سياسيون لبنانيون: تنصل نصر الله من إطلاق الفاخوري "مسرحية"
مراقبون لا يستبعدون وجود صفقة تقضي بإطلاق سراح الفاخوري مقابل ألا تفرض أمريكا عقوبات على حلفاء حزب الله، وتقديمها مساعدات إلى لبنان.
هاجمت قوى سياسية وكتل نيابية الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، عقب الخطاب الذي تنصل فيه من عملية إطلاق سراح العميل الإسرائيلي السابق عامر الفاخوري في لبنان.
واعتبرت تلك القوى أن عملية إطلاق سراح العميل الإسرائيلي السابق ما هى إلا "مسرحية كتبت وأخرجت خارج البلاد".
ولم يستبعد مراقبون وجود "صفقة" تقضي بإطلاق سراح الفاخوري مقابل ألا تفرض أمريكا عقوبات على حلفاء حزب الله، إضافة إلى تقديمها مساعدات إلى لبنان.
وغادر العميل عامر الفاخوري، أمس الجمعة، الأراضي اللبنانية على متن طائرة خاصة أقلته من السفارة الأمريكية في عوكر، عائداً إلى الولايات المتحدة، التي يحمل جنسيتها.
وشكر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس، الحكومة اللبنانية على تعاونها لإطلاق سراحه.
وعلى خلفية قرار إطلاق سراح العميل الاسرائيلي السابق، تنحى رئيس المحكمة العسكرية في لبنان القاضي حسن عبدالله، عن مهامه، أمس الأول، كآخر تداعيات للأزمة، إثر حملة انتقادات طالته.
وقضى قرار المحكمة العسكرية الذي صدر، الإثنين، بكفّ التعقبات عن فاخوري من جرم تعذيب سجناء في معتقل الخيام وتسببه بوفاة اثنين منهم.
وذكرت "الوكالة الوطنية للإعلام" أن رئيس المحكمة العسكرية تنحى عن مهامه في بيان رفعه إلى قائد الجيش العماد جوزيف عون، على خلفية الحملة التي تعرض لها مع أعضاء هيئة المحكمة، إثر القرار الذي أصدره في قضية الفاخوري.
وفي قرار الإفراج عن الفاخوري، اعتبرت المحكمة أن الجرائم المسندة إليه "تعذيب سجناء عام 1998، سقطت بمرور الزمن العشري (أي مرور أكثر من عشر سنوات على وقوع الجرم المدعى به)، وقررت إطلاق سراحه فوراً ما لم يكن موقوفاً بقضية أخرى".
وأعلنت وزيرة الدفاع زينة عكر أنها ستعمل "على إقرار تعديل لقانون العقوبات بما يحول دون تطبيق مرور الزمن على أعمال العدوان على لبنان (المواد 273-274-275) وأيضاً إدخال الجرائم ضد الإنسانية ضمن أحكامه، وهي بالمفهوم القانوني العام غير مشمولة بمرور الزمن".
مسرحية كتبت خارج لبنان
وفور الظهور التلفزيوني للأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، الذي تنصل فيه من عملية إطلاق سراح العميل عامر الفاخوري، هاجمت قوى سياسية الحزب.
وقال الدكتور سليم الصايغ نائب رئيس حزب الكتائب اللبنانية والوزير السابق، في تصريحات لـ"العين الإخبارية": "ما نراه هو عملية توزيع أدوار بين الحكومة، وحزب الله في مسرحية كتبت، وأخرجت خارج لبنان".
وتساءل الصايغ باستنكار: "كيف خرج الفاخوري من مكان احتجازه دون معرفة حزب الله؟".
ومن جهتها، قالت الوزيرة السابقة الممثلة عن حزب القوات مي شدياق، عبر حسابها على موقع "تويتر": "سقط القناع وعند المصلحة سقط الاستكبار، يللي ضرب ضرب ويللي هرب هرب".
وأضافت: "ظهور تلفزيوني ضعيف لم يعد له معنى بعدما غادر المعني البلد، الأعذار ركيكة، وكل ما أتمناه أن يتسم الخطاب بالهدوء نفسه عند صدور حكم المحكمة الدولية في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري".
كم من قناع سقط!
وفي تعقيبه، قال رئيس "حركة التغيير" المحامي إيلي محفوض: "السيد حسن نصرالله غير مقنع وكلامه لا ينطبق على الوقائع على الأرض، ويتوجه به لجمهوره الذي يصدقه القول".
وأضاف محفوض: "يا سيد حسن إذا كانت الحكومة التي قامت بمعيتكم لا علم لها بإطلاق الفاخوري فهذا دليل على هشاشتها وتراخيها وغيابها عن ملف استراتيجي وأمني"، مردفاً: "في كلامكم هذا استسهال لذكاء اللبنانيين وكأنهم يعيشون على كوكب آخر؟".
بدوره، قال مستشار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي رامي الريس عبر حسابه على تويتر: "كم من قناع سقط بعد هذا التصريح!".
وأرفق تغريدته بتصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي قال فيه: "نشكر الحكومة اللبنانية لتعاونها في الإفراج عن عامر فاخوري".
ورأى النائب السابق فارس سعيد عبر حسابه على "تويتر" أن حزب الله لمس بعد مقتل قاسم سليماني أن الأوضاع تغيرت وقرر غض النظر عن قضية الفاخوري والبحث عن كبش محرقة، حمى الله لبنان".
وكان مساعد وزير الخارجية الأمريكي دايفيد شينكر نفى عقد أي صفقات بشأن إطلاق سراح الفاخوري، مؤكداً أن الجانب الأمريكي لم يتقدم بأي وعود، معتبراً في تصريحات صحفية نقلتها وكالة الأنباء المركزية اللبنانية: "لم نعد بالإفراج عن سجناء، ولم نعد بعدم تسمية أي من المسؤولين اللبنانيين، ولا نتحدث مطلقاً مع حزب الله".
تنصل حزب الله
وتنصل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله من صفقة إطلاق سراح عامر الفاخوري، نافياً أن يكون لحزب الله أي علم بهذه العملية، زاعماً في ظهور تلفزيوني له أمس: "لا علم لدينا بوجود صفقة وما نعلمه أنه لا توجد صفقة، ونحن لسنا طرفاً ولم نغض الطرف عنها".
ولفت نصر الله إلى ما وصفه بـ"وجود شائعات وتحليلات واستنتاجات مما يؤدي إلى التضليل وتشويه الصورة لدى الرأي العام، خاصة لدى جمهور المقاومة".
وقال: "نحن أصحاب القضية ونحن لا نقبل بما حدث؛ لأنه أمر خطير، ولأنه لاحقاً سيسمح للأمريكي بممارسة الضغوط وتحقيق ما يريده".
وتابع متهكماً: "الحكومة لم تكن يوماً حكومة حزب الله ولا الدولة، دولة حزب الله، وفي المعادلة السياسية الداخلية هناك أطراف تأثيرها أكبر منا".
ونفى مكتب رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، في بيان له، أي علاقة للأخير بإطلاق سراح الفاخوري، قائلاً في بيان: "باسيل لا يعرف الفاخوري أصلاً ولا علاقة له به إطلاقاً، وكل كلام عن تعهد من باسيل لمساعدته هو تحامل وكذب".
وكتب رئيس الحكومة حسان دياب على حسابه على تويتر، أمس، قائلاً: "لا يمكن أن تُنسى جريمة العمالة للعدو الإسرائيلي. حقوق الشهداء والأسرى المحررين لا تسقط في عدالة السماء بمرور الزمن".
ومنذ اللحظة الأولى للإعلان عن قرار المحكمة تقاطعت معلومات عدة في لبنان عن أن الإفراج عن الفاخوري جاء نتيجة صفقة بين رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل وحزب الله.
ومن المعروف في لبنان أن قراراً كهذا لا يمكن أن يتخذ إذا لم يكن حزب الله موافقاً عليه، في الوقت الذي يرفع راية محاربة إسرائيل وطالب بمحاكمة الفاخوري منذ وصوله إلى لبنان، في سبتمبر/أيلول 2019.
aXA6IDMuMTQ0LjkzLjM0IA== جزيرة ام اند امز