح قشوط في حديث لـ"العين الإخبارية" أن عودة المواجهات المليشياوية يبقى احتمالا واردا، خاصة أن أيا من الطرفين لم يخسر قوته وعتاده وإن تغيرت بعض مواقعها، مشيرًا إلى أن الأطراف الأخرى ستسعى لتمكين نفسها لضمان بقاء الطرف السياسي الموالية له، خاصة مع وجود دعم من بعض الدول المتداخلة في الملف الليبي، والتي ترى أن مشروع الفوضى قد يحقق لهم أكثر من الاستقرار في ليبيا .
وتوقع قشوط عودة رئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب، والمليشيات المسلحة الموالية له لمحالة دخول العاصمة، إذ لم يعد أمامه أي خيارات أخرى لاستلام السلطة، وإلا فإنه سيجد نفسه أمام انتحار سياسي قد ينتهى بسحب الثقة منه.
وأشار إلى ضرورة اتخاذ عدة خطوات لترسيخ الأمن بالعاصمة ولضمان عدم عودة الاشتباكات؛ أبرزها تفكيك تلك العناصر المسلحة سواء بالقوة أو عبر برنامج وطني يعيد تأهيل أفرادها، وتشكيل حكومة قادرة على العمل في كل أنحاء البلاد، وتمكين القوات المسلحة من فرض الأمن في المنطقة الغربية، والعمل على تحرير العاصمة من النظام المركزي الذي كدس كل المؤسسات بها تحت رحمة المليشيات، ورهن مصير دولة بأكملها فيها.
احتكار السلاح
ويتفق المحلل السياسي الليبي سالم سويري في أن الاشتباكات في طرابلس ستستمر بانتشار التشكيلات المسلحة متعددة الولاءات والتي لا تأتمر بأمر أحد وتتصرف بتلقائية، مؤكدًا أن الاستقرار لن يعود إلى طرابلس إلا بحملة موسعة يتم فيها تسريح الميليشيات وسحب السلاح منها.
وشدد على ضرورة توحيد المؤسسة العسكرية ومساندة جهود اللجنة العسكرية الليبية 5+5، وحصر السلاح بيد الدولة، محذرًا من أن عدم حدوث ذلك سيؤدي إلى زيادة الاشتباكات وسقوط عدد أكبر من المدنيين.
aXA6IDE4LjIyNy4yMDkuMjE0IA== جزيرة ام اند امز